في تطورٍ دراماتيكي ومفاجئ، شهدت سوريا اليوم الأحد إعلان سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد رسمياً، بعد أن نجحت الفصائل المسلحة في السيطرة على العاصمة دمشق ومدن رئيسية أخرى، أبرزها مدينة حمص.
الفصائل السورية المسلحة أكدت أن دمشق "أصبحت الآن بدون الأسد"، في وقت يتوافد فيه الآلاف من المواطنين السوريين للاحتفال في شوارع العاصمة بعد الهجوم السريع الذي شنته هذه الفصائل.
وأوضح مصدران مقربان من الفصائل المسلحة أن البيان الأول إلى الشعب السوري سيتم بثه على شاشة التلفزيون الرسمي السوري قريباً، لكنه لم يحدد توقيته.
في وقت سابق، صرح أحمد الشرع، زعيم "هيئة تحرير الشام"، التي تقود الهجوم الواسع ضد النظام السوري، بأنه سيتم إبقاء المؤسسات العامة تحت إشراف "رئيس الوزراء السابق" إلى حين تسليمها رسمياً إلى السلطات المدنية الجديدة. وأضاف الشرع في بيان على تطبيق "تليغرام" أنه يُمنع منعا باتا الاقتراب من هذه المؤسسات أو إطلاق الرصاص في الهواء، مؤكدًا أن المرحلة الحالية هي مرحلة انتقالية تتطلب ضبط الأمن إلى حين الاستقرار التام.
من جانبه، أعلن رئيس الوزراء السوري محمد غازي الجلالي، الذي كان يشغل منصبه تحت حكم الأسد، أنه سيظل في منزله مستعداً لدعم استمرار تصريف شؤون الدولة لحين انتقال السلطة رسميًا. وقال الجلالي إنه لا يزال ملتزمًا بتسيير أعمال الحكومة لحين استكمال المرحلة الانتقالية.
وفي حديثه لوكالة "رويترز"، أفاد أحد الضباط السوريين بأن قيادة الجيش السوري أبلغت جميع الضباط العسكريين بأن حكم الرئيس بشار الأسد قد انتهى، بعد الهجوم الخاطف الذي شنته الفصائل المسلحة في الآونة الأخيرة. وأضاف الضابط أن هذا التطور يمهد الطريق للانتقال إلى مرحلة جديدة في تاريخ سوريا، بعد أكثر من عقد من الصراع الدموي.
وكانت الفصائل المسلحة قد أعلنت، صباح اليوم الأحد، السيطرة الكاملة على مدينة حمص الاستراتيجية، بعد معارك شرسة ضد قوات النظام، ما شكّل ضربة قاسية للنظام السوري، الذي كان يعتمد على المدينة كمركز رئيسي للجيش. تعتبر حمص من أهم المدن في سوريا، حيث أنها تربط بين المناطق الساحلية التي تُعتبر معقل الطائفة العلوية وبين المناطق الداخلية. ولطالما كانت حمص ساحةً من ساحات القتال العنيفة في الحرب الأهلية السورية، وتحريرها شكل نقطة تحول فاصلة في النزاع.
ويعد الاستيلاء على حمص، أحد أبرز الانتصارات التي حققتها الفصائل السورية المسلحة في السنوات الأخيرة، حيث جعلت المعارضة تسيطر على قلب سوريا الاستراتيجي. كما تم تحرير آلاف المعتقلين من سجن حمص المركزي، بينما غادرت قوات الأمن الحكومية على عجل بعد حرق العديد من الوثائق التي تدين النظام.
منذ ساعات الصباح الأولى، انتشرت الأنباء عن دخول الفصائل المسلحة إلى دمشق، في وقت خرج فيه آلاف المواطنين السوريين إلى شوارع العاصمة للاحتفال بما وصفوه بـ "نهاية عصر الظلم". وأكدت التقارير أن العاصمة أصبحت "بدون الأسد"، في إشارة إلى انهيار النظام الذي دام 24 عامًا. كما أشار العديد من الزعماء المعارضين، ومن بينهم هادي البحرة، زعيم تيار المعارضة السوري في الخارج، إلى أن دمشق قد دخلت في مرحلة جديدة من تاريخها بعيدًا عن حكم الأسد.
على مدار سنوات الحرب، كان الأسد يعتمد بشكل أساسي على الدعم الروسي والإيراني لتثبيت حكمه. كانت الطائرات الحربية الروسية تشن غارات مكثفة على المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، بينما أرسل حزب الله اللبناني وفصائل عراقية دعمًا ميدانيًا لقوات النظام. ومع ذلك، شهدت السنوات الأخيرة تراجعًا كبيرًا في الدعم الروسي والإيراني. حيث تركزت روسيا على الحرب في أوكرانيا منذ عام 2022، مما حد من قدرتها على دعم النظام السوري. من جهته، تكبد حزب الله خسائر فادحة خلال اشتباكاته مع القوات الإسرائيلية في لبنان، ما أثّر أيضًا على قدراته في دعم النظام السوري.
وقد أشار الرئيس الأميركي المنتخب في تصريحات سابقة إلى أنه لا ينبغي للولايات المتحدة أن تتورط في هذا الصراع، خاصة في ظل التطورات السريعة التي تشهدها سوريا.
في الختام، يشهد اليوم تحولا تاريخيا في سوريا مع الإعلان عن سقوط النظام السوري، الذي دام لمدة 24 عامًا تحت حكم بشار الأسد. الفصائل السورية المسلحة قد حققت انتصارًا استراتيجيًا مهمًا، ما يمهد الطريق لتغيير سياسي قد يعيد رسم خريطة البلاد بعد سنوات طويلة من الحرب. بينما خرج السوريون في الشوارع للاحتفال بانتصارهم، يظل السؤال الأهم حول شكل سوريا المستقبل وطريقة انتقال السلطة، وسط آمال وتحديات كبيرة في بناء دولة جديدة تقوم على أسس الديمقراطية والحرية.