عاجل:

مثقفو لبنان في حالة الضياع

  • ٩٦

في أوائل سبعينيات القرن الماضي كان العلمانيون العابرون للطوائف والمتمردون على أبوّة الإقطاع السياسي وسلطته قد ملأوا الساحات وسيطروا على قيادات الاتحادات الطلابية الفاعلة فكانت الحرب اللبنانية في جانبٍ منها حرباً من أنصار الإقطاع السياسي على المدّ العلماني المزدهر . وقد أصيب العلمانيون نتيجة الحرب بالنكسات والخيبات والانكسارات...والهزائم. ومن معاناتهم في تلك الحرب  انهم انقطعوا عن التواصل فيما بينهم نتيجة بناء الحواجز على حدود الكانتونات التي تأسست على وجه السرعة. وكان كل ما جرى مُرضىً عنه من قبل الخارج ، بل وكان محاطاً برعايته .

وبعد الحرب التي طالتْ وما تبعها من ملحقات وجد المثقفون أنفسهم خارج تنظيماتهم المستقلة مُعطّلين عن العمل وبحاجة الى دخل فانتموا الى مؤسسات العمل المختلفة غير مبالين بانتماءات الايديولوجيات .

وبعد ردحٍ من الزمن تحولت الجدران الفاصلة بين الأيديولوجيات الى فواصل هلامية يسهل اجتيازها ولو باتجاه واحد . ثم انتهى عصر الايديولوجيات ليبدأ بعده عصر القناعات والولاءات  وسلطات الأمر الواقع De Facto .


واليوم يجد لبنان نفسه دون كتل ثقافية فاعلة ، فالمثقفون فُرادى لا يجمعهم اتجاه ولا يجتمعون على قناعة موحدة . ولأن العمر قد تقدّم بالتاريخيين منهم ، ولأن الظرف لم يسمح للحديثين منهم بتلقي ما يكفي من التوجيه الثقافي فقد صار المجتمع الثقافي في حالة تجاذب وضياع وتناقض ، المالكون للثقافة تنقصهم الديناميكية وسلاسة التحديث ، والناشطون الشباب معظمهم منتمون الى جمعيات خدماتية لا تكتمل في افرادها صفات المثقفين واوصافهم .

وصار المطلوب التركيز على عنصر الشباب الأنقى من حيث نقاوة الذهن والفكر والقضية ، وتحضير الاجواء للإستفادة من تجارب المثقفين المخضرمين النقية .

أما المثقفون الصامتون فهم كنز قد يكون ثميناً اذا أُحسِن اكتشافه وتوظيفه في مصلحة الوطن.


د.نزار دندش

المنشورات ذات الصلة