عاجل:

واشنطن بوست: الهجمات الانتقامية في سوريا ما بعد الأسد تؤجج الخوف وانعدام الثقة؟

  • ١٢٥

 إيست نيوز ـ ترجمة باسم اسماعيل 

كانت المرأة ممسكة برضيعها وهي لا تزال ترتدي ثياب نومها قبل يوم واحد على اجتياح مقاتلي هذه القرية الواقعة في محافظة اللاذقية السورية، معقل الأقلية العلوية التي ينتمي إليها بشار الأسد. منزلها محترق بفعل النيران التي أشعلوها، فيما بقي زوجها مفقودا منذ فراره إلى بساتين الحمضيات.

"نحن نموت من الخوف، لقد أحرق المتمردون أربعة منازل يوم الأحد الفائت في الهجوم الانتقامي بعد يوم واحد من هجوم على عائلة في - قرية الحكيم- وهاجم المتمردون إحدى شاحنات البيك أب، ما أسفر عن مقتل ثلاثة مقاتلين على الأقل".

من بين 70 عائلة كانت تعيش هنا، لم يبق سوى عدد قليل منها، يفكرون هم أيضاً في المغادرة. قالت المرأة: "هناك شيء غريب للغاية، فبعد سقوط الأسد المفاجئ، يخشى الكثيرون في هذه المحافظة الساحلية أن يدفعوا ثمن جرائم نظامه".

هيئة تحرير الشام، وهي الجماعة الإسلامية المتمردة التي قادت الهجوم على دمشق وتحاول الآن توطيد حكمها، تعهدت في تصريحات وبيانات، بحماية الأقليات وإعادة الأمن إلى سوريا بعد حرب أهلية طاحنة استمرت 13 عامًا. ولكن في اللاذقية، كما في جميع أنحاء البلاد، تكافح هيئة تحرير الشام لاحتواء "الهجمات الانتقامية"، حيث يستغل المقتصون فوضى اللحظة لتصفية حسابات شخصية وطائفية.

خلال الأسبوع الماضي، اطلع مراسلو واشنطن بوست على أدلة حول عمليات قتل خارج نطاق القضاء في دمشق ومحافظة حماة، وتحققوا من مقطعي فيديو يظهران مقاتلين يعدمون عناصر يزعمون انهم من قوات الأمن الحكومية السورية. وفي حين يبدو العنف حتى الآن " غير منظم" فإن منعه من الانتشار سيكون اختبارًا رئيسيًا لهيئة تحرير الشام التي تسعى لتوحيد بلد ممزق تسيطر عليه فصائل مسلحة مختلفة. الى ذلك قالت هيئة تحرير الشام إنها تهدف إلى تحقيق المصالحة في سوريا على أساس "العدالة والمساءلة"..."

ونقل الشيخ أحمد بناوي (56 عاماً)، الزعيم العلوي في الحكيم، عن الهيئة "إن "القادة يظهرون وجهاً جميلاً". لكنه قال إنه" لا يثق في قدرتهم على كبح جماح المسلحين الذين "يغزون" القرية بشاحناتهم بشكل يومي ويطلقون التهديدات".

وأقرّ بناوي بوجود بعض "الأشخاص السيئين" .وقال "إن العائلة التي هاجمت شاحنة المتمردين معروفة بإجرامها. وناشد قائلاً: "لا تشملنا جميعًا". "لقد غادروا ونحن من يدفع الثمن".

عند نقطة تفتيش، قال سيف محمد، 40 عاماً، وهو مقاتل في فيلق الشام، (فصيل مسلح مدعوم من تركيا) ينسق الآن مع هيئة تحرير الشام "إنه تم استدعاؤهم إلى القرية للتعامل مع حادث نهب حينها تعرضت سيارتهم لإطلاق النار، فأحرق أحد المتمردين الغاضبين من عمليات القتل المنازل، (من دون أن يحدد هوية الجاني أو يقول إلى أي جماعة ينتمي) وهو الآن قيد التحقيق". وقال: "لقد تم نشر عناصر منا هنا لتلافي أي هجمات". وبينما كان يتحدث، كان بناوي وعائلته يمرون بسيارتهم وهم محشورون في سيارة نيسان قديمة. حزموا حقائبهم وعرضوا أرضهم للبيع ، وتوجهوا في طريقهم على أمل الوصول إلى تركيا. 

يشكل العلويون حوالي 10 في المئة من سكان سوريا، ويعيش الكثير منهم في قرى جبلية مثل هذه القرية فوق سهول اللاذقية الساحلية. وبينما جنت دائرة صغيرة من العلويين ثمار حكم الأسد، كام الكثيرون منهم يعيشون في فقر مدقع، لذا لم يكن أمامهم ـ حسبما قالوا ـ  من خيار الالتحاق في الجيش.

في المقابل يربط العديد من السوريين العلويين بنظام الاسد وبميليشياته الغامضة، المعروفة باسم "الشبيحة" والتي اشتهرت بتعذيب وقتل منتقديه.

فيديو نُشر على تطبيق تلغرام في 9 ديسمبر/كانون الأول من قبل صحفي مقيم في إدلب، حيث تتمركز هيئة تحرير الشام، وتحققت منه صحيفة واشنطن بوست، يظهر مقاتلًا يرتدي زيًا عسكريًا يقوم بإعدام رجلين على جانب الطريق. يقول المقاتل للكاميرا، وهو يحمل مسدسًا فضي اللون وينحني من سيارة: "هؤلاء خنازير، ضباط من قوات الأسد كانوا يحاولون الهرب". 

تم تداول مقاطع الفيديو الانتقامية ومقاطع أخرى مثلها على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، مما أثار الخوف والشكوك. "من هو القاضي؟ " قال أحد زعماء الطائفة العلوية في اللاذقية، متحدثاً شريطة عدم الكشف عن هويته خوفاً من الانتقام، "من يقرر من هو الشبيح أم لا؟ "من يستطيع التحكم في هذا الأمر؟ إنها مسألة وقت فقط قبل أن ينفجر الوضع".

الطائفة العلوية ليست وحدها من يعيش في الخوف وعدم اليقين. ففي بلدة مصياف الواقعة على قمة تل في وسط محافظة حماة - التي يقطنها مسلمون شيعة ومسيحيون وعلويون - انقسام في الرأي.

أحد قادة المجتمع المحلي  قالوا إنهم "متفائلون" بشأن المستقبل في ظل هيئة تحرير الشام. وقال مصطفى صعب، وهو إمام: "الوضع الجديد أفضل بكثير، نحن نتطلع إلى حياة جديدة"، أومأ الشيوخ المحليون بالموافقة.

ولكن في الجزء الخلفي من الغرفة، كان الاحباط يبدو على مجموعة من الشبان. صرخ أحدهم: "لم يعد النظام هنا بعد الآن - لماذا لا تتحدثون بحرية؟ "أخبروهم عن عمليات القتل"...

لقد تم اعدام محيي الدين الهيبي، وهو أحد أفراد الطائفة الشيعية الاثني عشرية في البلدة، لانه كان يضع وشم الأسد على كتفه. وبدا أنه قد أُعدم، وقد أصيب بطلقات نارية في الرأس والظهر والصدر... وقالت والدته مريم قبلان: "لقد وضعوا السلاح على رأس محيي الدين، رغم أننا كنا نصرخ عليهم ألا يفعلوا ذلك... وقالت زوجة هيبي، بتول، إن المسلحين أخذوا رجلاً آخر من البلدة لكنها لم تذكر اسمه. وعُثر على جثتيهما إلى جانب جثتين مجهولتي الهوية...

By Loveday Morris, Suzan Haidamous, Louisa Loveluck, Nilo Tabrizy and Imogen Piper
المنشورات ذات الصلة