عاجل:

المهمّة الصعبة: التوافق على المرشّح والنصاب (الجمهورية)

  • ١٣٥

ضاقت المساحة الزمنية الفاصلة عن موعد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية المحدّدة في التاسع من كانون الثاني المقبل، من دون أن يوازيها حتى الآن، الإنطلاق الفعلي نحو بناء الأرضية التوافقية الإلزامية التي يفترض أنْ يقوم عليها هذا الإستحقاق. وسط حديث في الصالونات والمجالس السياسيّة عن بدء دوران العجلة التوافقيّة في فترة ما بعد عطلتي عيدي الميلاد ورأس السنة. وإذا كان التوافق على مرشّح او عدد من المرشّحين يعدّ مهمّة صعبة، الاّ انّ ما لا يقلّ صعوبة عن ذلك هو ضمان النصاب القانوني لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية المقرّرة في 9 كانون الثاني، والتزام الاطراف السياسية بالحفاظ على نصاب الجلسة انعقاداً وانتخاباً.

الجلسة مثمرة

رئيس مجلس النواب نبيه بري يؤكّد «أن لا تغيير أو تعديل في موعد الجلسة الإنتخابيّة»، ويذهب إلى حدّ الجزم بـ«أنّها ستكون منتجة ومثمرة، ولاسيما انّ موجبات حسم الاستحقاق الرئاسي باتت تضغط بقوة شديدة على الواقع اللبناني، وتفرض اولوية احتواء آثار العدوان الاسرائيلي، وتدارك ما قد يفرزه المشهد السوري الجديد من تداعيات، تضع كلّ المكونات السياسية في لبنان من دون استثناء، أمام امتحان القدرة الوطنية على تحصين البلد في وجه عواصف المنطقة».

منسوب التفاؤل عالي المستوى في عين التينة، الّا انّه، لكي لا يبقى حتى الآن تفاؤلاً من طرف واحد، يقتضي أن تتلقف الأطراف السياسية الكرة وتنخرط في مسار الحسم الرئاسي في جلسة 9 كانون الثاني. وبحسب مصادر عين التينة، فإنّ الرئيس بري كما يعوّل على انتخاب رئيس للجمهورية في 9 كانون الثاني، بحيث يشكّل هذا التاريخ حداً فاصلاً ونهائياً للوضع الشاذ في موقع الرئاسة الاولى، وللتراكم المتوالي للسلبيات والتعقيدات والمشكلات منذ بدء الشغور الرئاسي قبل أكثر من سنتين، وبالتالي فرصة ثمينة جداً للانتقال بالبلد إلى مرحلة النهوض من جديد، فإنّه يعوّل بالقدر نفسه على الخطوة التالية لهذا الانتخاب المتمثلة بتشكيل حكومة جديدة، يرى وجوب أنْ تتحقق تكليفاً وتأليفاً، في غضون أيّام قليلة لا تتجاوز نهاية الشهر الاول من السنة الجديدة».

لا خروج حتى الانتخاب

المرسوم لجلسة 9 كانون الثاني، على ما تقول مصادر مجلسية لـ«الجمهورية»، هو انّه إن أمكن حسم الانتخاب في جلسة اولى فذلك إنجاز كبير، اما اذا تعذّر ذلك، فالجلسات ستتوالى بدورات متتالية اولى وثانية وثالثة ورابعة وربما اكثر، ولا خروج للنواب من القاعة العامة لمجلس النواب الّا بعد انتخاب رئيس للجمهورية. وامّا الشرط الأساس لكل ذلك، فهو توفّر الإرادة التوافقيّة التي ينبغي أن تعبّر عن نفسها بكلّ وضوح في الفترة الحالية الفاصلة عن موعد الجلسة، والتي تتجلّى في التزام الاطراف السياسية والنيابية بنصاب تلك الجلسة انعقاداً وانتخاباً (نصاب الثلثين من عدد أعضاء مجلس النوّاب أي 86 نائباً فما فوق).

تجميع الصّورة

وفي انتظار إطلاق عجلة المشاورات التوافقية، فإنّ رصد الأجواء السياسية المرتبطة بالملف الرئاسي يفيد بأنّ النقاش السياسي يتحرك حالياً ضمن نطاقات ضيّقة في ما تبدو انّها محاولة لتجميع الصورة الرئاسية، ويغلب عليه المنحى الاستطلاعي في اتجاهات متعددة:

الاول، لمدى استعداد الأطراف إلى التوافق على مرشّح او اثنين او اكثر. ويلحظ في هذا الاطار، أنّ حزب «القوات اللبنانية» وحلفاءه لم يعبّروا عن رغبة صريحة بالتوافق. كما أنّ «حزب الله» لا يزال صامتاً حتى الآن. علماً انّ موقفه يتلخص باستمرار تمسّكه بترشيح فرنجية، وثمة من يؤكّد انّه ليس في وارد التخلّي عن هذا الترشيح او الدخول في توافق على مرشّح آخر.

الثاني، لمدى رغبة الاطراف في التجاوب مع الدعوة إلى انتخاب رئيس للجمهورية في جلسة 9 كانون الثاني، وتأكيد الالتزام بالمشاركة في تلك الجلسة والحفاظ على نصابها انعقاداً وانتخاباً.

الثالث، لمدى استعداد الأطراف على عدم وضع فيتوات على أي من المرشحين، وبالتالي ترك اللعبة البرلمانية والديموقراطية تأخذ مجراها، وليربح من يربح من المرشحين.

الرابع، للإطلاع على أجندة الشخصيات الثابتة جدّياً في نادي المرشحين لرئاسة الجمهورية. وللاستفسار عمّن هي الشخصية أو الشخصيات التي تنطبق عليها مواصفات التوافق وعدم التحدّي لأي طرف، وأيها الأوفر حظاً لكي يقع عليها الاختيار.

لا تبدّل حتى الآن

مصادر سياسية واسعة الإطلاع أكّدت لـ«الجمهورية» أنّه بناءً على استطلاع مواقف القوى السياسية، فإنّ الصّورة تتلخّص بما يلي:

اولاً، وجهة التوافق المسبق على مرشح أو مرشّحين ما زال يشوبها تعسّر، كونها لم تحسم من حيث المبدأ حتى الآن. حيث انّ قوى سياسية فاعلة لم تبدر منها أي اشارة تفيد بأنّها تقبل بهذا التوافق الذي اعتبرته يخلق آلية مخالفة للدستور، وشكّل رفضها له قاعدة ارتكاز لموقفها من الملف الرئاسي منذ بدء الفراغ الرئاسي وحتى الآن.

ثانياً، عدم حسم وجهة التوافق، نتيجته الطبيعية بقاء موضوع النصاب معلّقا حتى إشعار آخر. واكثر من ذلك، ما خلا الرئيس بري، فإنّ أيّ طرف لم يقدّم حتى الآن إشارة او إيحاء او تصريحاً يؤكّد التزامه بتوفير نصاب الجلسة الانتخابية في كل دورات الانتخاب.

ثالثاً، على مستوى المرشحين، لا يوجد أي تبديل في ما خصّ الترشيحات او الانسحابات، فثم العديد من الأسماء مدرجة في قائمة المرشحين: قائد الجيش العماد جوزف عون، رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، المدير العام بالإنابة اللواء الياس البيسري، الوزير السابق زياد بارود، فريد الخازن، العميد جورج خوري، الوزير السابق ناصيف حتي، سمير عساف وغيرهم. وقد انضمّ بالأمس إلى النادي النائب نعمة افرام الذي اعلن ترشيحه رسميّاً لرئاسة الجمهورية. وحتى الآن، كل تلك الأسماء ثابتة في النادي، ولكن من دون ترجيح كفة أيّ من هذه الأسماء، بالإضافة الى أنّ احداً منهم لم يعلن انسحابه، (ضمن هذا السياق ليس ما يؤشر الى أنّ الوزير فرنجية سينسحب من السباق الرئاسي).

رابعاً، ليس مستبعداً أن يكون ما يتمّ تداوله من أسماء لمرشحين معيّنين في الإعلام عملية متعمّدة لحرق مرشحين، وخصوصاً في موازاة ما يبدو انّه همس متجدّد لترجيح أحد الخيارات الرئاسية. وثمة كلام كثير داخل الغرف المغلقة عن دخول «قوى دولية كبرى» على الخطّ الرئاسي، وتشدّ نحو تغليب خيار أحد المرشّحين البارزين، ويتردّد في هذا الاطار أنّ اتصالات مباشرة بهذا المعنى تركّزت على عدد من النواب. وضمن هذا السياق يندرج موقف بعض سفراء اللجنة الخماسية.

يُشار في هذا السياق، إلى معلومات تفيد بتجدّد النقاشات في بعض المجالس حول ترشيح قائد الجيش، حيث أنّ ثمة آراءً سابقة أكّدت انّ ترشيحه يتطلب تعديلاً للدستور، وهو ما أكّد عليه الثنائي الشيعي، الّا أنّ رأياً آخر أُعيد طرحه في هذه المرحلة، ويفيد بأنّ الدستور لا يشكّل حائلاً دون ترشّحه، حيث أنّ في الإمكان استنساخ سيناريو انتخاب الرئيس ميشال سليمان في ايار من العام 2008.

رئيس توافق

إلى ذلك، أكّد السفير المصري في لبنان علاء موسى، أنّ «الرئيس القادم يجب أن يحمل معه مواصفات معينة تسهّل عمله، فالمطلوب منه أمور عدة ينبغي ان يتعامل معها وان يكون لديه تكاتف من القوى السياسية».

وأوضح موسى أنّ «المقصود بالرئيس الجامع أن يكون حاصلًا على التوافق بين الكتل النيابية، وبالتالي يجب ان يأتي بأكبر عدد من الأصوات». وكشف عن أنّ «الاجتماع الأخير بين اللجنة الخماسية والرئيس نبيه بري كان من أفضل وأكثر الاجتماعات وضوحاً، وبري أكّد التزامه بجلسة 9 كانون الثاني، وأنّه يسعى إلى الوصول لرئيس توافقي، وانّ الرئيس سيدعم القرار 1701».


المنشورات ذات الصلة