كتب إيال زيسر في صحيفة "يسرائيل هيوم" الإسرائيلية:
عقب الهجوم "الإرهابي" في 7 تشرين الأول/أكتوبر، سارعت أذرع إيران في مختلف أنحاء الشرق الأوسط إلى الانضمام إلى حرب "حماس" ضد إسرائيل. وهذا ما فعله حزب الله في لبنان والميليشيات الشيعية الموالية لإيران في العراق وحتى في سورية، وانضم إلى كل هؤلاء الحوثيون في اليمن البعيد، الذين بدأوا في مهاجمة السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، وفي إطلاق المسيّرات والصواريخ في اتجاه إسرائيل.
في البداية، بدا التهديد من اليمن أمراً غريباً، وفي أقصى الحالات مزعجاً، وذلك مقارنة بالتهديد الذي تقف في مواجهته إسرائيل في غزة وفي مواجهة حزب الله في لبنان. لكن من الواضح اليوم أن الجبهة السابعة ضدنا تحولت إلى ساحة تهديد مركزي يتعين على إسرائيل أن تحقق فيها الحسم إذا كانت تريد ترميم قدرتها على الردع في المنطقة المحيطة بها، وإزالة سيف التهديد الإيراني المسلط على رقبتها.
أصبحت الساحة اليمينة مهمة، ليس فقط لأن إسرائيل هزمت أو ردعت أعداءها في ساحات المواجهة الأُخرى، وبالتالي، باتت تستطيع التركيز على الساحة اليمنية، بل أيضاً تكمن الأهمية التي يجب أن نولي الحوثيين إياها في أنهم أصبحوا يشكلون تهديداً حقيقياً يزداد خطورة على حياة المواطنين في إسرائيل، وأيضاً على الاستقرار الإقليمي.
لقد أدى شل حركة الملاحة في البحر الأحمر إلى إغلاق ميناء إيلات، وألحق ضرراً كبيراً أيضاً بالاقتصاد المصري الذي يعتمد على مداخيل الملاحة في قناة السويس، وهذا الضرر اللاحق بمصر ستكون له تداعياته على استقرار حكم الجنرال السيسي، وعلى الاستقرار الإقليمي. ومن المفيد الإشارة إلى أن الحوثيين لن يتوقفوا عند مصر، بل أيضاً ستكون السعودية والإمارات وحتى الأردن في دائرة استهدافهم.
سُمي الحوثيون باسم المؤسس للحركة حسين بدر الدين الحوثي، وهم معروفون باسم "أنصار الله"، وهو تنظيم "إرهابي" نما وسط الأقلية الشيعية – الزيدية في اليمن التي تشكّل قرابة 30% من سكان الدولة (كما شيعة لبنان الذين يشكلون ثلث السكان).
لقد استغل الحوثيون سقوط الحكومة المركزية في اليمن في ظل ثورة الربيع العربي التي اجتاحت العالم العربي في العقد الماضي، وسيطروا على الجزء الشمالي من اليمن، وبرعاية إيرانية تحولت الميليشيات المسلحة إلى جيش قوي يملك صواريخ متطورة ومسيّرات. وشعرت السعودية بالخطر، وشنت منذ سنة 2015 حرباً ضدهم، لكن بضغط أميركي، اضطرت إلى التوصل إلى وقف إطلاق النار معهم.
لا تهم القضية الفلسطينية فعلاً الحوثيين، إنما يستخدمونها من أجل أن يصبحوا قوة إقليمية لها نفوذ خارج حدود اليمن، ومن أجل تجنيد التأييد في العالم العربي، وحتى السنّي. ومع ذلك، فمن المهم التذكير بأن الهدف المعلَن للحوثيين هو القتال حتى الموت ضد أعدائهم في العالم العربي وفي الغرب ومحاربة إسرائيل واليهود أيضاً.
لقد وعدت الولايات المتحدة بمعالجة الإزعاج الحوثي، لكن الهجمات الأميركية محدودة وعديمة التأثير، ويبدو أن واشنطن تتخوف من التورط في قتال إقليمي واسع النطاق. كما نفذت إسرائيل أيضاً عدة هجمات ضد أهداف وبنى تحتية في اليمن على أمل أن يوقف الحوثيون هجماتهم ضدها، لكن هذا لم يكن كافياً. للحوثيين منطقهم الخاص، والهجمات المحدودة ضدهم تزيدهم قوة؛ فاليمن دولة ضعيفة أساساً، وبالتالي، فإن الهجمات على شبكة الكهرباء التي لا تعمل لا تقدم ولا تؤخر بالنسبة إلى الحوثيين.
إن طريقة معالجة موضوع الحوثيين هو عن طريق زيادة الضغط العسكري ضدهم وتصعيده. لكن إلى جانب ذلك، كما في الحرب ضد تنظيم "داعش"، فإنه يجب تجنيد ائتلاف محلي يعتمد على 70% من سكان اليمن الذين هم ضد الحوثيين، من أجل السيطرة على شمال اليمن والإطاحة بحكمهم.
يوجد في جنوب اليمن حكومة تعتبر الحوثيين أعداء لها، وإلى جانب ذلك، فهناك السعودية ودول الخليج الأُخرى التي تنتظر الفرصة لطرد الذراع الإيرانية الموجودة في باحتهم الخلفية. ويجب أن تتولى الولايات المتحدة قيادة هذا التحرك الإقليمي والدولي بمساعدة إسرائيل. والمطلوب ليس ضرب الحوثيين فقط، بل أيضاً يجب الإطاحة بحكمهم.