جدد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، أمام وفد نقابة محرري الصحافة اللبنانية برئاسة النقيب جوزف القصيفي، المطالبة بفتح البرلمان لإنتخاب رئيس الجمهورية بحسب الدستور الذي يدعو الى جلسات انتخابية متتالية وليس الى جلسات حوار للإتفاق على اسم الرئيس.
وخلال اللقاء، أكد نقيب المحررين، على "وجوب مواصلة الالتزام بالنهج الذي أرسته القمة الروحية التي عقدت أخيرا في بكركي، وصدر عنها بيان نوعي تميز بالحكمة وحس المسؤولية في مقاربة الوضع الراهن، في ضوء تصميم العدو الاسرائيلي على إبادة من يستطيع إبادته في لبنان، وخلق أرضية لصدام بين مواطنيه يؤسس لحرب أهلية، وحمل ابنائه على النزوح منه، والامعان في تهجيرهم وتصدير أدمغتهم الخلاقة الى خارج يعرف كيف يستفيد من عطاءاتها وابداعاتها".
وأضاف "في هذا الجو الملبد بالغيوم الداكنة ثمة سؤال كبير بحجم الكارثة التي حلت بنا: أين يُريد أن يصل الكيان الصهيوني الغاصب؟ إلى ضرب وحدة لبنان؟ إلى افراز منطقين ومنطقتين؟ إلى ضرب ما تبقى من ركائز الوحدة الوطنية؟ إن الخوف من الفتنة هذه الأيام هو مشروع، ولو أصر كبار المسؤولين والساسة على نفي احتمال حصولها، ويبقى الأمل في الاصوات الداعية إلى التعقل، والحرص على التماسك الوطني على الرغم من تباين النظرة إلى الاحداث وقراءتها".
وتابع "إن توصيات القمة الروحية الأخيرة في بكركي حذرت من التمادي في الاستفزاز والمساس بالمشاعر، والذهاب بعيدا في الحرب الكلامية، وكنتم يا صاحب الغبطة والنيافة الأسبق إلى التحذير منها ومن تداعياتها، ولست أغالي اذا قلت ان توصيات قمة بكركي اشاعت أجواء إيجابية في اوساط الرأي العام اللبناني، نرجو أن تستمر من خلال متابعة أركان القمة لها، بغرض تحويلها إلى نمط يصب في مصلحة الاستقرار، ويفتح الطريق أمام حلول مرتجاة تنقلنا إلى واقع أفضل".
بدوره، قال الراعي "التهدئة هي مهمتكم وهي من صلب دوركم لطمأنة الناس في ظل تهجير الناس من بلداتهم ومنازلهم وفاق عددهم المليون و200 ألف شخص ولن ننسى الضحايا وهم بالألاف".
وتابع "الناس ليسوا بحاجة الى التغذية وإلى مراكز نزوح بل هم بحاجة إلى الكلمة الجميلة، الى الكلمة البناءة وإلى الكلمة التي تعزز لديهم الرجاء. نحن نحبكم ونقدر ما عملكم لخير لبنان. أنتم بناؤون تابعوا رسالة البناء. الكلمة لا تموت ودورها آت لا محال. ربنا يبارك أعمالكم ودوركم أساسي في هذه المرحلة الصعبة التي يعيشها لبنان".
وحول مقررات القمة الروحية، قال الراعي "هناك لجنة متابعة ستبصر النور قريبا لمتابعة مقررات القمة وتوصياتها وما هو مطلوب منها. وستكون هناك خلوة للجنة المتابعة حول موضوع النازحين لرفع مقرراتها الى قمة روحية ينحصر جدول أعمالها بموضوع النازحين".
وأضاف "نحن نعمل من أجل وحدة اللبنانيين ولاستقبال جميع النازحين، ونعمل للتهدئة ومن دون تمييز أو تفرقة. حديثنا ليس سياسيا بل حديثنا هو العيش الواحد للبنانيين الذين يجب أن يعيشوا معا".
وعن دور الفاتيكان في لبنان، أوضح قائلا "التقيت قداسة البابا خلال مشاركتي في تقديس الأخوة المسابكيين، وأنا طلبت من الفاتيكان قبول عدم مشاركتي في السينودوس وطلبت أن يمثّل المطران بولس روحانا البطريركية المارونية في هذا اللقاء، لأنه ملم بكل المواضيع التي كانت مطروحة وهو شارك في إعدادها من خلال عدة لجان وهيئات، وأنا تمنيت أن يكون هو في هذا اللقاء إذا وافق قداسة البابا. والتقيت قداسة البابا وتحدثت معه عن لبنان كما التقيت الكاردينال باروليني. لذلك ليس هناك لا استقالة ولا إقصاء".
وأشار أنه "في الحروب ليس هناك كلام عن انتصار أو إنكسار، في الحروب تقوم مفاوضات دبلوماسية، وللأسف هذه المفاوضات ما زالت غائبة ومن الممكن أن تحصل هذه المفاوضات مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، الذي وعد خلال حملته الإنتخابية، بأن ينعم الشرق الأوسط بالسلام. الحل يكون بالمفاوضات السياسية وليس بالإنتصار أو بالإنكسار".
وعن غياب الطرف المسيحي عن المفاوضات الحاصلة، اعتبر أنها "القضية عرجاء وليس من اليوم، ولكن منذ شغور كرسي رئاسة الجمهورية. وعدة مرات تحدثت عن ميثاقية عمل رئيس الحكومة وعمل رئيس المجلس النيابي في ظل غياب رئيس الجمهورية. أين هو العنصر المسيحي؟ غائب".
وعما إذا كان الحق على المسيحيين في عدم انتخاب رئيس جمهورية، قال "لا. ليس الحق على المسيحيين، بل الحق على إقفال المجلس النيابي في وجه هذا الإستحقاق. هذا أقوله دائما ونبهت الى خطورة هذا الموضوع. أين الميثاقية في ظل غياب رئيس الجمهورية؟".
ولفت أنه "من الخطأ القول أن الحق على المسيحيين في عدم انتخاب رئيس الجمهورية. المطلوب من رئيس مجلس النواب دعوة النواب إلى عقد جلسات متتالية لانتخاب الرئيس. أما القول ان انتخاب الرئيس ينطلق من الاتفاق على اسم الرئيس فهذا غير دستوري وغير منطقي. هذا المنطق هو إعطاء حق الفيتو "منين جيبا روحو اتفقوا على واحد؟". المطلوب جلسات متتالية، لا أكثر ولا أقل. جلسة حزيران 2023 كانت جلسة صحيحة ومن ثم أقفلنا المجلس ولم نعرف لماذا، والدستور يقول ان المجلس هو هيئة ناخبة".
وعن تأمين نصاب الجلسات، أكد أن "تأمين النصاب واجب، وعلى النائب الحضور الى المجلس النيابي لانتخاب رئيس. الحق من تغيب النائب عن جلسة الإنتخاب "مش شامم الدستور ريحة هذا القول". هناك ممارسات غير صحيحة لا بحسب الدستور ولا بحسب المنطق."
وعن التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون، أوضح الراعي "عبّرت عن موقفي في عظة الأحد. وقلت إنه لا يجوز تغيير قائد الجيش في هذه الظروف التي نعيشها اليوم، وفي ظل غياب رئيس الجمهورية والحرب الدائرة. ان تماسك الجيش ووحدته هي الأهم الآن، وهذه الظروف لا تسمح بتغيير قائد الجيش. وليس لدي أي غاية شخصية في هذا الموضوع".
وأكد قائلا "نعم أنا مع التمديد لكل القادة الأمنيين في هذه الظروف الصعبة".
وردا على سؤال حول عقد مؤتمر وطني، قال "أنا سبق وأعلنت ودعوت الى عقد مؤتمر وطني لدرس تطبيق اتفاق الطائف بنصه وبروحه ولا يمكن إلغاء هذا الإتفاق. وتطبيق القرارات الدولية التي لم تطبق وإعلان حياد لبنان. وهذه نقاط بحاجة الى عقد مؤتمر وطني دولي".