عاجل:

على عتبة الاستحقاق الرئاسي: هذه هي "مواصفات" الرئيس بعد تدمير جيوش المنطقة أو عزلها وتحييدها

  • ١٧٩

"ايست نيوز"_خاص


كلما اقتربت البلاد يومًا واحدًا من دخول مدار الدعوة التي وجّهها رئيس مجلس النواب للمرة الثالثة عشرة الى الهيئة العامة للمجلس الى جلسة انتخابية من اجل انتخاب الرئيس العتيد للجمهورية ارتفعت نسبة الروايات في شكلها ومضمونها ومعها السيناريوهات، التي تُحاكي المعادلات النيابية المؤدية الى إمكان عقد جلسة بكامل مواصفاتها الدستورية تمهيدًا لاكتمال عقد السلطات الدستورية.

على هذه الخلفيات، توقفت مراجع سياسية وديبلوماسية مُحايدة عند بعض الجدل القائم حول مواصفات الرئيس المطلوبة لمواجهة المرحلة وما فرضته الاستحقاقات الكبرى على الساحة اللبنانية، والتي أدت الى تعطيل الكثير من الاصلاحات الاقتصادية والنقدية والادارية المطلوبة وفي مقدمها المحاولات الحثيثة المؤدية إلى انتخاب الرئيس على الرغم من مرور 26 شهرًا على خلو سدّة الرئاسة من شاغلها.


إستعادة المجلس النيابي دوره في انتخاب الرئيس خطوة متقدمة ليكتمل عقد السلطات الدستورية وانتظام العلاقات في ما بينها

وفي ظل ما هو مطروح من حراك تخوضه قوى المعارضة النيابية وتلك التي تمسّكت بمواصفات أدّت الى تعطيل عمل المجلس النيابي ومهمته الانتخابية لصالح "تشريع الضرورة" طيلة هذه الفترة، كان لا بد من التوقف امام إصرار برّي على جلسة التاسع من كانون الثاني المقبل، وكانها هي آخر المحاولات لتوليد الرئيس التي تحتاجه الجمهورية وكل اللبنانيين بلا استثناء. فما تركته الفراغات في المؤسسات الدستورية والادارية وانحلال البعض منها وعَجز اخرى عن تقديم أبسط الخدمات التي يستحقها اللبنانيون، تجعل البحث عن مواصفات الرئيس في ميزان المصلحة اللبنانية من دون اي حسابات أخرى تتصل بما كان مرتبطًا بما يجري في المنطقة او بالملفات الاقليمية والدولية، التي، وإن وجدت طريقها الى الحلحلة، لن تحتسب او تتطلّع الى مصالح الدولة اللبنانية وشعبها.

ومن باب الاشارة الى المواصفات الرئاسية، فقد بات واضحًا انّ اللبنانيين يحتاجون الى رئيس يعطي أملًا بالآتي من القضايا الحيوية والمعيشية بعد الامنية، وهي على سبيل المثال لا الحصر:

- لرئيس يطمئن اللبنانيين بأنّ ما عبر من نكبات باتت وراءنا، وان ّما حصل يجب ان يكون آخر الحروب التي خيضَت على أرض لبنان. وهي حرب لم يشهدها لبنان من قبل ولم يكن لأكثرية اللبنانيين رأي فيها. ولمّا فَهمَ مَن خاضها ما يمكن ان تؤدي اليه، كان السيف قد سبق العزل، ولم يعد بالامكان وقفها، خصوصًا انه استدرج الى حيث لم يحذر ولم يتوقع في ان تكون من ضمن مشروع جديد يقود الى شرق أوسط جديد.

- لا بد للبنانيين من يتلمّسوا إجراءات تضمن أمنهم على يد القوى العسكرية والأمنية الشرعية، فقد ثبت أنها هي الضامنة الوحيدة لكل المؤسسات واللبنانيين من دون استثناء، وليست لصالح هذا الفريق او ذاك على الاطلاق، وانّ احتماء البعض بالمؤسسات إبّان الحرب وصولًا الى دعوة الحكومة الى تبنّي اتفاق لا علاقة لها به سوى إلباس المخارج ثوب الشرعية.

- انّ إعادة الإعمار والحديث عن التمويل اللازم والعجلة في توفير مليارات الدولارات غير المتوفرة لا يمكن ان ينتهي الى نتيجة ايجابية ما لم نُراع ونبني علاقات مميزة مع  مصادرها المعروفة والمحددة سلفًا مرتبطة بالحل السياسي، وبَسط سلطة الدولة، وبقضاءٍ يحسم في الخلافات على انواعها وحَوكمة ادارية ومالية، كما بإنهاء دور كل سلاح غير شرعي على كل شبر من لبنان، وانّ أي محاولة للاحتفاظ بمِثل ما لا يحتاجه لبنان ومؤسساته العسكرية جريمة موصوفة قد تعود بنا في لحظة ما الى ما لا يريده أحد.


بقي الأمل معقودًا على احتفاظ الجيش بقدراته العسكرية واللوجستية، وهو  هَم دولي ينعكس على موقفها من انتخاب الرئيس ومواصفاته

- لم يكن هناك أمل ببقاء بعض المؤسسات قائمًا بسبب حجم الأزمات التي عاشها اللبنانيون سوى المؤسسة العسكرية وزميلاتها، فبقيت حصنًا يمكن اللجوء إليه لوَقف الحرب و ترجمة التفاهمات التي عقدت مهما كانت صعبة. فالتنازل عن سلاح غير شرعي للمؤسسة الشرعية فيه كِبر ونُبل واعتراف بأنها الحامية الوحيدة للبنانيين مهما كبرت المؤامرات ومعها السيناريوهات التي تهدد الدول وحدودها وثرواتها وكياناتها.

- إنّ الاحتفاظ بالمظلة الدولية يوجِب على اللبنانيين ان يتواجدوا على مسافة وسطية بين خيارَي العصا الامنية والعسكرية الدولية التي تتقدم بحملها الولايات المتحدة الاميركية مع دخول الرئيس دونالد ترامب الى البيت الابيض لأربع سنوات، والجزرة المالية والنقدية السعودية تحديدًا والخليجية عمومًا، وفيهما خلاصه. فلبنان لا يمكنه ان يعيش في محيط تتناحَر فيه أحلاف دولية، كما جرى في السنوات الماضية، لأنه قد يكون ضحية صراع قِوَى لا يحتمِل نتائج صراعها لا إبّان احتدامه ولا عند الوصول الى نهايته وهو ما حصل مؤخرًا. امّا وقد انتهى وجود أحد المحورين وانتهاء فاعليته وسطوته في لبنان وغزة وسوريا وربما في العراق واليمن، عليه أن يتكيّف مع العالم الجديد بانفتاح يحفظ خصوصية لبنان ومميزاته. 

- لا بد من السعي لأن يكون لدينا رئيس صُنع في لبنان مَدعوم من القوى الدولية التي تتردد في تسمية أي مرشح تُفضِّل قياسًا على تجاربها السابقة. وهي تفضِّل ان يختار اللبنانيون او يتوافقوا على ما يَحوز ثقتهم ويتمتع بالمصداقية الكافية ليتعايَش معهم، وهو ما قد يؤدي الى تزكية من يحظى بهذه الثقة والرعاية مُسبقًا ليكون قادرًا على تنفيذ ما هو مطلوب من أجل مستقبل لبنان قبل ان يكون مستحقًا لدى أي دولة او فريق او محور او قوة خارجية. وكلّ ذلك لا ينفي وقوف معظم اعضاء الخماسية الى جانب قائد الجيش العماد جوزف عون رئيسًا محتملًا بعدما توسّعت الرغبة الدولية الى ما هو ابعد من كونها اميركية او سعودية فحسب، إنْ قيل إنّ فرنسا باتت على مسافة قريبة من دعمه ومعها مصر التي لها موقف إيجابي غير معلن منذ فترة طويلة رافقت بدء خلو سدة الرئاسة.

وانطلاقا مما تقدم تبدو الساحة اللبنانية مهيئة لمزيد من المشاورات لعلها تجتمع عند من يحظى بهذه المواصفات التي لم تكتمل ولن تكون كافية ما لم تُلاقِه حكومة تشاركه هموم الانقاذ والتعافي الذي لن يكون سوى ثمرة جهد عسكري بُذِل في السنوات الماضية التي احتفظ فيها الجيش بكامل قواه وقدرته على مواجهة الصعاب المالية والاقتصادية للقيام بما هو مطلوب من مهام تَعدّت العسكرية والامنية على الحدود وفي الداخل، الى ما هو أمني واقتصادي وسياسي، والتي بدونها لا استقرار امنيًا ولا اجتماعيًا بالحد الادنى المطلوب، عَدا عن ما هو مطلوب من قدرات لضمان أمن الجنوب وتعزيز انتشاره الى جانب قوات "اليونيفيل" على الحدود، تنفيذًا لما قال به القرار 1701 ومستلزمات اتفاق وقف النار متى استكملت هذه المهمة من ضمن مهلة الأيام الستين. وكل ذلك يجري بانتظار تعزيز قدرات الجيش اللوجستية والعسكرية الضامنة للمهمة الكبيرة في وقت انتفَت فيه أدوار جيوش المنطقة العربية المحيطة بإسرائيل، إمّا بتحييدها او عزلها او تدميرها.

المنشورات ذات الصلة