إيست نيوز- ترجمة باسم اسماعيل
قبل السابع من أكتوبر من العام الماضي كانت إسرائيل تستمتع مبدئياً ببداية حقبة جديدة من القبول في الشرق الأوسط حيث اعترفت الامارات بالدولة اليهودية اعترافاً كاملًا وفتحت السعودية والبحرين مجالها الجوي بشكل دائم أمام الطائرات الإسرائيلية وقال ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إن البلدين يتحركان بثبات نحو تطبيع العلاقات وكانت هناك اتفاقات للتحرك نحو إقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع المغرب والسودان.
وبدا أن الرابط العاطفي بين الشعب الفلسطيني المنكوب والكثير من العالم العربي الذي أبقى إسرائيل منبوذة في المنطقة لعقود من الزمن يتلاشى لصالح هدف واشنطن طويل الأمد المتمثل في احتواء طهران.
بدأت إسرائيل العملية الجوية الانتقامية في غزة بعد ساعات من هجوم ٧ اكتوبر وهي العملية العسكرية الأكثر إثارة للجدل في تاريخ إسرائيل حيث يُعتقد أن نحو 41,500 شخص قد استشهدوا كما أصيب العديد من الجرحى وشرد الملايين.
ولكن سرعان ما أحيت هذه العملية التعاطف الكامن بين جيرانها العرب مع القضية الفلسطينية كما يبدو أن التقارب مع البلدان العربية الأبعد يعيش حالة من الجمود على أقل تقدير.
وقد أثارت الحملة أيضاً توتراً كبيراً مع داعمي إسرائيل الرئيسيين في الغرب.
وبذلك أصبحت غزة مرة أخرى نقطة ارتكاز السياسة في الشرق الأوسط.
ويحمل الحسم في غزة مفتاح تراجع كل من حزب الله والحوثيين كما يدعي كلا الطرفين.
أجبر الحوثيون إسرائيل المنهكة أصلاً في غزة والشمال على تحويل حراستها وحراسة نظام الدفاع الجوي "القبة الحديدية" إلى الجنوب لصد مئات الصواريخ والطائرات بدون طيار ففي تموز ضرب الحوثيون مبنى سكني في تل أبيب ما أسفر عن مقتل شخص وإصابة 10 على الأقل. وبقيامها بذلك فإن الجماعة تسحب الصراع في غزة من خلف الجدران العازلة وتجعل منه مشكلة للعالم.
تجد أمريكا نفسها تسير على حبل مشدود للرد على تهديدات وكلاء إيران بينما تحاول في الوقت نفسه عدم الانجرار إلى مواجهة مباشرة في الوقت الذي تتعرض فيه لضغوط لسحب ما تبقى من قواتها من العراق. وفي كانون الثاني قُتل ثلاثة من جنودها في قاعدة في الأردن في غارة بطائرة بدون طيار انطلقت من جنوب سوريا مما يعد تذكيراً للشعب الأردني بالوجود الأمريكي على أراضيه والذي لا يحظى بشعبية كبيرة إلى حد كبير.
وفي لبنان فقد أدت الهجمات الجريئة على أجهزة البيجر واللاسلكي ومقتل حسن نصر الله إلى هجوم بري إسرائيلي
وعلى الرغم من أن هذا الاجتياح يوصف بأنه "محدود" إلا أن الحرب قد تتطور إلى شيء أكبر بكثير مما رأيناه في غزة.
ويترافق ذلك مع خطر تصاعد الإدانة الدولية إذا ما شوهد المدنيون يُقتلون بشكل متعمد والمزيد من العزلة لإسرائيل بعيداً عن المستقبل الجديد الذي كانت تتطلع إليه قبل عام واحد فقط.
وفي نهاية المطاف سيناسب طهران أن يكون عدوها اللدود غارقاً في القتال في الشمال والجنوب إلى أجل غير مسمى.
في تموز اغتيل رئيس حركة حماس إسماعيل هنية في طهران وأطلقت إيران ما يقرب من 200 صاروخ باليستي باتجاه إسرائيل بعد ساعات فقط من الاجتياح البري للبنان.
من المؤكد أن المنطقة لم تكن أقرب إلى حرب شاملة في السنوات الأخيرة أكثر مما هي عليه الآن.
ويدعو المتشددون في إسرائيل إلى رد متطرف على طهران بحجة أنه مع إضعاف اثنين من وكلائها الرئيسيين (حزب الله وحماس) بشكل مؤقت لن يكون هناك وقت أفضل من ذلك لتوجيه ضربة.
سيكون هناك إغراء كبير لمحاولة تدمير المنشآت النووية الإيرانية وهو هدف قديم لنتنياهو ولكن جو بايدن يرى أن هذا سيكون رداً بعيداً جداً ولكن الأسئلة الرئيسية هي إلى أي مدى سيصغي نتنياهو وإلى أي مدى ستذهب واشنطن حقاً في أزمة ما لحماية حليفتها.