ايست نيوز ـ ترجمة باسم اسماعيل
قبل أسبوعين لم يكن من الممكن التشكيك في إخلاص المسلمين الشيعة اللبنانيين لإيران فلطالما كانت إيران بالنسبة لهم معقلهم السياسي والروحي ويقول الشيعة في لبنان وأماكن أخرى في المنطقة: "ما يمثله الفاتيكان بالنسبة لكم أيها المسيحيون تمثله إيران بالنسبة لنا نحن الشيعة بل أكثر من ذلك".
ومع ابتعاد إيران عن المواجهة المباشرة مع إسرائيل في الوقت الذي يتدحرج فيه حزب الله إلى أزمة أكثر من أي وقت مضى تتزايد الدلائل على أن الولاء في لبنان بدأ ينزلق فقد أصبح كورنيش بيروت ملجأ للعديد من المسلمين الشيعة الفارين من الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية ومن الواضح أن تجد استياءاً تجاه إيران حيث تتراوح المشاعر بين خيبة الأمل والاتهامات الغاضبة بالخيانة ونظريات المؤامرة.
تقول ربة المنزل هناء مراد 43 عاماً والتي تنام في سيارتها مع ابنتيها منذ الغارات الجوية التي قتلت حسن نصر الله: "لو أرادت إيران المساعدة لساعدونا منذ وقت طويل .. لقد تخلى عنا الجميع والآن تخلت عنا إيران أيضاً".
بينما ألمح آخرون إلى خيانة أعمق وأشد قتامة حيث ذهب أحدهم إلى حد القول إن إيران خانت نصر الله وكشفت عن مكان وجوده لإسرائيل مقابل تعهد إسرائيل بعدم ضرب البرنامج النووي الإيراني وقال: "إيران ضحت بنصر الله هذا هو التفسير الوحيد .. لقد نظمت إيران الاجتماع الذي قُتل فيه نصر الله وأخبرت إسرائيل بمكان وجوده".
يُقال إن خامنئي قد شعر بالصدمة والحزن لوفاة رجل لم يكن يعتبره مجرد صديق مقرب بل كان يعتبره أعظم رصيد فردي للنظام الإسلامي في معركته ضد إسرائيل. ومع ذلك فإن حقيقة التعبير عن مثل هذه المشاعر تُظهر أن إيران تواجه خطر فقدان عاطفة الشارع الشيعي وهو أمر قد يؤدي بدوره إلى تقليص طموحاتها في الهيمنة الإقليمية.
ولكن على مدى الأسبوعين الماضيين تضررت سمعة حزب الله بسبب الهجوم العسكري الإسرائيلي المتواصل على لبنان الذي لم يقتل نصر الله فحسب بل أيضاً معظم كبار قادته.
ومع معاناة حزب الله الواضحة في القيام برد فعال فقد افترض العديد من اللبنانيين الشيعة أن إيران ستنضم إلى المعركة ولكن بدلاً من ذلك تراجعت طهران. وإدراكاً منها للتفوق التكنولوجي والعسكري لإسرائيل تخشى إيران أيضاً من أن حرباً شاملة مع الدولة اليهودية قد تستدرج الولايات المتحدة وقد تؤدي إلى سقوط النظام الإسلامي الذي تولى السلطة عام 1979.
إلا أن هذا الحذر ينطوي على تكاليف بحيث سيبدو تحفظ إيران وكأنه ضعف بالنسبة للكثيرين في الشرق الأوسط. والأسوأ من ذلك كما هو واضح سيكون هناك نفحة خيانة أيضاً. يقول حيدر وهو مواطن شيعي فر من منزله في جنوب بيروت: "لقد ضحى حزب الله بنفسه من أجل إيران لكن إيران لن تضحي من أجل حزب الله".
ويفترض بعض اللبنانيين الشيعة أن إيران تعمل من وراء الكواليس وأنها لا تزال لديها خطة لهزيمة إسرائيل.
بينما رفض آخرون رفضاً قاطعاً تصديق موت نصر الله على الإطلاق فبالنسبة للعديد من اللبنانيين الشيعة كان نصر الله هو الرجل الذي منح طائفتهم المهمشة تاريخياً صوتاً سياسياً وشعوراً بالفخر وموقعاً في السلطة داخل المجتمع اللبناني.
قالت إحدى السيدات: "لم نرَ أي جثمان وهم يؤخرون الجنازة باستمرار .. ربما تكون هذه خطة لخداع الإسرائيليين وسنراه مرة أخرى قريباً".