كتب ناجي شربل وأحمد عز الدين في جريدة "الأنباء":
مع بداية السنة الجديدة 2025، انطلق العد العكسي للاستحقاق الرئاسي المنتظر بعد اسبوع بالتمام والكمال.
استحقاق تكبر معه الآمال بأن يكون للبنان رئيس تنتهي معه دوامة المراوحة والسجالات السياسية حول مواصفات الرئيس. والأيام الفاصلة عن يوم التاسع من يناير للتوافق على شخصية تكون على حجم المرحلة أو الدخول في نزال حول مرشحين لكل من المحورين.
غير أن التوافق المطلوب يعطي زخما لانطلاق مرحلة سياسية وطنية جديدة كفيلة بمنع وضع أي مطبات أو عراقيل في وجه انطلاقة الدولة.
وقالت مصادر نيابية لـ«الأنباء» إن الكتل النيابية ستجد نفسها خلال أيام مضطرة إلى الإفصاح عن خياراتها، وان كان بعضها ينتظر خلال الأيام الثلاثة المقبلة تلقي الإشارات التي يمكن أن تصدر عن القوى الإقليمية والدولية المؤثرة في مسار العملية الانتخابية. من هنا، فإن معظم الكتل تبقي خياراتها مفتوحة على كل الاحتمالات. وأي كتلة تعتمد خيارين «أ» و«ب» في حال هبت الرياح على غير ما تسير سفنها.
وأضافت المصادر: «صمت الرئيس نبيه بري وارتياحه، مع الإصرار على أن الجلسة ستنتج رئيسا مهما تعددت دورات الاقتراع، يشير إلى أن رئيس المجلس المعروف عنه التكتم على خياراته حتى الوقت المناسب وعدم الكشف عن أوراقه، بل على العكس الدفع بالآخرين لإخراج مكنوناتهم، إنما ممسك بخيوط الانتخابات الرئاسية».
وتابعت المصادر: «هذا الهدوء لرئيس المجلس في ظل الصخب الكبير الذي يلف الساحة السياسية، يشير إلى انه يخفي ما سيخرجه في الوقت المناسب، إما بالتنسيق المباشر مع جهات ديبلوماسية مؤثرة، أو في قراءة لنيات ومواقف هذه العواصم، خصوصا صاحبة القرار الحاسم للمسار الذي يعيشه لبنان بعد حرب على مدى 14 شهرا، وما أعقبها من اتفاق لوقف إطلاق النار وتدرج نحو الحل السياسي والأمني في البلاد».
وتشير المصادر إلى ان «الأيام المقبلة ستشهد ازدحاما في التحركات السياسية خصوصا للمرشحين الذين يقومون باتصالات واسعة قبل تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، تمهيدا للخروج من الحلبة إذا وجدوا أن فرصهم في الحصول على تأييد كتل وازنة قد تلاشت».
تبقى خطوة يعد لها في الداخل، وإن كانت غير معلنة وغير مضمون لها ان تبصر النور، وهي محاولة التقاطع بين «التيار الوطني الحر» و ««القوات اللبنانية» على مرشح رئاسي، قد يكون رئيس حزب «القوات» د. سمير جعجع. ودون ذلك، رغم الفرص الضيقة، تنسيق كبير وشامل مع رئيس المجلس بدفع من قوى دولية وإقليمية، وان كانت في هذا السياق حظوظ قائد الجيش العماد جوزف عون أقوى دوليا.. إلا أن «ڤيتو» رئيس التيار النائب جبران باسيل قد يصب في مصلحة جعجع، مع التذكير أن هذا الاحتمال بعيد، وان طريق بعبدا حتى الآن معبدة بشكل كبير أمام السفير السابق لدى الڤاتيكان المدير السابق للمخابرات في الجيش اللبناني العميد جورج خوري، يليه الوزير السابق جان لوي قرداحي.
في المواقف، قال البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي في قداس ببكركي في اليوم الأول من السنة الجديدة: «نتطلع إلى اليوم التاسع من هذا الشهر، حيث يلتئم المجلس النيابي لانتخاب رئيس للجمهورية. فإنا نرافقهم بالصلاة من أجل نجاح مشاوراتهم وانتخاب الرئيس الأقدر والأنسب للبنان وللبنانيين اليوم. لكن حذار من تأجيل الانتخاب لسبب أو لآخر، فإن حصل، لا سمح الله، فقد النواب ثقة اللبنانيين جميعا، وثقة الأسرة الدولية. فحذار رهن لبنان لشخص أو لمجموعة، فلبنان يخص جميع اللبنانيين لا فئة دون أخرى. وعليه، فالمرشح الذي يحصل على الأصوات المطلوبة في المادة 49 من الدستور هو رئيس كل لبنان وكل اللبنانيين، وتقتضي أوضاع لبنان اليوم مساندته من الجميع».
جنوبا، يبدو أن عدم الاستقرار لا ينحصر في المجال الأمني الميداني بل انسحب على المواقف فيما استمرت التهديدات المتبادلة. وسجلت خطوة مهمة على صعيد انتشار الجيش اللبناني حيث دخل بلدة شمع الساحلية التي شهدت واحدة من أعنف المواجهات خلال حرب الشهرين، وقتل فيها عالم الآثار الإسرائيلي الذي كان دخل من دون موافقة حكومية، بهدف معاينة القلعة التاريخية ومقام النبي شمعون في بلدة شمع. وأدى ذلك إلى فرض عقوبات على قائد لواء وضابط كبير في الجيش الإسرائيلي قبل أيام.
وفي شق متعلق بالجنوب مع أن مكان الكلام في ايران، قال الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم في كلمة في المؤتمر الدولي الرابع لتكريم العلامة محمد مصباح يزدي في العاصمة طهران: «أثبتنا بالمقاومة أننا لم نمكن العدو من التقدم، والآن الفرصة للدولة اللبنانية لتثبت نفسها بالعمل السياسي».
وأكد قاسم «أن المقاومة مستمرة وقد استعادت عافيتها، ولديها من الإيمان والثلة المؤمنة ما يمكنها أن تصبح أقوى».
وفي موقف متطور، ذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن الجيش سينسحب من منطقة القطاع الغربي، وان هذا الانسحاب لن يقتصر على بلدة شمع بل سيصل إلى الحدود. وتحدثت عن بناء معسكرات للجيش بالقرب من المستوطنات المهمة الملاصقة للشريط الحدودي، وذكرت أن هذا الانسحاب يأتي بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأميركية. وهذه المرة الأولى تنسحب فيها إسرائيل من مناطق جنوبية باستثناء بلدة الخيام في القطاع الشرقي. وبالانسحاب من القطاعين الشرقي والغربي، تصبح الطريق مفتوحة أمام الجيش اللبناني للانتشار، في وقت أكدت المعلومات أنه يقوم بعمل جاد لإزالة كل البنى التحتية العسكرية لـ«حزب الله» في جنوب الليطاني.
وفي إطار الممارسات العدوانية، دخل الجيش الإسرائيلي بلدة دير سريان، وقام بعملية تدمير واسعة تحت عنوان وجود مخابئ ومخازن أسلحة. كما أطلق جنوده النار على أحد الرعاة في بلدة رميش، وهي قرية معروفة بأنها خارج اطار الوجود المسلح والمعارك.