عاجل:

يد الأكراد في سوريا ممدودة لاسرائيل.. نأمل أن لا تفوتوا هذه الفرصة (هآرتس)

  • ١٠٤

كتب ايتي آنجل في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية:

مجموعة واحدة في سوريا، التي هي بالفعل شعب، هي امكانية كامنة لتحالف حقيقي مع اسرائيل، وهي الاكراد. هذه المجموعة تتعرف الآن لخطر وجودي، في اعقاب هجوم محتمل من المجاهدين الذين يعملون برعاية تركيا. من الجدير انشغال اسرائيل ليس فقط بالاقوال والوعود، بل مساعدتهم وبحق.

حتى قبل سقوط نظام الاسد، وعندما كان من الواضح أن نهايته قريبة وأن مكانه ستحتله بالاساس فصائل جهادية، توجه الاكراد لاسرائيل من اجل التعاون، كما توجهوا خلال عشرات السنين. لقد كان في اسرائيل من شرحوا على الفور لماذا محظور الاقتراب منهم، وتحدثوا كما يبدو باسم المصلحة الوطنية التي بحسبها محظور اغضاب الرئيس التركي رجب طيب اردوغان. هم لم يكتبوا عن المصلحة الشخصية التي توجههم؛ من بين المستشارين الذين يضعون السياسة في اسرائيل هناك من لديهم مصالح تجارية مع تركيا، وبالنسبة لهم فانه يجب عدم المس، لا سمح الله، بهذه الاعمال، حتى على حساب بقاء الشعب الذي يقاسمنا مصير تاريخي مشابه، واعداء متشابهين، وامكانية كامنة لمجتمع حقيقي في منطقة هي من اكثر المناطق المعادية لاسرائيل في الشرق الاوسط.

الاكراد هم الشعب الاكبر في العالم الذي ليست له دولة، 35 مليون نسمة. اتفاقات سايكس بيكو مزقتهم ووزعتهم بين اربع دول وهي سوريا، العراق، ايران وتركيا. الانظمة في هذه الدول قامت بقمعهم وتدميرهم؛ هم كانوا يدركون تصلب وتصميم الاكراد (المقاتل الاسلامي الكبير في التاريخ، صلاح الدين، كان من الاكراد)؛ لم يبقوا للاكراد أي فرصة للتطور.

في ظل الانقلابات في العالم الغربي نجح الاكراد في الحصول على مناطق خاصة بهم، في شمال سوريا وشمال العراق؛ وحتى الآن هم يحذرون من تسمية هذه المنطقة المشحونة دولة، ويحذرون من مناقشة تعريفها. في سوريا حصلوا على الحكم الذاتي أو منطقة جغرافية أو دولة، بدون تسمية ذلك بصراحة دولة، في شمال شرق سوريا، بين نهر الفرات ودجلة. هذه منطقة واسعة، 30 في المئة من مساحة سوريا، وهي ثلاثة اضعاف مساحة دولة اسرائيل. عندما حصلوا على هذا الانجاز الكبير العالم تعاطف مع نضالهم. وعندما هرب الجميع من داعش كانوا هم الوحيدون الذين حاربوه وهزموه. في هذه المنطقة الجغرافية توجد مساواة بين الرجال والنساء في القوة المحاربة وفي الحياة الاجتماعية. 

اعداء الاكراد هم اعداء اسرائيل (ايران، حزب الله، بشار الاسد، الجهاديين الاسلاميين واردوغان). بالنسبة للاكراد فان اسرائيل هي نموذج. في الجبال وفي الغابات في شمال العراق على الحدود مع ايران وفي السهول في سوريا، وفي الجبهة امام داعش والقاعدة، هم يتعلمون عن تاريخ دولة اسرائيل وعن فلسفة اليهود. ليس فقط من خلال محبة اسرائيل، بل لأنه بالنسبة لهم الشعبين يتقاسمان نفس المصير. وحسب قولهم فان اليهود مثل الاكراد، شهدوا ابادة جماعية ونجحوا في النهوض من الكارثة واقامة دولة، وهذا ما يشهده الاكراد وما يطمحون اليه.

توجد للاكراد جملة تجسد النضال على بقائهم “اصدقاؤنا الوحيدون هي الجبال”، “الجبال” لأنه في جغرافيا الاكراد، بالاساس في العراق، تركيا وايران، مشهد الجبل القاسي هو تضاريس مثالية لحرب العصابات. فقط الاكراد يعرفون هناك كل نهر ووادي ونفق، وفي هذه الاراضي تمكنوا من التغلب على الجيش السوري والعراقي والايراني والتركي. لماذا “الجبال هي الاصدقاء الوحيدين”؟ لأن كل من تفاخر في السابق بأنه صديقهم قام بعد ذلك بخيانتهم، بما في ذلك اسرائيل التي تعاونت معهم في السبعينيات في مواجهة اعداء مشتريك، فيما بعد هي لم تتخل عنهم فحسب، بل قدمت المسيرات لتركيا التي قتلتهم بواسطتها، وساعدت على تسليم قادتهم في حرب العصابات لتركيا.

لا أحد يقول بأنه يجب علينا الدخول الى وحل الحرب في سوريا أو تحدي تركيا. يمكننا توفير للاكراد منظومات دفاعية ضد المسيرات للاتراك والجهاديين، يمكن تفعيل اللوبي اليهودي في الكونغرس من اجل العمل على وقف اطلاق النار أو اقناع الامريكيين بالبقاء في شمال سوريا وعدم التخلي عنهم عندما سيدخل ترامب الى البيت الابيض، ويمكن فعل المزيد في مجال الاستخبارات والسايبر والسلاح.

اذا لم تستيقظ اسرائيل وتقيم علاقات مع الاكراد، ليس الاقوال والوعود والعناوين فقط، بل علاقات حقيقية، فهي ستفقد حلفاء في المكان الاكثر استراتيجية بالنسبة لاسرائيل لصالح الجهاديين القتلة الذين يخدمون اردوغان، الذي يحلم برفع الاسلاميين في الشرق الاوسط، بما في ذلك حلفاءه في حماس.

في هذه الاثناء يتشكل التاريخ في سوريا. ايران، العلويون والشيعة سقطوا. السنة الجهاديون سيطروا على دمشق. من الرائع أن نظام الاسد سقط. ولكن الواقع هو ليس أن الاشرار ذهبوا والاخيار جاءوا. كثير من الجهاديين الذين سيطروا على سوريا (معظمها) هم من خريجي داعش والقاعدة، مثل الزعيم أبو محمد الجولاني.

هم يعلنون بأنهم تغيروا، هذا جيد، بالتأكيد اسرائيل لن تعول على ذلك. الاصدقاء الحقيقيون، الاكراد، الذين تعاونت اسرائيل معهم في السابق، يجلسون في شمال سوريا وفي شمال العراق على حدود ايران، وهم يحاربون الآن حرب بقاء ستحسم طابع سوريا الجديد. نأمل أن لا تفوت اسرائيل هذه الفرصة.

المنشورات ذات الصلة