عاجل:

إسرائيل تقوم بنشاطات تخرب جهود استقرار سوريا (هآرتس)

  • ١٦

كتب ايتي ماك في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية: 

شبيها بناشطة اليمين المتطرف دانييلا فايس، التي وصلت إلى حدود قطاع غزة وتوزع الوعود حول استئناف الاستيطان هناك، فإن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو قام بزيارة في قمة جبل الشيخ السوري ووعد: “نحن سنبقى في هذا المكان المهم إلى حين العثور على ترتيب آخر يضمن أمن إسرائيل. نحن سنحدد الترتيب الأفضل الذي سيضمن أمننا”. هذه الزيارة الاستفزازية لنتنياهو جرت بالضبط في الأسبوع الذي قال فيه زعيم المتمردين في سوريا، أبو محمد الجولاني، “قواتنا لا توجد في مواجهة مع إسرائيل، أو في موقف شن المعركة ضدها”. وأن سوريا ستواصل الالتزام باتفاق فصل القوات من العام 1974، وطلب من المجتمع الدولي الاهتمام بأن تنفذه إسرائيل.


من السابق لأوانه معرفة إلى أين تذهب سوريا. ولكن لا يوجد أي منطق في أن تقوم (دولة) إسرائيل بنشاطات تخرب جهود استقرار سوريا، الوطنية والدولية، والسير بها نحو نظام ديمقراطي، أو على الأقل نظام براغماتي، يفضل الاعتماد على الدول الغربية بدلا من روسيا وايران. عمليات القصف والعمليات العسكرية ودخول الجيش الإسرائيلي الى المنطقة العازلة وتصريحات رئيس الحكومة ووزير الدفاع حول نية إسرائيل البقاء هناك، كل ذلك يمكن أن يستخدم لاستفزاز الجولاني بذريعة أنه “يبيع سوريا بثمن زهيد”، وتوسيع الدعم للانقلاب الذي سيجلب الى السلطة عناصر اكثر تطرفا منه.


اذا تم استئناف الحرب الاهلية في سوريا بكامل القوة فلن يكون لإسرائيل نظام الأسد، الذي عمل خلال السنين على منع التدهور إلى حرب معها. هذا الامر سيحتاج من إسرائيل موارد وقوات كبيرة لا توجد لديها.


السوريون فقط هم الذين يمكنهم تقرير مصيرهم. ولكن من أجل أن يستطيع المتمردون والفصائل المختلفة مناقشة هذا الامر وقيادة عملية جدية للانتقال من نظام الأسد، فإن سوريا تحتاج الى “ضخ الاوكسجين” الاقتصادي، الذي سيمكن من توفير الحد الأدنى من استقرار الوضع. في أماكن أخرى التي لم يتم تقديم فيها مساعدات اقتصادية دولية مهمة وبسرعة فان جهود إزاحة الديكتاتور ذهبت هباء، وهذه الدول دخلت الى دوامة انقلابات وديكتاتوريات وحروب أخرى.


الجولاني دعا الدول الغربية لرفع جميع العقوبات التي فرضت في عهد نظام الأسد، لا سيما عليه هو نفسه وعلى التنظيم الجهادي الذي يترأسه (هيئة تحرير الشام). الدول الغربية معنية بالتخلص من اللاجئين السوريين، وهي تتلمس الطريق الى الجولاني، لكن المجتمع الدولي تعود على التقدم ببطء في مثل هذه الحالات، لا سيما عندما لا تكون هناك قيادة واضحة من جانب الولايات المتحدة. في 7 كانون الأول، في الوقت الذي تقدم فيه المتمردون بنجاح نحو دمشق العاصمة، قال دونالد ترامب، الذي سيؤدي اليمين في 20 كانون الثاني، “سوريا في حالة فوضى، لكنها ليست صديقة لنا. محظور أن تكون اللولايات المتحدة صلة بذلك، هذا ليس نضالنا”. وحتى بعد أدائه لليمين لا يبدو أن سوريا ستكون على رأس سلم أولوياته.


بدلا من القيام باستفزازات خطيرة يمكن لإسرائيل أن يكون لها دور إيجابي في هذا المفترق الحاسم الذي توجد فيه سوريا، من خلال قدرتها على اقناع إدارة بايدن التاركة وإدارة ترامب القادمة على العمل على ارسال المساعدات الاقتصادية الفورية الى سوريا. هذه المساعدات يمكن أن تتم في المرحلة الأولى بقرار فوري، وبعد ذلك من خلال عملية تدريجية لرفع العقوبات، التي ستكون مرهونة بالتحسن في الدولة، لا سيما وضع حقوق الانسان فيها. الولايات المتحدة غير ملزمة بتقديم المساعدات هي نفسها، لكن من المهم إعطاء “الضوء الأخضر” لدول أخرى أو مؤسسات دولية كي لا تخشى من أن تعتبر من قبل الأمريكيين خارقة للعقوبات.


السوريون فقط هم الذين سيقررون مصيرهم، وأي محاولة أخرى ستضر بشرعية النظام الجديد وستعرضه كأنه “نظام دمى”. مع ذلك، من الشرعي وضع طلبات بالحد الأدنى مقابل المساعدات الاقتصادية: اجراء عملية انتقال وإعادة اعمار بمشاركة جهاز دولية، عدم تخريب مؤسسات الدولة التي ما زالت قائمة، عدم القيام بعمليات انتقام جماعية ضد رجال النظام السابق ومجموعات عرقية ودينية، عدم السماح بنقل السلاح الى حزب الله أو استئناف النشاطات العسكرية الإيرانية.


هذه المركبات الثلاثة حيوية من اجل استقرار الدولة ومنع استمرار الفظائع فيها، ومن اجل أن تستطيع الدول الغربية ارسال المساعدات المالية والاقتصادية طبقا لقوانينها. الآن مثلا هذه القواعد تمنع ارسال المساعدات لطالبان في أفغانستان. بشأن الطلب الرابع فان المتمردين أصلا لم ينسوا حتى الآن بأن ايران وحزب الله كانوا الداعمين الأساسيين لنظام الأسد.


الجولاني هو قاتل جهادي مطلوب للولايات المتحدة، وهو أيضا لا يحب صهيون. ولكنه هو الذي قاد المتمردين الى النصر، وفي هذه المرحلة يبدو أنه يفضل إقامة تحالف مع الدول الغربية. بدلا من التحدث من فوق قمة جبل الشيخ مع “قاعدته” يجب على رئيس الحكومة التحدث وبدون تأخير مع إدارة بايدن وترامب وأعضاء الكونغرس الأمريكي، والشرح لهم بأن استقرار سوريا له أولوية عليا بالنسبة لدولة إسرائيل.

المنشورات ذات الصلة