كتب ربى أبو فاضل في جريدة الديار:
لا يخفي العدو الإسرائيلي في حربه العبثية ضد لبنان، الهادفة إلى تدمير كل ما يقف أمامه وأمام مطامعه التوسعية،حقده وبعده عن الإنسانية، فهو من استهدف البشر والحجر والشجر دون رادع او اعتبار للقوانين الدولية بتهديدات علنية كان أخرها تهديده للصحفيين اصحاب الكلمة الحق والحقيقة الذين ينقلون جرائمه ضد الإنسانية جمعاء.
هذا التهديد يحمل في طياته تصعيدا خطيرا، حيث هاجم المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي على منصة "إكس" الإعلاميين قائلا "عندما يمتطي الإرهاب راية الإعلام ويتخفى وراء حبر مسموم وقلم ملوث ليغطي نشاطاته وتخطيطاته الميدانية، يصبح أكثر فتكا بالإنسان والإنسانية ومع ذلك، فإن هذا القناع المزيف لن يخفي حقيقته طويلاً، وسيكشف صاحبه عاجلاً أم آجلاً".
الكثيرون وصفوا هذه التصريحات على أنها تهديد مباشر للإعلاميين الذين وصفهم أدرعي بـ"الإرهابيين"، وهذا يعني نزع الحصانة المدنية عنهم التي تقرها الامم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان واليونسكو والصليب الاحمر الدولي والاتحاد الدولي للصحفيين والاتحاد العام للصحفيين العرب، ووضعهم في دائرة الاستهداف المباشر لآلة القتل الإسرائيلية وتصفيتهم.
وزارة الاعلام ونقابتا الصحافة اللبنانية ومحرري الصحافة اللبنانية والمجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع أصدرت بيانا نددت بهذه التصريحات مؤكدة أن مثل تلك التهديدات تعمم ثقافة الإرهاب وتشرعها داعية المجتمع الأممي والدولي والعربي إلى التحرك على نطاق واسع لردع هذا التوجه الخطير وغير المسبوق في أزمنة ألحروب والسلم مضيفة في بيانها "إن هذا التهديد الصريح يرتقي إلى مصاف جريمة حرب يعاقب عليها القانون الدولي وإن التصدي له أمر واجب وملح وطنيا، انسانيا ومهنيا، والمطلوب من الهيئات المعنية أن تبادر إلى تحرك سريع لدفع الخطر الذي يمثله تهديد أدرعي والذي يرمي إلى كم الافواه وضرب حرية الرأي والصحافة والاعلام".
الجدير بالذكر أن قرار مجلس الأمن رقم 2222 يشيرالى ضرورة حماية الصحفيين والإعلاميين والأفراد المرتبطين بهم الذين يغطون حالات النزاع كمدنيين، ويشير القرار أيضا إلى أن المعدات والمكاتب والأستوديوهات الإعلامية هي أصول مدنية وليست أصولا أو ممتلكات عسكرية ولا يجب ألا تكون هدفا لهجمات أو أعمال انتقامية.
إن التهديد باستهداف الصحفيين يعكس رغبة العدو الإسرائيلي في الانتقام من الصحفيين في محاولة لإطفاء كاميراتهم ومنع كشف حقائق جرائمه دون أن يقيم وزنا للقوانين والمواثيق والمعاهدات والاعراف الدولية في كل أنحاء العالم، الباحثة في العلاقات الدولية الدكتورة في الجامعة اللبنانية ليلى نقولا وصفت عبر منشور لها على منصة إكس أن استهداف الصحافيين "جريمة حرب كاملة الأركان"، في دلالة واضحة على مدى استهتار العدو بكل الدساتير والقوانين الدولية التي تفتقر إلى المحاسبة مما يساهم في تزايد الانتهاكات ضدّ الصحافيين الذين باتوا عين الحقيقة.
مصدر في وزارة الإعلام اكد أن "هذا التهديد الذي يطال جميع المؤسسات الاعلامية والاعلاميين و يتنافى مع مبادىء حقوق الإنسان والديموقراطية، وهو يصب في إطار ترهيب الاعلام للتعمية على ما يرتكب من جرائم وتدمير" مشيراُ إلى أن العدو الغاشم يسعى "لإسكات صوت الحقيقة ومنع وصولها إلى الرأي العام العربي والغربي، بهدف إخفاء الصورة الكاملة لما ترتكبه من مجازر ووحشية في جنوب لبنان".
من جهته اكد الصحفي في احد القنوات الإعلامية مفضلا عدم الكشف عن اسمه إلى أنه سيستمر في رسالته الإنسانية ونقل الحقيقة "فهذا واجب وطني"، مضيفا إلى أن "العدو الإسرائيلي عندما يشعر يالضغط من الكلمة الحرة يلجأ إلى قتلنا دون رادع فالجرائم الإسرائيلية ترتكب أمام أعين الجميع الغافلين عن هذه الانتهاكات، لكننا مستمرون مهما كانت التحديات".
هذا السلوك ليس جديدا على العدو الإسرائيلي، الذي سبق وارتكب جرائم مماثلة بحق الصحفيين فسجله في هذا المجال مليء بالانتهاكات فمنذ حوالي الشهر قام الطيران الحربي الإسرائيلي باستهداف "مجمع للشاليهات" في حاصبيا بجنوب لبنان، حيث كانت تقيم مجموعة من الطواقم الإعلامية، أدى إلى استشهاد مصور قناة المنار وسام قاسم، ومصور قناة الميادين غسان نجار والتقني فيها أيضا محمد رضا، كما أصيب عدد من الصحفيين والمصورين من قنوات أخرى، كما استشهد المصور عصام عبد الله، الذي كان يعمل في وكالة رويترز، نتيجة قصف استهدف مجموعة من الصحفيين في منطقة علما الشعب بتاريخ 13 تشرين الأول من العام الماضي، وفي تشرين الثاني 2023، استهدفت مسيرة إسرائيلية فريق عمل قناة الميادين في بلدة طير حرفا، مما أسفر عن استشهاد مراسلة القناة فرح عمر والمصور ربيع معماري.