عاجل:

قرار ترحيل "طويل" اجراء قضائي سليم

  • ٩٤

كتب داود رمال:

وُجد القانون لحماية سيادة الدولة وحقوق المواطن قبل أي امر آخر، واذا كانت المصلحة الوطنية العليا تقتضي اتخاذ اجراء من شأنه تأكيد سيادة الدولة على قراراتها وتوجهاتها، فيفترض ان لا يتأخر الامر انما ان يُبادر الى تنفيذه بالسرعة المطلوبة.

لبنان جزء اساسي من الاتفاقيات الدولية، ووقع على معاهدات واتفاقيات دولية واقليمية وثنائية، ومن بين الدول التي ابرم معها بروتوكولات قضائية هي الدولة الفرنسية، ناهيك عن ان أي مذكرة للإنتربول الدولي تُلزم الدول الاستجابة لما تتضمنه، وفي هذا السياق رحّلت السلطات اللبنانية إلى فرنسا تاجر المخدّرات الفرنسي عبد الكريم طويل المتحدّر من أصول تونسية والذي أوقف في مطار بيروت في 17 آذار/مارس الماضي، وذلك بناء على نشرة حمراء صادرة بحقّه عن منظمة الشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول) في إطار قضية تهريب شحنات من الكوكايين.

الا ان اللافت اعتبار المحامي المدافع عن طويل في لبنان بأن التسليم غير قانوني لأنه كان يجب أن يبتّه مجلس الوزراء بالإجماع وليس بأغلبية نسبية، مع اتهام الحكومة بتسييس الملف والتعامل معه كبيعة للدولة الفرنسية، هذا الكلام اعتبره خبير قانوني بأنه "مجافٍ للحقيقة ويحمل في طياته حسابات شخصية ومصلحية بعيدا من الوقائع القانونية والنصوص التي يحرص لبنان على الالتزام بها، كون النشرة الحمراء هي طلب يقدَّم إلى أجهزة إنفاذ القانون في أرجاء العالم لتحديد مكان شخص واعتقاله مؤقتا في انتظار تسليمه أو اتخاذ إجراء قانوني مماثل. وتستند إلى مذكرة اعتقال أو أمر محكمة صادر عن السلطات القضائية في البلد مقدم الطلب. وتبتّ البلدان الأعضاء استنادا إلى قوانينها الخاصة في اعتقال الشخص المعني أو عدم اعتقاله (وهذا ما حصل تماما مع طويل في لبنان). كما تتضمن النشرة الحمراء نوعين رئيسيين من المعلومات:

1-المعلومات اللازمة لتحديد هوية الشخص المطلوب، كالاسم، وتاريخ الولادة، والجنسية، ولون الشعر والعينين، والصور الفوتوغرافية، وبصمات الأصابع إذا توفرت.

2- المعلومات المتعلقة بالجريمة التي هو مطلوب لارتكابها، والتي تكون عادة جريمة قتل، أو اغتصاب، أو اعتداء جنسي على الأطفال، أو سطو مسلح.

وتتولى المنظمة إصدار النشرات الحمراء بناء على طلب بلد عضو، وينبغي أن تمتثل للقانون الأساسي للإنتربول وأنظمته".

واستنادا الى تنظيم قانون العقوبات اللبناني لموضوع الاسترداد يتضّح أن "شروط الاسترداد هي أربعة: 

1-انعقاد الصَّلاحِيَة القضائية للدولة الطالبة. 

2-انتفاء الصَّلاحِيَة القضائية للدولة اللبنانية. 

3- ازدواج التجريم للفعل في كلتا الدولتين وبشروط معيّنة.

4- عدم إدراج الجرم ضمن موانع الاسترداد.

وبالتالي فان اجراء الترحيل الذي قامت به السلطات اللبنانية بناء على اشارة القضاء سليم ولا تشوبه أية شائبة".

لذلك؛ فان المتحاملين على قرار القضاء اللبناني ممثلا بالنائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار بترحيل طويل، يضعون انفسهم في محل الشبهة والاستفهام الكبير، لجهة ان من حق القضاء اللبناني تنفيذ ما تتضمنه النشرة الحمراء طالما لا تتنافى مع القانون اللبناني، وهذا ما هو حاصل ومثبت وفق قانون العقوبات، الامر الذي يدفعنا الى طرح الاسئلة التالية على من انتقد القرار وحاول الباس انتقاده اللباس القانوني:

اولا: أليس من حق السلطة القضائية ممارسة استقلاليتها، والتي لا تحتاج الى قانون لتثبيتها انما يتم تثبيت هذه الاستقلالية بالممارسة، كون الدستور اللبناني نص صراحة عليها؟

ثانيا: هل يجوز للمدافعين عن المرحّل طويل، كيل الاتهامات انطلاقا من موقعهم الحقوقي، بينما يُفترض ان يكونوا خط الدفاع الاول عن القضاء والقانون؟

ثالثا: هل المطلوب ان يبقى لبنان، او بعض مناطقة ملجأ لكل انواع الفارين من وجه العدالة ولعصابات الجريمة المنظمة، التي يستفيد منها بعض المتحاملين على القضاء والامن، بما يعكس صورة سلبية جدا عن لبنان؟

رابعا: لماذا هذا الخلط بين القضائي والسياسي، ومن لديه ملاحظات على اداء الحكومة فليتوجه اليها مباشرة، وننصحه ايضا، ان يضغط عليها لاسترداد عشرات لا بل مئات اللبنانيين الموقوفين في دول العالم، وابرزهم السجين جورج ابراهيم عبدالله القابع في السجن الفرنسي منذ عشرات السنوات وبغير وجه حق؟".

المطلوب ان نشد على يد القضاء، لا سيما القاضي الحجار، في كل اجراء يثبّت فيه أكثر واكثر استقلاليته، وان يتم التعامل مع القرارات والاحكام القضائية على قاعدة "ان اخطأ فله أجر وان اصاب فله أجران"، وهو في ترحيل طويل أصاب وأبلى البلاء الحسن، وبالتالي أجره مضاعف.