بعض ما كتب إبراهيم ناصر الدين في جريدة "الديار":
غياب «كلمة السر» الخارجية رئاسيا، بسبب خلافات «اللجنة الخماسية»، يبقي عددا كبيرا من الكتل النيابية في حالة من الدوران في الحلقة المفرغة على مسافة اسبوع واحد من جلسة الانتخاب المفترضة لرئيس الجمهورية والتي لمحت المعارضة بالامس الى احتمال تطييرها. الاميركيون، والفرنسيون افتتحا النشاط الدبلوماسي مع العام الجديد، لكن كلا الطرفين لم يبحثا الرئاسة في عين التينة، بل كان اتفاق وقف النار «الطبق الرئيسي» في المحادثات بانتظار وصول عاموس هوكشتاين الى بيروت عله يحمل اي مؤشرات دالة على رغبات الاميركيين. السعوديون لم يطلبوا بعد مواعيد رسمية وسط تضارب في المعلومات حول تراجع وزير الخارجية عن ترؤس الوفد، لكن الثابت حتى الان ان الرياض لا تزال على موقفها بانها لن تسمي مرشحا مفضلا على نحو مباشر، وهي حددت في السابق المواصفات التي تعنيها والمهمة مناطة بمجلس النواب اللبناني. فيما القطريون المقيمون في بيروت لم يبادروا بعد الى الاجهار صراحة بتوجهاتهم الرئاسية. «الثنائي الشيعي» لا يجد نفسه مضطرا للتفريط «بورقة» ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية في غياب اي كلام جدي مع الداخل والخارج حول هوية الرئيس الوسطي الذي لا يعتبر تحديا لاحد.
اما التكتلات النيابية السنية فهي على تشتتها في ظل عدم الوضوح في الموقف السعودي. والمعارضة ليست على «قلب واحد»، بغياب حسم الرعاة الخارجيين للموقف، في ظل انزعاج الكثيرين من محاولة «القوات اللبنانية» لتسيّد المشهد وفرض ترشيح غير واقعي لرئيسها سمير جعجع او من ينوب عنه. «التيار الوطني الحر» لا يزال في مربع المناورة وهو متهم بمحاولة ابتزاز مكشوفة للجميع، وخصوصا «الثنائي»، وهو في سبيل حرق اوراق قائد الجيش يلمح الى احتمال قبوله بجعجع، وحده النائب السابق وليد جنبلاط يغرد خارج السرب باعلانه ترشيح قائد الجيش العماد جوزاف عون، وهو خيار اعتبرته «القوات» ايضا قطعا للطريق امام «الحكيم».
انه «سيرك» مفتوح يمارس فيه الكثير من النواب «حركات بهلوانية» في وقت شديد الحساسية في واقع لبنان ومستقبله، الرهانات على التطورات الخارجية قد تدخل البلاد في تعقيدات هو بغنى عنها، ولعل «لغم» ملف نجل الشيخ القرضاوي القضائي-السياسي دليلا بسيطا عن حجم الحرج اللبناني في التعامل مع الملفات، حيث تبدو السلطات السياسية في موقف لا تحسد عليه وهي تحاول تجنب ازمة سياسية ذات انعكاسات اقتصادية وحتى امنية.