كتب جوزف القصيفي في جريدة الجمهورية:
كان عدد من المراقبين يتوقعون تغييراً جذرياً في سوريا مع الرئيس بشار الاسد او من دونه. فتطورات المنطقة بدءاً بغزة والحرب الإسرائيلية على لبنان، وصولاً إلى سقوط حلب وتمدّد «هيئة تحرير الشام» إلى حماة غداة التحرك الميداني ضدّ النظام، ولّدت انطباعاً بأنّ «الزهر قد رُمي»، وأنّ العملية مستمرة لإسقاطه وحمله إما على الانخراط في عملية سياسية يكون فيها أحد اللاعبين وليس اللاعب الأوحد، أو التنحّي من خلال الضغط العسكري او السياسي او الاثنين معاً. وهذا ما حصل.
واللافت أنّ التطورات السريعة التي فاجأت العالم والتي أدّت إلى رحيل الرئيس، لم تكن على قدر كبير من العنف - عكس ما توقّع كثيرون- كما كان حرص على طمأنة الأقليات الدينية والطائفية في المناطق التي دخلها المسلحون، وتحييد المؤسسات الرسمية المدنية ومراكز الشرطة، كذلك تسهيل خروج الوحدات القتالية الرسمية التي لم تقاتل او التي كانت ترابط في مواقع وقعت تحت سيطرة المعارضة. هذا الأمر إن دلّ إلى شيء، فإنما دلّ إلى عمل مّتقن أدارَتهُ دول إقليمية ودولية بالتكافل والتضامن مثل تركيا والولايات المتحدة الاميركية، وبريطانيا وفرنسا وقطر، وكان لهذا العمل دوره في إظهار «ابو محمد الجولاني» بـ» نيو لوك» سواء بتقديم نفسه باسمه الحقيقي او بتوفير إطلالات له عبر وسائل إعلام دولية كالـ (CNN) وطروحاته التي غلبت عليها اللهجة المعتدلة، ودعوته إلى عدم التعرّض لأحد والحفاظ على وحدة سوريا وتنوعها. وكان واضحاً إثر انسحاب قوات الجيش السوري من حمص بعد الاستعدادات الكبرى التي أمّنتها للدفاع عن المدينة، وتوجّهها نحو الساحل السوري أنّ شيئاً ما قد حصل على المستوى السياسي في الدوحة حتّم هذه الخطوة، وأنّ بشار الاسد استشعر أن لا جدوى من القتال والأفضل له مغادرة البلاد، مفضلاً عدم التوجّه إلى الساحل السوري.