إيست نيوز ـ ترجمة باسم اسماعيل
كانت تتجاذب هيئة تحرير الشام طوال تاريخها عوامل الشد والجذب بين العناصر العملية والعناصر المتشددة في صفوفها وفي النهاية تم تهميش العناصر المتشددة لأن الجماعة تريد الحكم وهي إسلامية لكنها براغماتية جداً ومستعدة حقاً للتفاعل مع المجتمعات المحلية.
وبينما كان المقاتلون المتمردون يتجهون نحو دمشق في هجومهم الذي أطاح بالأسد ألقى قادتهم خطابات حماسية عن استعادة سوريا وليس عن إقامة دولة إسلامية.
جمع الأموال مثل الحكومة
نظراً لأن حكومة الأسد حاولت عزل المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في الشمال فقد توجب على تلك المناطق الاعتماد على تركيا للحصول على الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء والإرسال الخلوي. وقد أنشأت هيئة تحرير الشام شركات توزيع خاصة ظاهرياً لكن مالكيها كانوا مرتبطين بشكل وثيق بها. إلا أن مصدر دخلهم الرئيسي كان على الأرجح الرسوم الجمركية والرسوم الأخرى التي يتم تحصيلها عند معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا.
في بعض الحالات شجعت هيئة تحرير الشام السكان المحليين على بدء أعمال تجارية بما في ذلك بعض الشركات التي تنافس شركات الاتصالات والطاقة التابعة لها. يقول حسام طويلو وهو رجل أعمال من إدلب ومؤسس شركة اتصالات "سيريانا" إنه بعد سيطرة هيئة تحرير الشام على السلطة منحت سيريانا ترخيصاً للعمل وإن شركة سيريانا الآن تنافس شركة "سيريافون" للاتصالات التابعة لهيئة تحرير الشام دون احتكاك، ويرى طويلو أن عقليتهم هي "دعم القطاع الخاص".
ما يشبه الجيش النظامي
تخلى أحمد الشرع عن الأيديولوجية التي كانت تقضي بأن تركز جماعته على إثارة الجهاد العالمي ضد الغرب وركز على تحرير سوريا من آل الأسد. وفي عام 2021 قام بواحدة من أهم خطواته بتأسيس ما أطلق عليه ببساطة الكلية العسكرية حيث شكل ما يشبه جيش نظامي له تسلسل قيادي ثابت.
وقال جيروم دريفون وهو محلل بارز في شؤون الجهاد والصراع الحديث في مجموعة الأزمات الدولية: "لقد درسوا كتيبات العقيدة العسكرية الغربية المنشورة على الإنترنت من قبل مختلف القوات المسلحة وحاولوا اتباع النموذج البريطاني إلى حد كبير".
كان مصدرهم الرئيسي للأسلحة هو ما استولوا عليه من القواعد العسكرية السورية أو في المعارك كما قام ضباط فاسدون من نظام الأسد ببيعهم الأسلحة في حين وفرت تركيا الشاحنات والأسلحة الخفيفة للميليشيات المتحالفة معها في شمال سوريا في حين صنعت الجماعة مركباتها المدرعة البدائية الخاصة بها وتم تشكيل ألويتهم كوحدات متخصصة ذات وظائف مختلفة مثل المشاة ومدافع الهاون وغيرها، أما التطور الأكثر بروزاً هو وحدة الطائرات بدون طيار حيث حصلوا على بعضها وصنعوا بعضها الآخر بأنفسهم.
كيف حكم المتمردون في إدلب
كثيراً ما ترك المتمردون السلطات المحلية في مكانها خاصة في القرى التي تسيطر عليها الأقليات الدينية.
لم تستخدم هيئة تحرير الشام الأساليب الوحشية التي استخدمتها الجماعات الأكثر تطرفاً لفرض الممارسة الإسلامية فعلى سبيل المثال كانت الدولة الإسلامية لا تتسامح مع أي خروج عن ما تعتبره الشريعة الإسلامية، فقد كان يتم إعدام بعض المخالفين بينما كانت تُقطع يد اللصوص ولكن هيئة تحرير الشام لا تندرج ضمن هذه الخانة فقد تم حظر بيع وشراء الكحول لكن السكان قالوا إن الجماعة لم تحاول استئصال شاربي الخمر ولم تنشر شرطة الآداب لفرض قوانين اجتماعية صارمة، وفي مجتمع محافظ حافظوا على مدارس ابتدائية مفصولة حسب الجنس وفي إحدى المرات اعترض المتشددون على مركز تجاري جديد لأنه يسمح للرجال والنساء بالاختلاط في الأماكن العامة ولكن قادة إدلب رفضوا اعتراضهم.