- تصوير: عباس سلمان
- كتب إيال زيسر في صحيفة "يسرائيل هيوم":
- ها قد انتهت حرب لبنان الثالثة، هذا بافتراض أنها لن تعود لتندلع مع دخول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في أواخر كانون الثاني/يناير 2025. إذ من المفترض أن تنتهي المرحلة الأولى، الاختبارية، من تطبيق اتفاقية التسوية بين لبنان وإسرائيل.
- بينما يحتفل حزب الله في لبنان بما وصفه بـ"انتصاره"، بحسب تعبير أمينه العام نعيم قاسم، عندما قال: "لقد صمدنا أمام محاولة القضاء علينا، وبناءً عليه، نحن المنتصرون"، تسود في إسرائيل حالة من المرارة تفوق تلك التي عشناها في ختام حرب لبنان الثانية.
- لقد دخلنا حرب لبنان الثانية من دون أن نملك معلومات استخباراتية دقيقة عن حزب الله، ومن دون أن تتوفر لدينا دفاعات ضد الصواريخ التي أطلقها علينا، ومن دون إيماننا بقدرة القوات البرية على مواجهته. هذا كله أجبر إسرائيل، آنذاك، على التراجع والاكتفاء بالقرار 1701، وهو "قرار مليء بالثغرات"، كان واضحاً أن حزب الله لن يلتزم به.
- في هذه المرة، كانت نقطة انطلاقنا مختلفة، ومع ذلك، فإننا ننهي هذه المعركة، ويغمرنا شعور بالخيبة. ربما لم يكن لدينا خيار آخر، لكن يجب ألّا يكون لدى أيّ منّا أوهام بأن لبنان صار مختلفاً الآن، أو أن الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني سيرغبان في "ترويض" حزب الله، أو سيتمكنان من ذلك، أو أن قوات الـ "يونيفيل" وأمثالها، الذين أخفقوا في مهمتهم على مدار العقدين الماضيين، سينجحون فيها هذه المرة.
- من الأفضل ألّا نحاول التنبؤ بما سيحدث في المستقبل، لكن علينا أن نحاول إدراك سبب تفويتنا الفرصة التي أتيحت لنا لحسم المعركة ضد حزب الله.
- بدأت عملية "سهام الشمال" (التي لم يُطلق عليها حتى اسم حرب في الجيش الإسرائيلي) في أيلول/سبتمبر 2024، وانتهت بشكل مفاجئ. كان ذلك نتيجة عدد من الأحداث على طول الحدود، أو في الساحتين السياسية والدبلوماسية داخل إسرائيل. بناءً على ذلك، دخل الجيش الإسرائيلي المعركة بهدف الحد الأدنى - إعادة سكان الشمال إلى منازلهم، وبالتالي وضع خطة متواضعة خالية من المخاطر، في ظل الخوف الشديد من حزب الله، والذي ساد آنذاك. كانت المعركة ترتكز بشكل أساسي على احتكاك محدود بحزب الله على طول الحدود، وتوجيه ضربة وقائية إلى قدراته.
- لكن، منذ اللحظة التي اتضح فيها أن خوفنا من حزب الله كان مبالغاً فيه، وبعد أن ثبت خطأ التوقعات الكارثية بشأن قدرته على إطلاق آلاف الصواريخ يومياً، وشلّ الحياة في إسرائيل، والتسبب بآلاف القتلى، كان من الضروري تعديل أهداف الحرب ومسارها.
- يتعلق الأمر، أولاً وقبل كل شيء، بضرورة فرض ثمن باهظ على الحزب، وعلى الدولة اللبنانية التي تتعاون معه وتوفر له الحماية، ويكسر العمود الفقري للدولة اللبنانية، ويحرمها قدراتها، ويخلق رادعاً يدوم أعواماً طويلة مقبلة.
- لكن إسرائيل امتنعت من مهاجمة الدولة اللبنانية ومؤسساتها بسبب الضغوط الأميركية، أو ربما لأنه يوجد بيننا مَن يعيش في وهم وجود "لبنان مختلف" آخر هناك، غير لبنان حزب الله. يجب أن نتذكر أن الأصوات القادمة من لبنان، والتي تدّعي أن اللبنانيين، جميعهم، ضد حزب الله، ليست سوى صورة زائفة، فهؤلاء لم يتحركوا، ولن يجرؤوا على التحرك ضده.
- أنا أتحدث عن ضرب البنى التحتية ورموز الدولة، وأيضاً الجيش اللبناني، الشريك المتعاون مع حزب الله، في معاقل الحزب في الجنوب اللبناني وسهل البقاع.
- إسرائيل لم تضرب، تقريباً، الذراع السياسية والمجتمعية للحزب في لبنان، ولا مؤسساته ومشاريعه الاقتصادية. فلماذا تذكّرنا فقط، عشية إعلان وقف إطلاق النار، تنفيذ ضربة "نهائية" ضد 20 هدفاً في قلب الضاحية، ولم نهاجم بقوة مماثلة، على مدار الشهور الماضية؟
- وأخيراً، كان في الإمكان، منذ اللحظة التي اتضح فيها أن مقاتلي حزب الله لا يشكلون تهديداً حقيقياً أمام جنود الجيش الإسرائيلي، بل كان ينبغي، تعميق المناورة البرية إلى عُمق مناطق وجود حزب الله في الجنوب اللبناني.
- ربما كان لدى المستوى السياسي أسباب وجيهة للموافقة على وقف إطلاق النار مع حزب الله، الأمر الذي منحه طوق نجاة. لكن يبقى من الصعب الفهم كيف تحولت الحرب الوجودية التي خضناها بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر إلى عملية عسكرية محدودة ومقلصة في الساحة اللبنانية. لم يتبقَّ سوى الأمل بأنه عندما تندلع حرب لبنان الرابعة، والتي بدأ العد التنازلي لها الأسبوع الماضي، سنُبارك، ليس فقط لجنود رائعين واستخبارات ممتازة، بل أيضاً لعملية تخطيط واتخاذ قرارات أكثر نضجاً وفعالية.
عبريات