مع اقتراب انتهاء فترة التمديد الأوّل لقائد الجيش العماد جوزيف عون، في 10 كانون الثاني المقبل، تزداد الضّغوط الغربيّة، خصوصاً من السفارة الأميركيّة، على المرجعيّات السياسيّة لعقد جلسة نيابيّة تحظى بنصاب قانوني، وتمرّر التمديد الثاني للقائد، بعدما تقدّم النائب جورج عدوان باقتراح قانون باسم تكتّل «الجمهوريّة القويّة» لرفع سن تقاعد قائد الجيش إلى 62 عاماً.
الضغط الغربي أدّى إلى إشاعة سيناريو عن إمكانيّة التئام هيئة مكتب مجلس النوّاب لوضع جدول أعمال جلسة تشريعيّة تُعقد قريباً بغية تمرير بند التمديد. لكنّ أجواء مجلس النوّاب لا تبدو على هذه الحال، خصوصاً أنّ رئيس المجلس نبيه بري لم يطّلع بعد على مشروع القانون، إضافةً إلى إشارته إلى أنّ لديه الكثير من الخيارات. وهو ما وصل إلى «اليرزة» التي يخرج زوّارها بأجواءٍ سلبيّة بشأن التمديد والرئاسة. ويستند هؤلاء إلى ما قاله بري لـ«الأخبار»، الأسبوع الماضي، بأنّ نوّاب كتلة التنمية والتحرير لم يحسموا أمرهم بعد في شأن المُشاركة في جلسة التمديد. كذلك يلفت هؤلاء إلى وقائع زيارة عون الأخيرة إلى عين التينة، لإطلاع بري على مُعطيات المؤسسة العسكريّة بشأن الإنزال الإسرائيلي عند شاطئ البترون وخطف اللبناني عماد أمهز. وينقل الزوار أنّ ما أزعج عون هو تقصّد رئيس المجلس عدم مُفاتحته بأمر التمديد لا إيجاباً ولا سلباً. وأكثر من ذلك، شعر القائد بأنّ جواً من العتاب ساد اللقاء بعدما ركّزت أسئلة بري حول سبب عدم قدرة أجهزة الرادار التابعة للجيش على التقاط إشارات الزوارق التي استخدمتها فرقة «الكوماندوس» الإسرائيلية، وتلميحه إلى قُرب مكان الإنزال من القاعدة الجويّة التابعة للجيش في حامات.
تركيز بري على الأسئلة معطوفاً على موقف الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الذي طالب قيادة الجيش ببيان يشرح ملابسات ما حصل، أغضبا عون الذي سبق أن وصلته أجواء من ضبّاط مقرّبين من بري، حول تخوّف بعض النوّاب من أن يؤدي تمرير التمديد إلى تشنّج شيعي - شيعي، فيما الأجدى العمل على تأمين حضور الكتل المسيحيّة. وقد تكون «اليرزة» بنت على هذه النصيحة، فحدّد عون بالتالي موعداً للنائب أسعد درغام (سبق أن ألغاه) الذي التقاه منذ يومين موفداً من رئيس الكتلة النائب جبران باسيل.
كلّ ذلك، أرسى أجواء سلبيّة في «اليرزة» في شأن التمديد، وإن كان المعنيون فيها يعوّلون على جهود السفارة الأميركيّة للحسم، مع ترجيحهم بأن يكون هدف بري رفع السقف بانتظار مقابل سياسي من الأميركيين.
وإذا كان قائد الجيش يُمنّي نفسه بتمديدٍ سيحصل عاجلاً أم آجلاً، فإنّ عدداً من الضبّاط بدأوا بتحرّكات نحو مرجعيّاتهم السياسيّة للضغط عليها من أجل عدم حصر التمديد بعون وقادة الأجهزة الأمنيّة، كما حصل السّنة الماضية، خصوصاً أن قانون التمديد للقائد بمفرده قد يكون عرضة للطعن.
ولا ينطلق الضبّاط في الرّتب العالية من الإجراءات القانونيّة في شأن قانون التمديد فحسب، وإنّما بمبدأ العدالة والمساواة الذي يجب أن يُراعى بين الضبّاط، واعتماد المعايير نفسها المُتّبعة في جيوش العالم لتكون سنّ التقاعد موحّدة بينهم. في حين أنّ اقتراح القانون الذي تقدّم به عدوان يعني إيجاد الغبن بين الرّتب، ومنها فارق ثلاث سنوات بين رتبتَي لواء وعماد وأربع سنوات بين رتبتي عماد وعميد... وذلك بعدما بدأت هذه الفوارق تظهر إثر قانون رفع سن تقاعد قائد الجيش من 59 إلى 60، في قانونٍ أُقر عام 1994.
ويعتقد هؤلاء بأنّ الأولى بأجهزة الدّولة وعلى رأسها قيادة الجيش، التي «تستقتل» من أجل تطويع مزيد من العسكريين بذريعة وجود ظرف أمني طارئ، أن تُدافع من أجل بقاء من هم في الخدمة سنةً إضافيّة أسوةً بعون، بدلاً من فتح باب التطويع. ويشير الكثير من الضبّاط إلى أنّ هذه الظروف التي «تبيح المحظورات» لا تستدعي تأخير تسريح قائد الجيش سنةً إضافيّة، بل فعلياً من يعملون على الأرض من قادة أفواج وألوية ومناطق، إذ إن هؤلاء يعرفون طبيعة الأرض واعتادوا اتخاذ القرارات وتنفيذ المهام الموكلة إليهم منذ سنوات، خصوصاً أنّ تغيير الكادرات العسكريّة في ظلّ هذه الظروف يضر بالمؤسسة العسكريّة، على اعتبار أنّ المناقلات لضبّاط جدد تؤثّر على الإنتاجيّة والوقت.
كما يتحدّث هؤلاء عن ظروف مأساويّة يعيشها بعض الضبّاط الذين خسروا منازلهم بفعل العدوان الإسرائيلي. وفيما تهتم قيادة الجيش بأمورهم بعدما أمّنت لهم أماكن لإقامتهم مع عائلاتهم، إضافةً إلى المساعدات التي يتلقّونها، فإنّ إحالتهم على التقاعد تعني خسارتهم لكلّ هذه الامتيازات، وبالتالي سيكون مصير الضابط المتقاعد نازحاً ينتظر «كراتين الإعاشة»، والأمر نفسه ينطبق على العسكريين. وما يزيد الطين بلّة هو التأخر الحاصل في الماليّة في دفع تعويضاتهم، إذ تطول المدّة أكثر من 8 أشهر حتّى ينال المتقاعدون تعويضات نهاية خدمتهم، لا تتعدّى قيمتها 6 آلاف دولار.