- كتب نير حسون في صحيفة "هآرتس": يزداد الوضع الغذائي في غزة تدهوراً، بحسب تقارير المنظمات الدولية العاملة في القطاع. وتشير الوثائق والتقارير الصحافية من القطاع إلى تفاقُم وضع تأمين الغذاء، وخصوصاً في منطقة جنوب القطاع، التي تسكن فيها أغلبية السكان. في يوم الجمعة، لاقت فتاتان (13 و17 عاماً) وامرأة حتفهن جرّاء التدافع لدى محاولتهن الحصول على الخبز بالقرب من مخبز في دير البلح في وسط غزة. وكانت المخابز، في معظمها، قد أغلقت أبوابها بسبب النقص في الطحين، وتُشاهَد صفوفاً طويلة حول المخابز القليلة والمطابخ الإنسانية التي لا تزال تعمل. وبحسب مصدر رفيع المستوى في الأمم المتحدة، فإن الجيش الإسرائيلي غير قادر، أو غير مهتم بالمحافظة على خط ثابت لإمدادات الغذاء، على الرغم من وجود مئات الآلاف من الناس الذين يعانون جرّاء سوء التغذية، وهو ما يزيد في الفوضى الاجتماعية في القطاع.
- حالياً، يعتمد سكان غزة، كلهم تقريباً، على الحصول على المساعدات الغذائية من المنظمات الدولية. بعد إغلاق معبر رفح، وبعد عملية احتلال ممر فيلادلفيا في أيار/مايو، سمحت إسرائيل لتجار القطاع الخاص بإدخال سلعهم إلى القطاع. وخلال أشهر، دخلت إلى القطاع كميات كبيرة نسبياً من الأغذية، وتحسّن الوضع الغذائي. لكن مصادر استخباراتية إسرائيلية ادّعت أن التجارة الخاصة تسمح لـ"حماس" بتحسين قدراتها، وأنها تجبي ضرائب على البضائع، وتستخدم تجاراً من طرفها. لذلك، اتُّخذ قرار وقف إعطاء التصاريح لاستيراد السلع الخاصة، وأُلقيت مهمة إدخال المواد الغذائية وتوزيعها على نصف مليون شخص من سكان القطاع على عاتق المنظمات الدولية، وفي طليعتها وكالات الأمم المتحدة.
- في الأشهر الأخيرة، تحوّل معبر كرم أبو سالم في جنوب القطاع إلى بوابة الدخول الأساسية للمواد الغذائية، بعد أن فرض الجيش الإسرائيلي انتقال نحو1.7 مليون شخص إلى السكن في هذه المنطقة في خيام كبيرة. لكن منذ شهرين، تقوم العصابات المسلحة بالسيطرة على الطرقات المؤدية من معبر كرم أبو سالم إلى خان يونس والمواصي. واتهمت المنظمات الدولية والأمم المتحدة الجيش الإسرائيلي بأنه هو الذي سمح لعصابات السرقة بالعمل من دون أن يوقفها أحد، وعرقلة انتقال الغذاء وتوزيعه. وقبل أسبوعين، حدثت سرقة قافلة تضم 100 شاحنة واختفت محتوياتها، ومنذ ذلك الحين، توقفت المنظمات الدولية عن نقل البضائع عبر هذه المنطقة. ونتيجة لهذا الوضع، تكدست في مخازن معبر كرم أبو سالم كميات كبيرة من المواد الغذائية، بينما مئات الآلاف من السكان الذين يعيشون على بُعد كيلومترات قليلة غير قادرين على الحصول على الغذاء.
- من أجل حلّ المشكلة، توصّل منسّق أنشطة الحكومة في المناطق مع الأمم المتحدة إلى حلّ، وهو إيجاد طريق بديلة لإدخال المساعدات، تمرّ بإسرائيل، ومعروفة في الجيش باسم "طريق بورما"، تيمناً باسم الطريق التي أنقذت القدس من الجوع خلال الحصار في سنة 1948. وبهذه الطريقة، تحمّل الشاحنات التابعة للمنظمات الدولية بالمواد الغذائية في كرم أبو سالم، وتخرج من القطاع إلى الأراضي الإسرائيلية، وتتجه شمالاً على طول السياج الحدودي، ثم تدخل مجدداً إلى القطاع عبر منطقة نتساريم في الوسط، ثم تتجه جنوباً، وتتجنب المنطقة التي يسيطر عليها اللصوص بالقرب في معبر كرم أبو سالم. وفي رأي مصدر في الأمم المتحدة، هذا الأسلوب لم ينجح. وفي يوم الاثنين أُعيدت 36 شاحنة، بينما سُمح لـ20 شاحنة فقط بإكمال طريقها. لكن منسق الأنشطة في المناطق يدّعي أنه أُعيدت شاحنة واحدة فقط، بعد الاشتباه في حمولتها.
- وقال مصدر في القطاع إن كل المخابز في جنوب مدينة غزة أغلقت أبوابها بسبب النقص في الطحين، ومن المتوقع أن يغلق المخبز الأخير الذي لا يزال يعمل في دير البلح أبوابه، اليوم، أو غداً، إذا لم تصل إليه شحنات جديدة من الطحين. وبدأت المنظمات الدولية بتوزيع أكياس الطحين على العائلات بسبب اضطراب الوضع الأمني وعدم القدرة على تأمين الطحين للمخابز.
- وتتحدث تقارير المنظمات الدولية عن ازدياد حدة الضائقة، وأن كميات المواد الغذائية التي تنجح في إدخالها وتوزيعها تتضاءل. نائب الأمين العام للشؤون الإنسانية طوم فلتشر قال يوم الإثنين: "إن الأزمة الغذائية تزداد، يوماً بعد يوم، في شتى أنحاء القطاع، ويزداد الجوع في وسط غزة وجنوبها". وجاء في بيان صادر عن البرنامج العالمي للغذاء أن "الأمن الغذائي في شتى أنحاء قطاع غزة يزداد خطورة، ويزداد عدد الناس المعرّضين للخطر، يوماً بعد يوم". وكتب يورغوس بتروبوليس مدير مكتب التنسيق الإنساني في الأمم المتحدة (OCHA) أمس في منصة X: "هناك أعمال شغب في غزة بسبب الغذاء، ويصاب الناس بالذعر مع استمرار التضييق على تأمين المساعدات الغذائية بسبب البيروقراطية الإسرائيلية والتهريب والفوضى"، ويرفض الجيش الإسرائيلي هذه الاتهامات، ويقول إن كميات المواد الغذائية التي دخلت القطاع ووُزعت على السكان ارتفعت.
المنشورات ذات الصلة