عاجل:

مفوّض تركي «فوق العادة» لبناء «سوريا الجديدة»: الشرع ماضٍ في تثبيت حكمه (الأخبار)

  • ٢١

في زيارة يمكن اعتبارها احتفالية بنجاح مساعي الإطاحة بسلطة الرئيس بشار الأسد، وصل وزير الخارجية التركي حاقان فيدان، والذي كان يشغل منصب رئيس الاستخبارات، ويُعتبر إحدى أبرز الشخصيات التي ساهمت في دعم «هيئة تحرير الشام» التي أطاحت بالأسد، إلى العاصمة السورية دمشق لإجراء مشاورات مع السلطات الجديدة في البلاد، والتي يمثّلها أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، زعيم «الهيئة»، وقائد العمليات العسكرية، والذي ساهمت تركيا في تحويله من «زعيم جهادي» إلى «رجل دولة». على أن الزيارة التي تأتي بالتزامن مع استمرار المداولات السياسية الدولية، والتي تلعب فيها أنقرة دوراً بارزاً، أخذت شكلاً بروتوكولياً واضحاً، ضمن مساعي أنقرة لتثبيت شرعية السلطات الحاكمة في الوقت الحالي، خصوصاً بعد أن أعلنت واشنطن انخراطها في علاقات مع «الهيئة». كذلك بدا واضحاً حرص فيدان على إظهار علاقته القوية مع الشرع، والتدليل على انتصار تركيا في المعركة السورية، عبر زيارة جبل قاسيون، حيث شرب الرجلان الشاي من أعلى قمة في دمشق.

وتحظى التصريحات التركية المشابهة لتصريحات «المفوّض السامي» خلال الانتداب الفرنسي، عبر الحديث عن مستقبل سوريا وتحديد الأسماء التي ستحكم البلاد، بقبول أميركي معلن من قبل الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة دونالد ترامب، الذي سيدخل البيت الأبيض بعد أقل من شهر، الأمر الذي سيوفّر لتركيا مساحة كبيرة للعمل السياسي والأمني في سوريا، عبر تثبيت حكم موالٍ لأنقرة من جهة، وتقليص الدور الكردي الذي لا تزال الأخيرة تحاربه، من جهة أخرى.

وأشار وزير الخارجية التركي، في تصريحات أدلى بها عقب لقاء مع «الجولاني» بحث خلاله التطورات السياسية في سوريا ومسألة اللاجئين السوريين في تركيا وسبل فتح الباب أمام عودتهم، إلى أنه نقل تحيات الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، متابعاً، في خطابه الانتصاري، أن «نظام البعث الذي استمر 61 عاماً خلّف وراءه معاناة كبيرة، ونحن هنا اليوم لنقف معكم في تحقيق تطلعاتكم». وأضاف: «فرحكم فرحنا وحزنكم حزننا، ونحن فخورون بدعم الحق والوقوف إلى جانبكم»، مشدّداً على ضرورة «صياغة دستور جديد يحترم جميع مكوّنات المجتمع السوري ويضمن حقوق الأقليات»، بشكل يفتح الباب أمام «بناء سوريا جديدة، بدعم تركي كامل». ولفت إلى أن «الرئيس إردوغان أصدر تعليماته بدعمكم في كل ما تحتاجون إليه لتحقيق النهوض. نحن هنا لنباشر مرحلة جديدة من البناء». ومن جهتها، وفي سياق ما تعتبره أنقرة «انتصاراً» لها، نقلت وكالة «الأناضول» التركية، صورتين؛ الأولى تجمع فيدان مع «الجولاني»، وأخرى تجمع وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، مع الأسد، في الأول من الشهر الجاري، لافتة إلى أن الفارق بين توقيت الصورتين 3 أسابيع.

وفي تطور عربي لافت، بعد أن اتخذت الدول العربية موقفاً حذراً تجاه السلطات الجديدة، وصل إلى دمشق وفد أمني ودبلوماسي سعودي قام بإجراء لقاءات مع مسؤولي «الهيئة»، في خطوة من المنتظر أن تتبعها خطوات أخرى، بحسب مصادر تحدّثت إلى «الأخبار». وأشارت المصادر إلى أن التحرك السعودي جاء لفهم ما يجري والتعرف أكثر إلى السلطات السورية الجديدة، وتابعت أن وفوداً عربية أخرى من المنتظر أن تزور دمشق خلال الأيام المقبلة.

في غضون ذلك، يستمر الشرع، الذي استقبل النائب السابق اللبناني وليد جنبلاط، مرتدياً ربطة عنق وبزة رسمية، في قيادة المشهد السياسي السوري، عبر تكثيف اللقاءات مع أطراف دولية وداخلية، آخرها لقاء موسّع أجراه مع فاروق الشرع، النائب السابق للأسد. وبحسب ما تسرّب من اللقاء، فإن الرجلين اتفقا على توسيع دائرة المشاركة في «المؤتمر الوطني» المُزمع عقده خلال الفترة المقبلة في دمشق، والذي من المنتظر أن يتم خلاله الاتفاق على مستقبل الحكم في سوريا، على أن يتبعه تشكيل لجنة تقوم بالنظر إلى الدستور، وتمهّد لمرحلة يتم خلالها تشكيل حكومة «تكنوقراط».

على أن الخطوات المتقدّمة لا يمكن أن تتم إلا بعد حل بعض المشكلات العالقة مع الفصائل في الشمال والجنوب، بالإضافة إلى التوصل إلى اتفاق يتم بموجبه دمج الأكراد في «قسد» في الإدارة الجديدة. غير أن المهمة الأخيرة تبدو صعبة بعض الشيء في ظل استمرار المعارك بين فصائل «الجيش الوطني» التابعة لتركيا و«قسد» في نقاط عديدة، أبرزها منطقة «سد تشرين» الذي ذكرت مصادر ميدانية أن المعارك التي تدور في محيطه تسببت بأضرار بالغة فيه.

على المستوى المعيشي، لا تزال المحافظات السورية تعاني من حالة فوضى، تظهر بوضوح في المناطق الريفية التي شهدت أعمالاً انتقامية وسرقات، خصوصاً في المنطقة الوسطى (ريف حماة)، وسط وعود بإنهاء هذه الظروف عبر الزجّ بمقاتلين إضافيين من «إدارة العمليات العسكرية». كذلك أعلنت «الإدارة» الدفع بمزيد من المقاتلين لإنهاء حالة الفوضى التي يعيشها ريف اللاذقية، في وقت لا تزال تشهد فيه المدن السورية الرئيسية تصاعداً واضحاً في أعمال السرقة والسطو المسلح، في ظل انتشار العصابات التي تعمل على استثمار الفوضى، التي تسبّب إفراغ السجون بشكل عشوائي في زيادة حدتها، عبر إطلاق سراح آلاف السجناء المُدانين بجرائم مختلفة.


المنشورات ذات الصلة