عاجل:

الضربات الإسرائيلية تشتد في لبنان

  • ١٧

جاء في جريدة  “الانباء”:

عاشت البلاد بلبلة أمس، على وقع غارات جوية من الطيران الحربي الإسرائيلي على مناطق لبنانية، وتركزت خصوصا في الضاحية الجنوبية لبيروت والبقاع، فضلا عن ضربات متفرقة في مناطق في الجبل، كما حصل صباحا بين بحمدون وتلة شانيه (في عاليه)، وفي جرود فقرا بكسروان.

واستباحت إسرائيل البلاد بشكل واسع دون رادع حقيقي، منذ نفذت ضربتها الجوية الكبرى، غير المسبوقة منذ حرب يوليو 2006، عصر الجمعة في الضاحية الجنوبية لبيروت، في عملية ضخمة حددت الهدف منها اغتيال الأمين العام لـ ««حزب الله» السيد حسن نصرالله.

وأعلن الجيش الإسرائيلي رسميا عن «تصفية» السيد نصرالله ومجموعة كبيرة من القادة في «حزب الله»، الأمر الذي أكده «الحزب» بعد ظهر أمس، بعدما اكتفى بإصدار بيانات تقتصر على الأنشطة الحربية وردود رجال «الحزب» في استهداف مدن ومستعمرات إسرائيلية. وتعهد الحزب في بيان بمواصلة «مواجهة العدو وإسنادا لغزة وفلسطين ودفاعا عن لبنان وشعبه الصامد والشريف».

وكان الناطق باسم الجيش الإسرائيلي اللفتنانت كولونيل ناداف شوشاني أكد في مؤتمر صحافي افتراضي عبر منصة «إكس»، «القضاء»على حسن نصرالله. وأنه «تمت تصفية معظم كبار قادة حزب الله» معه.

ولاحقا، أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هغاري «تعديل تعليمات الجبهة الداخلية» كإجراء احترازي. وأعلن كذلك «عدم السماح بالتجمعات تحسبا لأي تصعيد». وقال المتحدث في مؤتمر صحافي ان الجيش الإسرائيلي يواصل «استهداف مواقع وقادة حزب الله في لبنان».

وأضاف: «نحن في حالة تأهب للدفاع والهجوم وعلى الجمهور الالتزام بالتعليمات»، محذرا «أمامنا أيام صعبة مليئة بالتحديات».

ولم تتوقف الغارات الإسرائيلية عن استهداف الضاحية الجنوبية لبيروت ومناطق لبنانية أخرى، بمزيد من الغارات. وتحدثت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية من جهتها عن «سقوط جرحى» في الغارة التي «استهدفت مبنى على طريق صيدا القديمة في مار مخايل» في الضاحية الجنوبية. ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مصدر عسكري أن «سلاح الجو نفذ عمليتي اغتيال» جديدتين في بيروت.

ولم يحل انشغال الناس بمتابعة تداعيات اغتيال نصرالله عن التطرق إلى ملفات تتعلق بنازحين جدد من الضاحية الجنوبية لبيروت، بعدما خرج القسم الأكبر منهم سيرا على الأقدام، وافترشوا الساحات العامة في العاصمة وعلى كورنيشها البحري، في مشهد أعاد إلى الأذهان حكايات «نكبة 1948»، ومغادرة الفلسطينيين مدنهم وبلدانهم في الحرب مع الجيش الإسرائيلي.

من جهته، حذر رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، من أن الخطر يهدد كل لبنان وجميع الطوائف، معتبرا أن النزوح في لبنان فاق كل التوقعات، عقب ساعات من تأكيد حزب الله اغتيال أمينه العام السيد حسن نصرالله.

وطالب بوقف النار وتطبيق القرار 1701، مؤكدا أن ما يحدث في الضاحية الجنوبية والعديد من المناطق اللبنانية خير دليل على ما يبيته العدو. وأضاف: «ذهبنا إلى الأمم المتحدة للتوصل إلى حل ولكن العدو ذهب بنية الغدر والتخطيط لمزيد من المجازر».

وشدد على ان تضامن اللبنانيين «اليوم هو أقوى رد على العدوان الإسرائيلي».

وقال إن «أهلنا الذين هجروا قسرا يستصرخون ضمائر الجميع بتوحيد الصفوف لمواجهة العدوان».

وجدد «في هذا الوقت الحرج التأكيد على دور الجيش والقوى الأمنية في حفظ الوطن»، وأكد أن الحكومة مستمرة في القيام بواجبها بالتعاون مع الأهالي وكل الجهات، واعتذر «عن كل تقصير قد حصل»، ووعد باتخاذ «العديد من الإجراءات للتخفيف مما يعانيه النازحون».

وشعر اللبنانيون بأنهم متروكون من «دول المحور» التي أطلقت على نفسها اسم الممانعة، وان كانت إسرائيل حاولت الإيحاء بأن هدفها يقتصر على ضرب قواعد «حزب الله» واستهداف قادته. لكن الحقيقة الراسخة ان البلاد دخلت في حرب واسعة، وبدأت مقومات الحياة فيها تتعطل تباعا وتتقطع الأوصال بين المناطق، وتصنيف البعض الأخيرة بالآمنة والخطرة، وما إلى ذلك.

وتفادى الناس التوجه إلى نقاط جغرافية تعتبر مستهدفة، وهذا سيؤدي في قادم الأيام إلى حصر الحركة في بقع جغرافية ضيقة، حفاظا على السلامة العامة، وتأمينا لمقومات صمود بدأ الناس يعدون لها خشية ان تؤدي الحرب الواسعة إلى فقدان مواد غذائية ومشتقات نفطية ومستلزمات طبية وغيرها، إجراءات بدت انها تقع على عاتق الأفراد، في ضوء تواضع الإمكانات الحكومية لدولة تعاني انهيارا اقتصاديا ونقديا ماليا كارثيا منذ نهاية 2019.

وفي قرار له دلالاته، أوعز وزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال علي حمية إلى مطار رفيق الحريري الدولي، بالطلب من الطائرة الإيرانية التي كانت متجهة إلى المطار أمس عدم الهبوط وعدم دخول الأجواء اللبنانية. وكان متحدث باسم الجيش الإسرائيلي أعلن عدم السماح بدخول السلاح إلى «حزب الله» عبر مطار بيروت، مشيرا «إلى مراقبتنا حركة المطار».

حياتيا، اعتمد اللبنانيون على اللجوء إلى قرشهم الأبيض الذين خبأوا ما استطاعوا منه إلى الأيام السوداء الحالية.

وفي موازاة التصعيد على الأرض، لجأت وحدات الجيش اللبناني إلى القيام بإجراءات أمنية استباقية احترازية بالانتشار في مفاصل أساسية في شوارع العاصمة، وقرب أحياء معينة على تخومها، خشية حصول إشكالات على خلفيات تتعلق بـ «الموزاييك» الطائفي والسياسيين اللبنانيين.

وعادت «النقزة» لدى سكان المناطق من النازحين، خشية تعريض أمنهم (السكان) للخطر، اثر «خبث إسرائيلي» في الإعلان عن استهداف مسؤولين وأفراد من «حزب الله»، كما حصل في بلدة بعذران الشوفية ليل الجمعة، باستهداف أوقع 8 ضحايا قتلى إلى عدد من الجرحى. وإثر ذلك تعرض مالك المنزل إلى حملة على وسائل التواصل الاجتماعي، فيها ان جشعه إلى المال تسبب في مقتل أشخاص من أبناء بلدته.

وأمكن تأكيد مغادرة عدد من العائلات النازحة في أحياء من الضاحية الشرقية لبلدة الشياح، بعدما شعروا بعدم ترحيب من السكان هناك به. وتحدث شهود عيان عن تنمر في متاجر لبيع المواد الغذائية في مناطق لبنانية ساحلية أخرى، بينها جبيل التي لطالما حافظت على العيش المشترك في عز الحرب الأهلية.

في أي حال، يدرك اللبنانيون انهم أمام حرب غير قصيرة المدى، ويطرحون السؤال الآتي: متى تتوسع وتطول مناطق جديدة كانت تعتبر نائية؟

ولعل الخشية الأكبر من تداعيات الضربة الإسرائيلية الكبرى على الضاحية عصر الجمعة، في حصول ارتدادات داخلية غير محمودة العواقب.

والأنظار على الجيش اللبناني وأهل السياسة لتفادي الانزلاق إلى عواقب لا يتمنى اللبنانيون أن يعيشوها مجددا.

المنشورات ذات الصلة