إيست نيوز" -خاص
أثارت ردة فعل رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل على إعلان اللقاء الديمقراطي تأييده ترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون زوبعة في فنجان، ولم تلقَ الصدى الذي تمنّاه. على ما يعتقد مراقبون تحدثوا الى "ايست نيوز" ليشيروا إلى انّ هذا الموقف فتح "باب جهنم" على مفارقات باسيل وسياساته المتقلبة والغريبة العجيبة بين فترة واخرى، ومجموعة الانقلابات المتكررة التي نفذها على أكثر من صعيد وفي أكثر من ملف وقضية إبّان وجوده الى جانب عمّه الرئيس ميشال عون في قصر بعبدا، وبعد ان تركه في نهاية الولاية قبل عامين وشهرين.
وقالت مصادر واسعة الاطلاع لـ"ايست نيوز" انّ إصرار باسيل على اعتبار موقف جنبلاط من تأييده ترشيح عون بصفته الدرزية، مقدّمة لإلغاء أدوار القادة والكتل النيابية المسيحية، ليس في مكانه ولا في زمانه على الاطلاق. فقرار اللقاء الديمقراطي بتأييده ترشيح عون، والذي سبقته إليه كتل نيابية وعدد من النواب المستقلين، شكّل إيذانًا بأنّ نواب اللقاء سينضمون الى كل من سيصوت للعماد عون رئيسًا للجمهورية. وهو فاتحَة خير بالدخول في الأسماء بعيدًا عن "حرب المواصفات" وما تحمله من غموض هدّام. فالجميع يدرك ان رئيس الجمهورية سيحكم بالتعاون مع حكومة يشكل معها السلطة الإجرائية ولم يعد قادرا على التفرّد في قراراته مَخافة ان تتعطل آلية الحكم بالطريقة التي تعطلت فيها في عهد العماد ميشال عون، بعدما حاول السطو على صلاحيات المؤسسات الدستورية الاخرى، عَدا عن التلكؤ في تشكيل حكومة جديدة سمحت بانتقال السلطة في ظل خلو سدة الرئاسة من شاغلها بعد نهاية عهده الى حكومة تصريف أعمال بعدما أعاق صهره تشكيل حكومة جديدة في فترة قياسية امتدت من الانتخابات النيابية الاخيرة في منتصف ايار 2022 حتى نهاية ولايته، وأنهاها بإقالة حكومة مستقيلة اصلًا إمعانًا في هدم ما كان قد بقي من مؤسسات في نهاية العهد.
"اللقاء الديمقراطي" لم "يرشّح" عون إنما أكد أنّ نوابه سينضمّون الى من "سينتخبونه" رئيسًا للجمهورية
وعليه، فقد استذكرت هذه المصادر في قراءتها لموقف باسيل كما نقل عنه بما معناه "انه لا يحق لجنبلاط الدرزي تسمية الرئيس المسيحي"، جملة من المفارقات التي ميّزت عهدًا كاملًا، بدأ بترشيح "حزب الله" لعمه العماد عون بواسطة إصبع أمينه العام الراحل السيد حسن نصرالله" طيلة شغور امتد 29 شهرًا، نبتَ فيها العشب على مداخل قصر بعبدا "غَصْبًا عن القيادات المسيحية" التي استُدرِجَت، ما عدا كتلة نواب حزب الكتائب اللبنانية، واحدة بعد أخرى الى تفاهمات مفخخة لم تدم طويلًا بعدما تراجع باسيل عنها بنهاية صلاحيتها ومنفعتها الشخصية واحدة تِلو اخرى. وذلك عندما أنهى أشهرًا من العسل أنتجَها "اتفاق معراب" بكل مفاعيله وانتهت معه نظرية "اوعى خيّك"، وأخرى أنتجَها تفاهم "بيت الوسط" مع الرئيس سعد الحريري الذي سمّي فيه "شريك العهد" لـ 6 سنوات، وختمها أمنيًا ودمويًّا في قبرشمون بدفن "تفاهم كليمنصو" مع زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي في حينه وليد جنبلاط.
والى هذه المعطيات لم تنسَ المصادر باقي الانقلابات السياسية لباسيل التي أنتجَت، بفِعل بنائها على المصالح الشخصية والآنية بعد إطاحة ما سمّاه "المصالح المسيحية العامة" التي حصرها به شخصيًا، ومعها شعارات مختلفة تحدثت عن "عودة المسيحيين الى السلطة" بشغور رئاسي وحكومي وإفلاس مالي ونقدي بالتعاون مع حكومة الدكتور حسان دياب، في مرحلة أعقَبت تفجير مرفأ بيروت نتيجة إهماله وجود كميات من النيترات تَعامَى عن اتخاذ قرار بشأنها رغم انه "كان يعلم" بوجودها قبل فترة، وانتهت حلقات المسلسل الطويل لـ 6 سنوات بشعار "ما خَلّوني" الى جانب سقوط نظرية "الرئيس القوي" التي يتحاشى الجميع ذكر هذه الصفة في مواصفات الرئيس العتيد نتيجة تلك التجربة الفاسدة.
وإن تناولت المصادر نهايات تفاهُمه مع "حزب الله" الذي كان وفيًّا له حتى "يوم الدين"، فقد تكشّفت أمور كثيرة نتيجة هذا التفاهم الذي لم يلغِ الدور المسيحي فحسب، إنما ألغى لبنان بعد إعاقة انتخاب رئيس للجمهورية في أسوأ الظروف التي تعيشها البلاد، وهدّد كيانه بعد حرب "الإلهاء والإسناد"، فتراجَع بين ليلة وضحاها عن كل ما قال به اتفاق "مار مخايل" من تفاهمات "تاريخية" لحماية "الوحدة الوطنية" و "منع الفتنة"، واتهم الحزب ببناء "الدويلة" على حساب "الدولة" التي صودِرت بكامل قراراتها السيادية، وصولًا الى التفرد بـ"قرار الحرب والسلم" إلى ان ساءت علاقته بالحزب وحلفائه الى درجة قيل إنه خرجَ من الموئل خالي الوفاض على قاعدة "لا للسَيف ولا للضَيف ولا لغدرات الزمان".