في عملية لم تكن مفاجئة من حيث طبيعتها، أقدمت قوة كوماندوس إسرائيلية، فجر الجمعة، على تنفيذ إنزال على ساحل منطقة البترون في الشمال، وتوجّهت قوة خاصة ضمّت نحو 20 شخصاً ارتدوا زي جهاز أمني لبناني، يرافقهم مدنيون لم يُعرف ما إذا كانوا من عداد القوة أم عملاء لبنانيين ساعدوا القوة في الوصول إلى مبنى يضم عدداً من الشاليهات، حيث تمّ اقتحام شقة وخطف المواطن عماد أمهز.
ومع ذلك، طرحت مصادر مواكبة لـ"الأخبار" جملة من الأسئلة حول ما حصل، وهي ليست موجّهة إلى جهة بحدّ ذاتها، بل إلى كل الجهات الرسمية، وفي مقدّمها الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية، إضافة إلى قوات الطوارئ الدولية «اليونيفل» وتحديداً الألمان الذين يتولون مراقبة النشاط في المياه الإقليمية للبنان على طول الساحل اللبناني.
وبحسب المصادر، يمكن اختصار الملاحظات بالآتي:
أولاً، إن المنطقة المستهدفة ليس فيها أي وجود عسكري أو أمني لحزب الله، ولا يمكن اعتبارها قريبة من الحزب لناحية البيئة الاجتماعية والسياسية والطائفية.
ثانياً، إن العدو فقط هو من زعم بصورة شبه رسمية بأن المواطن المخطوف عضو في القوة البحرية للحزب، ثم سرّب أنه كان يقوم بنقل أسلحة إلى حزب الله من سوريا عبر البحر، فيما لا توجد أي رواية أو تأكيد لهذه المزاعم، علماً أن الرجل سبق له أن خضع لدورات قبطان بحري قبل عامين وعاد قبل شهرين للخضوع لدورة ثانية، وكان يرغب بالتقدم للعمل مع القوة البحرية في الجيش اللبناني.
ثالثاً، المنطقة التي حصلت فيها العملية تقع بكاملها تحت سلطة الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية الرسمية، ما يطرح سؤالاً عن دور هذه القوى والأجهزة في مواجهة مثل هذه الاختراقات، خصوصاً أن الجيش يعرف أن لدى العدو سوابق في عمليات الإنزال البحري، وأن طبيعة المواجهة القائمة مع العدو تفرض التحسّب لعمليات مشابهة. وبالتالي، فإن أي إجراءات عادية تحصل على الشاطئ كان يمكن أن تعطّل مثل هذه العملية.
رابعاً، وقعت العملية في عمق بحري يقع تحت حماية القوات الدولية، وتحديداً تحت سلطة القوة البحرية التي تشرف عليها ألمانيا، ما يفرض طرح أسئلة مباشرة على الجانب الألماني، عن دور استخباراته البحرية وراداراته العاملة على طول الساحل، إذ من المعلوم أن القوة البحرية الألمانية تعمل ليلَ نهارَ على مراقبة الساحل اللبناني، خصوصاً في السواحل الجنوبية، تلبية لطلب إسرائيل بالحؤول دون أي عملية تسلل بحرية، وتولّى الجانب الألماني التدقيق في عمليات البحارة والصيادين في كل المواقع الساحلية الجنوبية وصولاً إلى مرفأ بيروت. كما تقدّم البحرية الألمانية بصورة دورية معلومات عن حركة القوارب في البحر، وخصوصاً التي تنقل مهاجرين غير شرعيين إلى أوروبا. والسؤال يصبح مشروعاً أكثر، بعدما أقدمت القوات الألمانية في 17 تشرين الأول الماضي على إسقاط مُسيّرة تابعة للمقاومة كانت تتجه من فوق البحر نحو الأراضي المحتلة، علماً أن العدو المُجهز بأفضل أنظمة الدفاع الجوي يواجه معضلة دائمة في التعرف المسبق إلى حركة مُسيّرات المقاومة.
خامساً، هل ما حصل يجعل اللبنانيين أكثر اطمئناناً لتولي القوات الدولية والقوى الغربية حماية لبنان ومنع العدو من الاعتداء عليه، ضمن برنامج تنفيذ «واسع» للقرار 1701؟ وهل علينا أيضاً الصمت والقبول بالأمر لمجرد أن ذلك يمنحنا رضى المجتمع الدولي.
سادساً، تقع المنطقة ضمن نطاق يتحرك فيه الجيش الأميركي، بطريقة رسمية أو غير رسمية، بهدف تأمين «قواعد إجلاء لموظفيه وعسكرييه» أو للنشاط الذي يراقب خط سير بحري وجوي تقوم به السفارة الأميركية في لبنان مع قبرص. وبعدما كشفت «الأخبار» أمس عن الأشغال الجارية قبالة شاطئ ضبية، والتي لم تحصل على إذن رسمي من وزارة الأشغال ولم يعلن الجيش رسمياً أنها بعلمه، فإن من الضروري مساءلة القوى والشخصيات «السيادية» التي تنادي بحفظ السيادة اللبنانية عن موقفها مما جرى، وهل تعتبر ما حصل جزءاً من حرب لا تخصّها؟