أكّد رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع أن “اتفاق وقف إطلاق النار هو مسؤولية الحكومة الحالية، وهي من تقع عليها مسؤولية أن ترى ما يجب القيام به من أجل تطبيقه بالشكل المطلوب”. وأوضح أن “بعض نواب “الحزب” يدّعون اليوم أن السياديين بلعوا ألسنتهم، وكأن المسألة هي بالكلام وليس بالفعل أبدًا، فبالفعل، لا بالكلام، هم من يسيطرون على الحكومة الآن، ولذلك فليقوموا بما يجب القيام به إزاء الخروقات الإسرائيليّة الكبيرة”. وأضاف: “ليأمروا الجيش بشن هجوم لاستعادة وادي الحجير على سبيل المثال، أو ليكلفوا وزارة الخارجية القيام بما يجب القيام به، من إعداد عرائض وكل ما يلزم من مبادرات. فالحكومة معهم في الوقت الراهن. وجل ما يقومون به هو الشعر والشعارات ومحاولة تحميلنا جميعًا كمعارضة مسؤولية مسألة كنا نقول لهم منذ اللحظة الأولى أنها ستوصلنا إلى ما وصلنا إليه”.
وشدد جعجع على أنه “لا مناص من تطبيق كامل للقرار 1701، ولا مناص من تطبيق القرار الذي اتخذته الحكومة الحالية لوقف اطلاق النار والمتعلق بالترتيبات التي يجب القيام بها، والتي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من القرار 1701”.
كلام جعجع جاء خلال العشاء السنوي لمنسقيّة “القوّات اللبنانيّة” في كسروان،
حيث أوضح أن “جماعة الممانعة” هم من فاوضوا للوصول إلى اتفاق وقف اطلاق النار، وليس رئيس بلدية فاريا، وبعد هذا التفاوض، أقرت الحكومة الاتفاق ووافقت عليه في جلسة 27 تشرين الثاني 2024، علما أنها مؤلفة بشكل كامل من هذا الفريق”، ودعا جعجع الجميع لزيارة “موقع الحكومة الإلكتروني لقراءة قرار الحكومة في تلك الجلسة أو قراءته في الجريدة الرسمية”. وأضاف: “منذ يومين أو ثلاثة، أطل علينا نواب من “الحزب” ليقولوا إن هناك خروقات إسرائيلية كبيرة جدًا. هذا الأمر صحيح وصحيح بشكل كامل. إلا أنهم ادّعوا أيضًا في تصريحاتهم أن الأجهزة المعنية في الدولة اللبنانية والجيش اللبناني لا يقومون بدورهم كما يجب في مواجهة هذه الخروقات. فهل يمكن أن يكون هناك غش بهذا القدر؟ فمن يتكلمون على التقصير هم الحكومة، وليسوا مجرّد أغلبيّة فيها وإنما هم الحكومة بأكملها. إلا أنه وبقدر ما سعوا على مرّ الزمن إلى إضاعة الناس، أصبح الضياع هو سيد الموقف”.
وشدد جعجع على أن “علينا في هذا الإطار التنبه لكل كلمة يقولونها، كي ندرك ما يقومون به، فهم يدّعون أن الدولة لا تقوم بواجباتها، في حين أنهم هم الدولة، وهم الموجودون في الحكومة، لذا فليتفضلوا ويتخذوا التدابير التي يجب اتخاذها”. وقال: “إذا ما أردتم أن تروا إلى أي حد وصل الغش، فهم يطلون علينا يوميًا ليتساءلوا: أين هم السياديون؟ ولماذا لا يتخذون أي موقف إزاء الخروقات الإسرائيلية؟ وكأن المسألة هي بالمواقف ومجرد الكلام فحسب، وكأن المهم هو مجرد أن يقول المرء شيئًا ما، باعتبار أن سياساتهم مبنية بشكل كامل على مجرد الكلام. فهم بقدر ما تكلموا، أوصلونا إلى ما أوصلونا إليه بسياساتهم، وبدرجة أَولى، انظروا إلى أين أوصلوا أنفسهم، بعد الكلام والكلام والكلام، على شاكلة “أوهن من خيوط العنكبوت”، و”لم تعد المسألة الدفاع عن لبنان، وإنما أصبحنا في المرحلة الثانية واننا نعمل على رمي إسرائيل في البحر”، و”سندخل الجليل الأعلى”. يدّعون أن السياديين بلعوا ألسنتهم إزاء الخروقات الإسرائيليّة، وكأن المسألة هي بالكلام وليس بالفعل أبدًا. لأنه بالفعل، لا الكلام، هم يسيطرون على الحكومة الآن، فليعطوا أمرًا للجيش بمقاتلة الإسرائيليين وإخراجهم من وادي الحجير، على سبيل المثال لا الحصر، أو ليكلفوا وزارة الخارجية القيام بما يجب القيام به، كإعداد العرائض وكل ما يلزم، لا أن يكون جل ما يقومون به هو الشعر ومحاولة تحميلنا جميعًا مسؤولية مسألة كنا نقول لهم منذ اللحظة الأولى أنها ستوصلنا إلى ما وصلنا إليه”.
وأعلن أن “أكثر فريق ضميره مرتاح إزاء ما حصل في لبنان هو نحن، لأننا منذ اللحظة الأولى كنا نقول لهم إن حرب الإسناد ستوصل بنا إلى ما وصلنا إليه، وناديناهم مرارًا وتكرارًا لإيقاف هذه الحرب، لأنها ليست لعبة يمكن لعبها أو مزحة، فهناك مصير شعب بأكمله على المحك”. وقال: “أنا شخصيًا تكلمت مع نحو عشرين مسؤول رسمي مرارًا وتكرارًا، وكنت في كل مرة أحذرهم من مغبة أفعالهم، وأن الأمور ستصل إلى ما وصلت إليه، ولم يحركوا ساكنًا. واليوم يتهموننا بأننا نلتزم الصمت، في حين أنهم هم من يتكلمون في الأوقات كلها، وهم من يقررون، وهم من يفعلون. ويأتون الآن ليقولوا لماذا لا تتكلمون، في حين أننا قلنا ما يجب علينا قوله. ففي نيسان المنصرم، أي قبل أربعة أشهر من اندلاع الحرب، عقدنا في هذه الصالة بالذات مؤتمرًا وطنيًا ضخمًا حضره عدد كبير من القوى السياسية، وطالبنا يومها بتطبيق القرار 1701 بمندرجاته وبحذافيره كلها. يومها كان الرد أنهم خوّنونا وخوّنوا الجميع، وقامت القائمة ولم تقعد، ووصلوا في نهاية المطاف إلى “ترجّي” الكون بأسره لوقف إطلاق النار على أساس تطبيق القرار 1701. قلنا لهم ذلك قبل أشهر، إلا أنهم لم يقبلوا بذلك إلا بعد أن سقط كل من سقط من ضحايا ودُمِّر كل ما نراه اليوم من خراب وخسائر”.
واستطرد : “هذا هو “فريق الممانعة”. كلام بكلام بكلام، وإلقاء خطب لا أكثر. وفي نهاية المطاف، لا يكترثون لما يحصل في البلاد وما هو مصيرها. وأكبر دليل هو أنهم، حتى هذه اللحظة، وعلى الرغم من كل ما حصل، يحاولون اتّباع الطريقة القديمة التي كانوا يعتمدونها سابقًا. من هذا المنطلق، اتفاق وقف إطلاق النار هو مسؤولية الحكومة الحالية، وهي من تقع عليها مسؤولية أن ترى ما يجب القيام به من أجل الاستمرار في هذه الوضعية حتى النهاية. ولا مناص من تطبيق كامل للقرار 1701، ولا مناص من تطبيق القرار الذي اتخذته الحكومة الحالية بما يتعلق بالترتيبات التي يجب القيام بها، والتي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من القرار 1701″.
وتوجّة إلى القواتيات والقواتيين في كسروان، بالقول: “رفيقنا نهرا، أفضل وأهم صفة يتمتع بها هي روحيّته وطريقته في التعاطي وتناول المسائل والقضايا. من الممكن أنه يعمل لساعات طويلة يوميًا، إلا أن هذا الأمر ليس هو المميز فيه، باعتبار أن هناك الكثيرين من بيننا يعملون بهذا المقدار أيضًا، إلا أن الميزة والفرق هو أن الله لم ينعم على الكثيرين بنعمة الإيجابية التي تخوّلهم تناول القضايا والمسائل التي بين أيديهم بإيجابية، والتعاطي مع الآخرين بإيجابية أيضًا، إلا أنه صراحةً، حتى الشوك يتحول مع رفيقنا نهرا إلى ورد، والورد يتحول معه إلى ورد متفتح أكثر وأكثر”.
وتابع جعجع: “وددت أن أستهل كلامي بالتوجه إلى القواتيين لأننا اليوم نقف أمام مفصل مهم من تاريخ بلادنا. فنحن، صراحة، في هذا العام لا نحيي العيد بمفهومه ومعناه التقليدي فحسب، وإنما العيد هذا العام له أربعة أو خمسة معانٍ إضافية، ليصبح أربعة أو خمسة أعياد مدمجة ببعضها البعض. واحد من هذه الأعياد هو تغيير موازين القوى في لبنان. فللمرة الأولى منذ عشرين او ثلاثين او اربعين سنة، وصلنا إلى مكان يسمح لنا ان نبدأ في بناء دولة جديّة. لم يبدأ هذا الأمر حتى اللحظة، ولكن أصبح هناك إمكانية لإنجازه. من جهة أخرى، العيد الثاني يتمثل في أنه كان هناك نظام رابض على قلوبنا منذ 40 عامًا، ولم يتركنا نرتاح لحظة واحدة، وهو نظام الأسد، وبلمح البصر زال من الوجود”.
واضاف: “رفاقي في كسروان، إن كنتم النائب أو المنسق أو أعضاء المنسقية أو رؤساء المراكز أو القواتيين العاديين، أود أن أؤكد لكم أنني لم أحب، في أي يوم من الأيام، الافتخار أو التبجح أو الادعاء أبدًا، فهذه الأمور تدمر الشعوب والمجموعات. إلا أنني وفي الوقت عينه، لا يمكن سوى أن أقول لكم “يعطيكم مية ألف عافية”، فأنا أكن لكم تقديرًا كبيرًا مرده ليس لأنكم انضويتم تحت لواء حزب “القوات اللبنانية” في كسروان، على الرغم من أنه مرت عليكم أيام صعبة في السنوات الـثلاثين الأخيرة إلى حد أنكم كنتم تشعرون بالعزلة أينما ذهبتم، ولكن السبب ليس انتماؤكم الحزبي أبدًا، وإنما لأنكم ومنذ أربعين عامًا وحتى يومنا هذا، سلكتم طريق النضال بالإيمان فقط لا غير. من كان في إمكانه أن يؤكد أنه سيأتي اليوم الذي يسقط فيه نظام الأسد؟ إلا أنكم ومنذ 40 عامًا تقاتلون هذا النظام. عندما كان هنا يقيم الحواجز في كسروان وباقي المناطق اللبنانية، كنتم تقاتلونه. صحيح أنني المسؤول عن هذه المؤسسة وقائدها، إلا أنه لو لم يكن هناك عسكر لما كنت لأكون قائدًا، ولما كان في إمكاني القيام بأي شيء منفردًا ووحيدًا. لذلك أحمل تقديرًا كبيرًا لكم، لأنه عندما عزّ الإيمان بقي لديكم الإيمان، وعندما فُقد الأمل بقي لديكم الأمل كله. فأنتم لم تكونوا مدركين أن “الحزب” العسكري سيزول، ولكنكم استمررتم في النضال. لم تكونوا مدركين أن نظام الأسد، هذا النظام الحديدي الذي حكم بالحديد والنار سيسقط، وحتى يومنا هذا ما يزال هناك 112000 شخص مفقود في سوريا، على الرغم من أن جميع أبواب السجون – القبور فُتحت، فالسجون في سوريا هي كناية عن قبور. وبالتالي أكنّ لكم التقدير الكبير وأريد أن أقول لكم “يعطيكم مية ألف عافية”. اليوم تحق لكم استراحة محارب، لأنكم استمررتم على مدى 40 سنة في العمل معتمدين على الإيمان والصلابة والالتزام فحسب، ولم توفروا أي تضحية ممكنة، على الرغم من أنكم لم تكونوا ترون أي بصيص أمل أو ضوء أمامكم. فطوبى للذين آمنوا ولم يروا. فمن يشهد كل التطورات الحاصلة وينتقل لينضم إلى خطنا، صراحة “ما إلو بالجميل” باعتبار أن التطورات حصلت، إلا أن الطوبى الكبيرة هي لكل من ساروا وناضلوا في سبيل القضية من دون أن يروا ما يحمل لهم الغد، وكأنهم يسيرون في العتمة الظلماء، ولكنهم لم ينفكوا يومًا عن السعي والتقدم إلى الأمام، إلى أن وصلنا إلى ما وصلنا إليه”.
وتابع جعجع: “تحق لكم استراحة محارب حقيقية وفعلية، لأننا ما كنا نؤمن بأنه لا بد حاصل قد حصل، وبالتالي تبين أن رؤيتنا كانت هي الصحيحة، ولو لم نكن نرى ما سيحصل بالعين المجردة. لذلك أقول لكل قواتية وقواتي بيننا اليوم: لا تعتبروا أن المسيرة انتهت. سنأخذ استراحة محارب قصيرة، باعتبار أن الجزء الإيجابي من المسيرة بدأ الآن. أصبح في إمكاننا العمل بالإيجابيات، بعدما أمضينا السنوات الـ40 الأخيرة ونحن منهمكون في رد السلبيات عنا وعن مجتمعنا ووطننا فقط لا غير. كنا لا ننفك نتخلص من مصيبة حتى نقع في أخرى. أما الآن، فلم يعد هناك من مصائب حولنا، وما تبقى هو أن نرسم طريقنا التي لن تكون سهلة”.
وختم جعجع كلمته بالقول: “على هذا الأمل، سأترككم اليوم، وأقول لكم “يعطيكم مية ألف عافية”، وآمل أن يعيد الله عليكم هذا العيد بألف صحة وبركة وعافية، لأنكم تستحقون العيد، باعتبار أن عيدنا أتى بعيدين وثلاثة أعياد وأربعة وخمسة. وأعدكم بأننا سنكمل المسيرة، كما فعلنا في الأيام السيئة، كذلك اليوم في الأيام الأقل سوءًا، حتى الوصول إلى لبنان الذي طالما حلمنا به”.