عاجل:

الإشاعة أشد خطرا من الرصاصة

  • ١٠٩

كتب سامي سماحة في جريدة الديار: 

في المعارك الكبيرة لا تذكر الدول المتحاربة أسماء قتلاها ولا أعدادهم حفاظا على معنويات القوى المقاتلة وعلى ثقة الشعب الذي هو البيئة الحاضنة ومن اجله تندلع الحروب. في المعارك الكبيرة يفوق فعل الاشاعة والكذبة فعل الرصاصة والصاروخ، فالإشاعة والكذبة تنتشر كالهشيم بين الناس فتقتل الآلاف إذا لم نقل الملايين من ضعفاء النفوس وأصحاب الشكوك بحتمية الانتصار وتحفر خنادق الانقسام التي تؤسس الى الشروع بالانهيار، بينما فعل الرصاصة قد يقتل جنديا او مجموعة جنود ويهدم متراسا وعمارة وهذا لا يؤثر على معنويات الجنود الذين يشكلون القوة التي تخوض المعركة، لأنهم يعلمون انهم سيقتلون ويُقتلون لكنهم يؤمنون بأنهم سينتصرون.

لقد أسقطت الاشاعة بغداد قبل أن يسقطها جيش الولايات المتحدة الأميركية، سقطت عندما أرسل العدو رسائل خطية وشفهية الى الضباط يقول فيها: لا داعي لتقاتل سقطت بغداد.

سقطت برلين قبل ان يصل اليها الحلفاء عندما بث العملاء والخونة بين الناس انها غير قادرة على مقاومة الأعداء ومن الأفضل الاستسلام.

لم يعرف الضابط من أرسل له الرسالة لكنه شعر ان العدو أرسلها، لذلك أرعبته قوة الاختراق فانهارت قواه، ولم يعرف سكان برلين من بث الاشاعة لكنهم شعروا انهم على حافة الهزيمة ففضلوا الاستسلام.

نحن اليوم أمام نموذج يشكل خطرا على الامة والوطن، فمصدر الاشاعة والكذب لم يعد العدو وحده بل أصبح ابن البلد شريكه في فبركة الاشاعات والأكاذيب علنا وخانة هذا الفعل الخيانة.

نحن ننحر نحن، ليس في لبنان فقط، فقد رأينا ذلك في بغداد حين ركب الدبابة الأميركية جماعة المعارضة بألقابهم وأسمائهم وما يمثلون من فئات في العرق، وعندا بدأ الربيع العربي في الشام حيث ركب "الأحرار الجُدد" الذين يمثلون خليطا من الماركسيين والاخوان المسلمين والدواعش والعروبيين متن السفينة التركية والطائرة الأميركية وطائرات العدو على أمل إسقاط الدولة في الشام، هذا لم يعد سرا ولم يعد مُخجلا فقد أصبح بالنسبة اليهم مبرَرا.

وكم من الاشاعات التي أطلقها أطراف هذا التحالف الغريب العجيب التي دفعت صديقا من أصدقائهم قي لبنان أن يراهن على سقوط الدولة في الشام بحلق شاربه من ميلة وتركه من الميلة الثانية، طبعا لم يفعل ذلك ولم يطالبه أحد بتنفيذ وعده.

غاية سلسة الاشاعات والأكاذيب بث الرعب بقوى الدولة ودفعها الى الاستسلام.

نحن ننحر نحن، ماذا يقصد ذاك المحلل السياسي الذي تستضيفه قناة الجديد ويخبرنا ان العدو سيصل الى البقاع الشمالي؟ ماذا يقصد أن يخبرنا المحلل الآخر عندما يخبرنا عن صوابية التعاون مع دولة العدو على غرار 1982؟

أليست غاية الاشاعات تخويف الناس ودفعها الى الاستسلام.

بالأمس قصفت دولة العدو عمارة يسكنها نازحون من الجنوب وزعمت انها تنفذ عملية اغتيال لأحد المسؤولين في المقاومة. ردة فعل أصدقاء المقاومة الخائفين قبل الخصوم هل من الضروري وجود هذا المسؤول بين السكان المدنيين؟ لم تطل المدة حتى وصل الجواب بيان من بعض البيروتيين يطالب بالتأكد من عدم وجود مسؤولين في البنايات البيروتية، هكذا استجابوا لأهداف الإعلان عن وجود المسؤول في بناية النويري.

مواجهة الاشاعة والكذبة تساوي مواجهة الرصاصة للرصاصة.

الاشاعة تزيد من الانقسام، الكذبة تقلل من الثقة بالنفس، تصدر الإشاعة والكذبة عن مراكز أبحاث ودراسات اختصاصها علم النفس بجميع فروعه، تصدران بشكل منظم وفي زمن محدد ومكان محدد. لذلك علينا ان لا نواجه بفوضى بل بخطة منظمة.

اذا كنا لا نستطيع مواجهة العدو بكذبة وإشاعاته، نستطيع مواجهة اشاعاته وأكاذيبه بخطة منظمة.

المنشورات ذات الصلة