ايست نيوز- ترجمة باسم اسماعيل
حذر مسؤولون ومحللون من وجود أدلة على تزايد نشاط تنظيمي "الدولة الإسلامية" و"القاعدة" في الشرق الأوسط.
وتخشى الأجهزة الأمنية في الشرق الأوسط من أن الصراع في غزة سيسمح لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) والقاعدة بإعادة بناء نفسيها في جميع أنحاء المنطقة مما سيؤدي إلى موجة من المخططات الإرهابية في الأشهر والسنوات القادمة.
ويقول المسؤولون والمحللون إن هناك بالفعل أدلة على زيادة التطرف الإسلامي المتشدد في العديد من الأماكن.
فقد أصبح فرع تنظيم الدولة الإسلامية خلال الشهور الأخيرة في صحراء سيناء أكثر فتكًاً. كما أن تصاعد هجمات التنظيم في سوريا قد أثار القلق بالإضافة إلى إحباط مؤامرات في الأردن.
كما أن تركيا قد قامت بعشرات الاعتقالات الشهر الماضي حيث سعت السلطات إلى مكافحة التهديد المتزايد من فرع تنظيم الدولة الإسلامية الذي يتمتع بوجود قوي هناك. كما بذل فرع تنظيم القاعدة في اليمن (تنظيم القاعدة في جزيرة العرب) جهودًا جديدة متضافرة لإلهام أتباعه لضرب أهداف غربية وإسرائيلية ويهودية وغيرها.
ويقول محللون ومسؤولون إن النشاط الجديد مرتبط بالصراع الدموي بين إسرائيل وحماس على الرغم من أن الأزمة الاقتصادية الواسعة النطاق وعدم الاستقرار واستمرار الصراع الأهلي يلعبان دورًا مهمًا أيضاً.
وقالت إحدى المصادر المطلعة إن غزة مصدر يغذي الإرهاب والتطرف في جميع أنحاء العالم الإسلامي. هناك رد فعل عاطفي قوي تجاه مايحصل فيها ولقد بدأنا نشعر بذلك.
ووصفت تريشيا بيكون خبيرة الإرهاب في الجامعة الأمريكية في واشنطن العاصمة والمحللة السابقة في وزارة الخارجية الأمريكية حرب غزة بأنها "قضية مؤثرة ستؤدي إلى تطرف الجيل القادم من الجهاديين". وأضافت: "قد لا نرى ذلك على الفور ولكننا بالتأكيد سنراه على مدى السنوات القادمة. لقد زادت بالفعل من التهديد الإرهابي".
وكانت الأمم المتحدة قد نشرت سلسلة من التقارير التي تلفت الانتباه إلى الجهود التي تبذلها الجماعات المتطرفة الكبرى لاستغلال الحرب في غزة لجذب مجندين جدد وتعبئة المؤيدين الحاليين على الرغم من أن كلاً من تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية أدانا حماس مراراً وتكراراً ولعقود بوصفها "مرتدة".
في شباط حذر تقرير للأمم المتحدة استند إلى مساهمة وكالات الاستخبارات في جميع أنحاء العالم من أن فرعًا رئيسيًا واحدًا على الأقل من فروع تنظيم القاعدة يخطط لعمليات طموحة في الشرق الأوسط وأماكن أخرى، وقد أعاد تنشيط استراتيجيته الإعلامية ومحتواه بشكل كبير مستفيدًا من الأحداث الدولية بما في ذلك هجمات 7 تشرين الأول لتحريض الجهات الفاعلة المنفردة على مستوى العالم.
وشدد المسؤولون الإقليميون على تأثير التعرض على مدار 24 ساعة يوميًا لصور المعاناة من غزة على شاشات التلفزيون والإنترنت واصفين الصراع بأنه "عامل دفع" يشجع على العنف المتطرف في جميع أنحاء الشرق الأوسط وأماكن أخرى.
قال محمد أبو رمان الخبير في الفكر الجهادي في معهد السياسة والمجتمع في العاصمة الأردنية عمان إن المنطقة تواجه موجة جديدة من التطرف "بسبب ما يحدث في غزة".
وأضاف: "هذا حدث ضخم والدول العربية ترفض القيام بأي شيء حياله وهناك خيبة أمل كبيرة".
وقد قتل أكثر من 38,000 شخصا في الهجوم الإسرائيلي الذي شنته إسرائيل على غزة وفقاً لمسؤولي الصحة الفلسطينيين. حوالي نصف هؤلاء الذين تم التعرف عليهم بالكامل هم من النساء والأطفال.
أما في العراق حيث أطلق تنظيم داعش خلافته في عام 2014، فيبدو أن خطر التشدد الإسلامي العنيف قد تم احتواؤه، ولكن في سوريا شن التنظيم أكثر من 100 هجوم على القوات الحكومية والمقاتلين الذين يقودهم الأكراد من قوات سوريا الديمقراطية خلال الأشهر الماضية حيث بلغ العنف ذروته في شهر آذار بمستويات لم يشهدها منذ عدة سنوات.
وقال المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية سيامند علي: "تستمر خلايا داعش الإرهابية في عملياتها الإرهابية. إنهم متواجدون على الأرض ويعملون بمستويات أعلى من تلك التي كانت موجودة في السنوات السابقة."
وفي إحدى الهجمات الأخيرة لقي سبعة جنود سوريين حتفهم بعد أن وقعوا في كمين نصبه تنظيم الدولة الإسلامية في محافظة الرقة في شمال سوريا، حيث قُتل 383 مقاتلاً (من القوات الحكومية والميليشيات الموالية) لها منذ بداية العام وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره المملكة المتحدة.
في الشهر الماضي تم تنبيه الأجهزة الأمنية الأردنية إلى مخطط في العاصمة عمّان عندما انفجرت متفجرات أثناء إعدادها من قبل متطرفين في أحد الأحياء الفقيرة في المدينة. وأدت المداهمات اللاحقة إلى اعتقال شبكة معظمها من الشباب الذين يبدو أنهم تأثروا بدعاية تنظيم الدولة الإسلامية.
وقالت كاترينا سمور وهي محللة مستقلة في عمّان إن الجماعات الإسلامية المتطرفة تغرق الإنترنت بالمواد بما في ذلك تعليمات لصنع القنابل. وقالت: "إنهم يستغلون الغضب في الأردن وهي في الأساس بلا قيادة ولكنها جزء من محاولة لزعزعة استقرار الحكومة والقيادة والدولة".
تلعب الظروف الاجتماعية والاقتصادية في الأردن دورًا أيضًا. حيث قال رمان: "هناك الكثير من عدم الاستقرار والشعور بعدم وجود أمل سياسي وارتفاع كبير في التضخم وفي معدل البطالة بين الشباب. كل هذا خطير للغاية."
ووصف تقرير الأمم المتحدة كيف أن الاتصالات العلنية من قبل تنظيم الدولة الإسلامية منذ 7 تشرين أول كانت تركز على الاستفادة من الوضع في غزة لحشد الجهات الفاعلة المنفردة والتي من الممكن أن تقوم بهجمات.
وتختلف الاستراتيجيات الإعلامية التي يتبعها تنظيم الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة مما يؤكد استمرار الخلاف حول الأولويات. فقد ظل تنظيم الدولة الإسلامية وفياً لإيمانه بضرورة استهداف الأنظمة المحلية أولاً، بينما لا يزال خطاب تنظيم القاعدة يشدد على حملة أكثر عالمية ضد "العدو البعيد" بما في ذلك الولايات المتحدة والقوى الغربية.
فإسرائيل قريبة جغرافياً والقضية الفلسطينية ( إلى جانب "تحرير" الأماكن الإسلامية المقدسة في القدس ) لطالما كانت مركزية في دعاية التنظيمين وإن لم تكن هدفاً مباشراً لهجماتهما.
وقد حذر تقرير الأمم المتحدة من أن تنظيم القاعدة يمكن أن يستغل الوضع في غزة لاستعادة أهميته والاستفادة من المعارضة الشعبية حول حجم الخسائر في صفوف المدنيين مما يوفر التوجيه المطلوب لأولئك المتحمسين للتحرك.
عانى تنظيم القاعدة من سلسلة من الانتكاسات خلال السنوات الأخيرة حيث قُتل زعيمه أيمن الظواهري في عام 2022 بالإضافة إلى الانقسامات الداخلية حول الاستراتيجية.
وقالت سمور إن تنظيم القاعدة كان يستهدف الشباب. وقد شملت إحدى الحالات في الأردن شابًا متفوقًا يبلغ من العمر 17 عامًا من عائلة مسلمة معتدلة ميسورة الحال في عمّان تم تجنيده من قبل المتطرفين في غضون ثلاثة أشهر فقط. بينما شملت حالة أخرى شابًا يبلغ من العمر 13 عامًا.
وأضافت: "إنهم أصغر من أن يطلقوا لحيتهم. يتم تشجيعهم على عدم إظهار علامات التدين العلنية. الأمر أشبه بالاستمالة. هناك نية لعزلهم والسيطرة عليهم".