عاجل:

هوكشتين: نزع السلاح ثمناً لإعادة الإعمار (الأخبار)

  • ٢٤

بينما تُمعِن إسرائيل في تنفيذ نسختها من اتفاق وقف إطلاق النار، فهي تواصل عمليات القصف والتدمير، مستندة إلى ما تقول إنه «ضمانات سرية» حصلت عليها من الولايات المتحدة الأميركية بما يُتيح لها تطويع منطقة جنوب لبنان أمنياً وعسكرياً. لكنّ الأمر يزيد من حدة التوتر السياسي والقلق الداخلي من أن يكون الانسحاب البطيء لقوات الاحتلال، وتعمّدها تدمير الحياة في قرى الحافة الأمامية منطلقاً لشروط أمنية وعسكرية جديدة، تكون ممهّدة لطلبات سياسية يتولّى نقلها الأميركيون.

في هذا الإطار، تتجه الأنظار إلى زيارة الموفد الأميركي عاموس هوكشتين المرتقبة إلى بيروت مطلع السنة المقبلة لأجل إجراء اتصالات تتعلق في جانب منها بعمل لجنة الرقابة الخماسية على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، إضافة إلى مسائل تخص الاتفاق نفسه، وعملية إعادة الإعمار.

وتمّ تحديد زيارة هوكشتين، التي تأتي بعدَ أن تخطّت الخروقات الإسرائيلية الـ 816 اعتداءً برّياً وجوّياً منذ 27 تشرين الثاني، إثر تواصل حصل بينه وبينَ مرجعيات لبنانية رسمية من بينها رئيس مجلس النواب نبيه بري، تناول ما يجري في الجنوب والخروقات الإسرائيلية للاتفاق. وفيما أكّد هوكشتين «مواصلة الولايات المتحدة الأميركية رعاية الاتفاق والعمل على تطبيقه كاملاً»، فإنه سمع من بري دعوة لزيارة لبنان لمناقشة الاتفاق وحضور جلسة انتخاب الرئيس في 9 كانون الثاني المقبل. وقد وافقَ هوكشتين على زيارة لبنان مطلع العام المقبل، على أن يترأّس اجتماعاً للجنة كونه يتمتع بصفة الرئيس المدني للجنة، إلا أنه اعتذر عن عدم حضور جلسة الانتخاب، معتبراً أن حضوره سُيفهم على أنه تدخّل في الشؤون الداخلية.

العارفون بالاتفاق الذي أنجزه هوكشتين، يعرفون أن مندرجاته، لم تكُن هي ما يريده العدو الإسرائيلي تماماً. ولهذا السبب، تحاول إسرائيل أن تفرض في الجنوب واقعاً جديداً يؤكّد الحرية المطلقة بالتصرف ضد كل ما تراه تهديداً. لكنّ المقلق، هو أن الجانب الأميركي الذي استعجل الإعلان عن وقف إطلاق النار، لا يبدو هو الآخر أنه مستعجل لإنجاز المرحلة الخاصة بالانسحاب وانتشار الجيش اللبناني.

وتحدّثت مصادر على تواصل مع الأميركيين، عن «معلومات أولية وصلت إلى الجهات الرسمية في لبنان تنقل بعضاً مما سيتناوله هوكشتين في زيارته، حيث يتناغم الأميركيون تماماً مع العدو الإسرائيلي في ما يقوم به جنوباً، وأنهم سيتولون في المرحلة المقبلة الضغط على لبنان لفرض شروط تتعلق بملف الحرب». وفي هذا الإطار، قالت المصادر إن «واشنطن وتل أبيب توليان أهمية كبيرة لملف إعادة الإعمار، الذي تضعه المقاومة على رأس قائمة الأولويات، وكان الجانبان خلال مفاوضات الحرب يحاولان فرض قيود على الجهات التي ستدخل الجنوب حتى على المواد لضمان التأثير على أمن المقاومة وحركيتها والولوج إلى أي داتا محلية». ومع حصول تطورات كبيرة، لغير صالح المقاومة وخاصة ما حصل في سوريا، تعتبر أميركا وإسرائيل أن الفرصة مؤاتية لاستكمال الضغط العسكري بضغط سياسي، إذ أشارت المصادر إلى أن «هوكشتين سيؤكد مسؤولية الحكومة في تولّي هذا الملف ومنع أي طرف آخر من إدارته»، وهو «سينقل رسالة واضحة إلى لبنان الرسمي برفض أي دور لإيران في إعادة الإعمار ولا بأي شكل من الأشكال، لا عبر شركات إيرانية ولا مساعدات، كما سيشدّد على ضرورة أن تمنع الدولة اللبنانية تسرّب الكاش من أي منفذ لأن لذلك عواقب كبيرة».

هذا الأمر، يعني بحسب أوساط سياسية بمثابة «إعلان حرب»، فقد تلجأ «واشنطن إلى ربط كل الملفات السياسية بملف إعادة الإعمار، بما في ذلك انتخاب الرئيس وتعيين رئيس للحكومة وشكلها»، أي إنها «ستقول إن إعادة الإعمار مرهونة بموافقة لبنان على الضوابط التي ستضعها الولايات المتحدة، ومن خلفها إسرائيل، وإلا لن يكون هناك تطبيق كامل لقرار وقف إطلاق النار، وبالتالي لن تكون هناك إعادة إعمار»، وأكثر من ذلك، قد يكون الهدف هو ربط الدعم المالي بتطبيق القرار 1559 ونزع سلاح المقاومة ثمناً لذلك».

وقد تولّت شخصيات لبنانية ساهمت في التهويل وقت الحرب، العودة إلى التهويل مجدداً، من خلال القول، إن الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة دونالد ترامب «لن تكون متسامحة إزاء بقاء السلاح بيد حزب الله، وإن الرئيس الأميركي المنتخب تحدّث عن سلام دائم وليس عن وقف لإطلاق النار، ما يعني أنه يريد من لبنان اتخاذ الإجراءات الكفيلة بإلغاء أي مظاهر يمكن أن تُستخدم ضد إسرائيل في كل لبنان وليس في منطقة جنوب نهر الليطاني فقط،».

ويبدو أن الضغوط الأميركية لا تقف عند حدود ما قد يحمله هوكشتين، إذ إن السفارة الأميركية في بيروت، تنشط بالتعاون مع وسائل إعلام لبنانية باتت تتلقّى تمويلاً أميركياً مباشراً، لإطلاق حملة تهدف إلى إشاعة مناخ، بأن حزب الله غير قادر على توفير الأموال اللازمة لأعمال الترميم أو الإيواء، ويتم ذلك من خلال البحث ليلَ نهارَ عن متضرر من عدم حصوله على تعويض يعتبره كافياً، أو العمل على نشر أخبار مفبركة على منصات التواصل الاجتماعي. كذلك العمل على شن حملة على القرض الحسن، والحديث عن احتمال لجوء أحزاب ونواب إلى التقدم بطلبات بوقف عمل مؤسسة القرض الحسن، واعتبارها ذراعاً تموّل الإرهاب، وأن حزب الله سيستخدمها لتغطية أموال لا يفترض أن تصل إليه من دون المرور عبر القنوات الرسمية أو المُعلن عنها.

على أن القوى اللبنانية المهتمّة بهذا الملف، لا تهتم لكل ما يتعلق بملف الإعمار، وهي تعتبر أنه لا يمكن لمجلس النواب أن يسكت عن أي محاولة لصرف أموال من الخزينة العامة على تمويل عملية إعادة الإعمار. فيما، كانت رئاسة الحكومة أبلغت الجانب الإيراني «اعتذار لبنان» عن عدم تلقّي أي دعم إيراني مالي أو عيني يخصّ ملف إعادة الإعمار. وطلبت الحكومة من الجانب الإيراني التوجه إلى البنك الدولي من أجل تمويل مشاريع برامج مخصّصة للبنان على أن يصار إلى توجيه هذه البرامج نحو إعمار ما هدّمته الحرب الإسرائيلية.

العدوّ ينوي المماطلة بالانسحاب

رداً على مواصلة العدوّ الإسرائيلي خروقاته في الجنوب، قدّمت بعثة لبنان لدى الأمم المتّحدة في نيويورك شكوى إلى مجلس الأمن، تتضمّن احتجاجاً شديداً على الخروقات المتكرّرة التي ترتكبها إسرائيل لـ«إعلان وقف الأعمال العدائيّة والالتزامات ذات الصّلة بترتيبات الأمن المعزّزة تجاه تنفيذ القرار 1701». وعلى وقع هذه الشكوى، ترأس رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي اجتماع السرايا، الذي انعقد يوم الثلاثاء الماضي، وضمّ قائد الجيش العماد جوزيف عون واللجنة التقنية لمراقبة وقف النار التي ضمّت رئيسها الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز والجنرال الفرنسي غيوم بونشان، وقائد قطاع جنوب الليطاني في الجيش اللبناني العميد الركن إدغار لاوندس وقائد «اليونيفل» الجنرال أرالدو لاثارو، وذلك لبحث الخروقات الإسرائيلية ووجوب وقفها وتسريع الانسحاب من الجنوب، وسط تقارير في تل أبيب نقلت عن مسؤولين إسرائيليين أن «الانسحاب من جنوب لبنان قد يتم بوتيرة أبطأ من المتوقّع بسبب الانتشار البطيء للجيش اللبناني في المنطقة، والذي يثير التساؤل بشأن كيفية تصرّف إسرائيل في اليوم الستين لوقف النار». وفي هذا الإطار، كشفت مصادر بارزة لـ«الأخبار» أن استدعاء اللجنة أتى بعد ورود معلومات لميقاتي عن وجود نيّة لدى العدوّ الإسرائيلي بالمماطلة بالانسحاب من القرى الموجود فيها، فضلاً عن ضغط قام به رئيس مجلس النواب نبيه بري يسأل فيه أين الحكومة ممّا يحصل ولماذا لا يكون هناك خطوة من قبلها لتسجيل موقف؟».

وفي هذا السياق، نقلت صحيفة «هآرتس»، عن مصادر في الجيش الإسرائيلي، أنه «يستعد لإمكانية مواصلة الانتشار في الجنوب اللبناني بعد انتهاء مهلة الـ 60 يوماً في حال عدم التزام الجيش اللبناني بالاتفاق وعدم بسط سيطرته الكاملة على جنوب لبنان”. وقالت ان الجيش يعمل على بناء عائق جنوبي الخط الحدودي، وذكرت “هآرتس” أن بعض النقاط العسكرية «ستكون داخل الأراضي اللبنانية».

في هذه الاثناء، وللمرة الأولى منذ عدوان تموز 2006، وصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى قلب وادي الحجير. وتقدّمت دبابات الميركافا والجرافات والآليات العسكرية من مشروع الطيبة نزولاً باتجاه الوادي مروراً ببلدتي عدشيت القصير والقنطرة. وانتشر الجنود شمالاً باتجاه الحجير وجنوباً باتجاه وادي السلوقي. وهي المرة الأولى التي يبلغ فيها الاحتلال عدشيت والقنطرة التي عاد أهلها إليها منذ وقف إطلاق النار، ما دفعهم إلى النزوح إلى القصير ودير سريان، قبل أن ينزح أهل البلدتين الأخيرتين أيضاً خوفاً من تقدّم الاحتلال. وشرعت الجرافات المعادية بجرف الحقول وجوانب الطرقات وعدد من الغرف الزراعية والأكشاك المنتشرة على طول الطريق بين القنطرة وقبريخا.


المنشورات ذات الصلة