عاجل:

هآرتس: إسرائيل هي "الدولة" العنصرية الأخيرة في العالم

  • ٦٣

كتب  ديمتري شومسكي، في صحيفة "هآرتس": أنه من السائد التفكير بأن حل الدولتين لم يحصل في أي يوم على دعم كبير من الجمهور الواسع في إسرائيل، وذلك بسبب الهياج الفلسطيني "القاتل" والذي لا يتوقف منذ اتفاق اوسلو وحتى الآن. ولكن الحقيقة هي أنه في السنوات الاولى لمشروع الاحتلال والاستيطان، الفترة التي فيها قضى الاسرائيليون وقت الفراغ بدون ازعاج في الاسواق في غزة، التي يحب أن يرتكز اليها رومانسيو “الدولة ثنائية القومية”.

التفكير بأنه يجب وضع نهاية لاحتلال شعب آخر لم تزعج راحة معظم الإسرائيليين. السبب الحقيقي والآن أيضا، يكمن في حقيقة أن استمرار السيطرة المباشرة، وغير المباشرة، على الشعب الفلسطيني لم يكن في أي يوم مرهون بالنسبة للاسرائيليين بدفع أثمان باهظة. 

إذا كان "الارهاب" الفلسطيني مع ذلك في العقود الثلاثة الأخيرة قد زاد أسهامه في تخويف الإسرائيليين من حل الدولتين، فان ذلك حدث بسبب العمى التراجيدي – الكوميدي الذي أصاب معظم الاسرائيليين في فترة ما بعد أوسلو. بالنسبة لهم اتفاقات أوسلو خلقت بالفعل واقع الدولتين، وفي أعقاب الانفصال عن غزة خلق واقع الثلاث دول. ولكن ليس فقط أن هذا الواقع لم يمنع "الارهاب"، بل على العكس، هو حتى شجعه على الظهور.

لقد غاب عن فهم معظم الاسرائيليين بأن التداعيات الفعلية لاتفاقات أوسلو طورت وسائل سيطرة أسرائيل على الشعب الفلسطيني، مع التأكيد الكبير على تفوق اليهود بين النهر والبحر. فقد غاب عن الوعي أن هذا الوضع المشوه الذي كان وما زال حقا من العوامل الرئيسية لارهاب الفلسطينيين، هو عكس نموذج الدولتين القوميتين المستقلتين، وهو النموذج الذي لم تتم في أي يوم تجربته هنا.

إزاء كل ذلك فان الدفع قدما بمشروع الضم لاراضي الضفة الغربية وشمال قطاع غزة، الذي تسعى اليه الحكومة الكهانية – البيبية الحالية، يمكن أن يؤدي الى تغيير جذري في عقلية الاسرائيليين، وغرس في عقولهم فكرة أن نموذج الدولتين، الذي ما زال قابل للتنفيذ بالتأكيد على الارض اذا توفرت الارادة المتبادلة للشعبين، هو الطريقة الوحيدة لضمان الوجود السياسي والامني لاسرائيل كدولة قابلة للحياة.

أولا، الضم سيؤسس بين البحر والنهر دولة جديدة، التي جوهر الابرتهايد فيها لا يمكن اخفاءه، لأن لا أحد في دولة العرق اليهودي  سيخطر بباله أعطاء الجنسية، حتى لعدد قليل من فلسطينيي العام 1967. نتيجة لذلك فانه من المرجح الافتراض بأنه خلال فترة قصيرة نسبيا ستنهار بمرة واحدة جميع السدود السياسية، وتسونامي من العقوبات والمقاطعات الدولية ستغرق دولة الابرتهايد اليهودية من كل الجهات. حياة الاسرائيليين ستصبح رويدا رويدا اقل قدرة على التحمل، الاقتصاد والسوق سيصلان الى شفا الانهيار، ونتيجة كل ذلك فان المزيد من الاسرائيليين سيبدأون بشكل جدي في التفكير بخيار تقسيم البلاد. 

تعميق الاستعباد القومي للفلسطينيين في أعقاب الضم سيفاقم المقاومة الفلسطينية ضد القمع الاسرائيلي، ومعنى ذلك هو أن موجات "الارهاب" ستصل إلى رقم قياسي جديد. هذا سيفتح عيون الإسرائيليين على العلاقة بين النضال القومي الارهابي للفلسطينيين وبين دولة الابرتهايد ثنائية القومية، وجعلهم يتبنون مقاربة إيجابية تجاه حل الدولتين. 

بنظرة تحليلية باردة فإن من يؤيدون حل الدولتين لا يجب عليهم الخوف من الضم. لأنه في الحقيقة مهما كانت المفارقة في ذلك فانه يبدو أن مسار خلاص الشعبين في البلاد من الاحتضان القاتل للمحتل والواقع تحت الاحتلال يجب أن يمر بجهنم “السيادة”. 

رغم ذلك يجب على بقايا اليسار في إسرائيل محاربة بجرأة هذيان الضم، وذلك لسببين، الاول، تطبيق هذا الحلم الخيالي سيلقي في المدى القريب على سكان المنطقة بين النهر والبحر المعاناة والألم بشكل غير مسبوق، وحتى لو كان من الواضح أنه من داخل الدمار والخراب سينمو انبعاث للشعبين، إلا أنه في نهاية المطاف فان الحكمة والاخلاق تقتضي عدم التضحية بالحاضر على مذبح المستقبل.

ثانيا، النضال الايديولوجي ونضال الجمهور ضد نظرية العرق القومي – الكهاني، الذي مشروع الضم هو درة التاج الاجرامية فيه، مهم جدا الآن للقلة الإسرائيلية الصهيونية لبلورة وإحياء قصة وطنية – ليبرالية، قديمة – جديدة. هذه هي القصة التي على أساسها سيتم بناء المجتمع المثالي، الاسرائيلي الليبرالي، بعد الانهيار المأمول لدولة الابرتهايد الاخيرة في العالم.

المنشورات ذات الصلة