الوطن السورية: مع تزايد التصريحات التركية بشأن إعادة العلاقات مع سورية، رأى خبراء روسيون أن إمكانية التطبيع بين دمشق وأنقرة قائمة هذه المرة مع امتثال تركيا لمطالب سورية التي سبق أن رفضتها الإدارة التركية وتتلخص في إعلان استعدادها لسحب قواتها المحتلة من شمال سورية ووقف دعم الإرهاب والمجموعات المسلحة الموالية لها والمناهضة للدولة السورية، وأشار أحد الخبراء إلى أن عملية التطبيع تأتي بالتنسيق مع واشنطن من جانب انقرة كما أنها تحظى بدعم روسيا والصين وإيران.
وقبل أيام، صرح رئيس الإدارة التركية، رجب طيب أردوغان، من بين أمور أخرى تخص العلاقة مع سورية، أن بإمكانه التعاون مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لتوجيه دعوة إلى الرئيس بشار الأسد لبدء عملية تطبيع جديدة للعلاقات بين البلدين، ويأتي الاهتمام الروسي بعد أن تعثرت العام الماضي جهود الوساطة التي أشرفت عليها موسكو لنحو سنتين، عقب رفض أنقرة الامتثال لمطالب الحكومة السورية بانسحاب قوات الاحتلال التركي من سورية، قبل أن تعاود أنقرة إعطاء زخم جديد للتقارب مع دمشق.
وبهذا الصدد رأى المختص في شؤون الشرق الأوسط، الكاتب السياسي الروسي أندريه أونتيكوف، أن قرار أنقرة بالتطبيع مع دمشق تم اتخاذه بالتنسيق مع الولايات المتحدة، في أجواء بات واضحاً فيها أن جميع دول المنطقة ودول غربية مهتمة بتطبيع العلاقات بين دمشق وأنقرة، حسبما نقلت وكالة «نورث برس» الكردية.
ووفقاً لأونتيكوف، فإن إرهاصات التقارب بين سورية وتركيا جاءت نتيجة دعم من روسيا والصين وإيران وتشجيعاً أيضاً من دول عربية مؤثرة مثل السعودية والإمارات والعراق، وأضاف إن القناعة التركية تبلورت بأن مقاربة الملف السوري لم تعد ممكنة دون مراعاة التحولات الجيوستراتيجية التي حصلت مؤخراً في المنطقة، ومن أبرزها الانفتاح العربي والخليجي على دمشق وانهيار جولات صيغ جنيف وسوتشي وأستانا على ضوء فشلها في فرض الإرادة التركية في شمال سورية، وتابع أونتيكوف أن نجاح عملية التطبيع، في حال انطلقت ستكون مشروطة بالتزام أنقرة باحترام وحدة الأراضي السورية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.
محلل الشؤون الدولية الروسي، دميتري كيم، رأى أن تركيا باتت قاب قوسين أو أدنى من «التفريط» بعلاقتها مع المعارضة المسلحة في سورية التي دعمتها لسنوات طويلة، وهو شرط أساسي لتحقيق تسوية توافقية مع دمشق وإعادة العلاقات معها إلى المستوى السابق، وأشار بهذا السياق إلى تصريح لافت سابق لأردوغان قال فيه: «فقط المسلحون هم من يعارضون التطبيع المحتمل للعلاقات بين تركيا وسورية».
وتوقع كيم أن تكون بغداد هي العاصمة التي سيعلن منها استئناف العلاقات بين دمشق وأنقرة لكونها الأكثر قبولًا لدى الأطراف كافة كمكان لهذا الحدث، وأضاف الخبير الروسي أن مثل هذا التقارب يأخذ في عين الاعتبار أيضاً المصالح التجارية لتركيا التي لطالما كانت سورية تشكل ممراً شبه حتمي لمرور البضائع التركية المتجهة إلى دول الخليج وغيرها.