عاجل:

هل يتطلب انتخاب قائد الجيش رئيساً للجمهورية تعديلاً دستورياً؟

  • ٧٣٧

بقلم: الدكتور سليم الزيبق

أستاذ جامعي متقاعد في كلية الحقوق ـ جامعة ستراسبورغ ـ فرنسا


الجواب عن هذا السؤال يتطلب التمييز، بين مرحلة ما قبل التعديل الدستوري الناتج عن اتفاق الطائف ومرحلة ما بعد هذا التعديل. قبل التعديل الدستوري الصادر بتاريخ 21-9-1990، كانت المادة 49 من الدستور تنص على أنه "لا يجوز انتخاب أحد لرئاسة الجمهورية ما لم يكن حائزا على الشروط التي تؤهله للنيابة". هذه الشروط كانت واردة في قانون الانتخاب المعروف بقانون ال60 المرعي الإجراء في ذلك الوقت. كان هذا القانون يميز،  كبقية قوانين الانتخاب في العالم، بين نوعين من الشروط: الشروط الإيجابية أي المؤهلة  للنيابة  ( les conditions d’éligibilités)  المحددة في المادة 6 من القانون، وهي أن يكون المرشح لبنانيا منذ أكثر من عشر سنوات، متمتعا بحقوقه المدنية والسياسية وأتم الخامسة والعشرين من عمره الخ... أما الشروط السلبية (les incompatibilités) أي المانعة لأهلية الترشيح، الواردة في المادتين 28 و30 من القانون المذكور، فهي التي تمنع عددا من المواطنين من الترشيح، كرجال الجندية على اختلاف الرتب والموظفين من الفئة الأولى والثانية والقضاة والقائممقامين الخ ...

 منذ البدء استقر الفقه والعرف على انه بالنسبة لرئاسة الجمهورية يجب استيفاء الشروط الإيجابية فقط وليس الشروط السلبية أي المانعة للترشيح وذلك نظرا لأن رئاسة الجمهورية لا تحتاج إلى ترشيح.

V. Edmond Rabbath, la constitution libanaise, Beyrouth, 1982, p. 306 et 307

سمح هذا التفسير وصول بعض كبار الموظفين الى سدة الرئاسة كالأستاذ شارل دباس واللواء فؤاد شهاب والأستاذ الياس سركيس. 

خلافا لهذ الاتجاه، جاء التعديل الدستوري الناتج عن اتفاق الطائف ليفرض صراحة وجوب استيفاء الشروط الإيجابية والسلبية. فالمادة 49 من الدستور تنص حاليا على أنه: "لا يجوز انتخاب أحد لرئاسة الجمهورية ما لم يكن حائزا على الشروط التي تؤهله للنيابة وغير المانعة لأهلية الترشيح". 

تأكيدا على ذلك أضاف المشرع الدستوري فقرة ثالثة على المادة 49 التي تنص: " كما أنه لا يجوز انتخاب القضاة وموظفي الفئة الأولى، وما يعادلها في جميع الإدارات العامة وسائر الأشخاص المعنويين في القانون العام، مدة قيامهم بوظيفتهم وخلال السنتين اللتين تليان تاريخ استقالتهم وانقطاعهم فعليا عن وظيفتهم أو تاريخ إحالتهم على التقاعد".

 انطلاقا مما تقدم لا يجوز انتخاب رئيس الجمهورية من بين الأشخاص المشار إليهم في الفقرة الثالثة من المادة 49 إلا في حالتين: إما احترام الشروط التي تشير إليها هذه الفقرة، أي الاستقالة قبل تاريخ الانتخاب بسنتين، وإما تعديل الدستور لإزالة هذا الشرط.

خلافا لهذه الالية، انتخب مجلس النواب في 25 أيار سنة 2008 قائد الجيش ميشال سليمان رئيسا للجمهورية، خلفا للرئيس اميل لحود وذلك بعد شغور سدة الرئاسة مدة ستة أشهر. تجدر الإشارة أيضا ان العملية الانتخابية تمت ضمن أطار المادة 74 من الدستور وبدون أي تعديل دستوري مسبق يسقط شرط الاستقالة قبل تاريخ الانتخاب بسنتين. ان هذا الانتخاب يطرح عدة أسئلة: هل ان شغور سدة الرئاسة بسبب تلكؤ النواب في انتخاب الخلف يدخل ضمن نطاق المادة 74 من الدستور؟ هل ان هذه المادة تسمح بتجاوز شرط الاستقالة المفروض على موظفي الفئة الاولى والمنصوص عليه في المادة 49 من الدستور؟ وأخيراً هل يمكن البناء على هذه السابقة؟. 

 للجواب عن هذه الاسئلة تجدر الإشارة إلى أن المادة 62 من الدستور تنص على انه في حال خلو سدة الرئاسة " لأي علة كانت"، تناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة بمجلس الوزراء. كذلك تؤكد المادة  73 من الدستور على وجوب احترام مهل محددة لتفادي شغور سدة الرئاسة، وذلك بنصها على ما يلي: " قبل موعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية بمدة شهر على الأقل أو شهرين على الأكثر يلتئم المجلس بناء على دعوة من رئيسه لانتخاب الرئيس الجديد وإذا لم يدع المجلس لهذا الغرض فإنه يجتمع حكما في اليوم العاشر الذي يسبق أجل انتهاء ولاية الرئيس ". وأخيرا تنص المادة 74 على انه إذا خلت سدة الرئاسة "بسبب وفاة الرئيس أو استقالته أو سبب آخر" فلأجل انتخاب الخلف يجتمع المجلس فورا بحكم القانون ...".

يظهر مما تقدم ان هذه النصوص تهدف الى تجنب شغور سدة الرئاسة (م. 73 و م.74)، وفي حال حصوله، الى تامين استمرارية السلطات العامة (م.62)   باناطة صلاحيات الرئيس وكالة بمجلس الوزراء .الا ان أي من هذه النصوص لا تعدد، على سبيل الحصر، حالات الشغور وخاصة تلك التي اعتاد عليها اللبنانيون منذ عقد ونيف، أي تلكؤ النواب لأسباب سياسية في انتخاب رئيس الجمهورية.

فالمادة 74 من الدستور تذكر الوفاة او الاستقالة او " أي سبب اخر  ( pour toute autre raison   . اما المادة 62  فتتكلم " عن أي علة كانت".(Pour quelque raison que ce soit)

من المعروف ان انتخاب الرئيس ميشال سليمان تم استنادا الى استشارة قانونية استحصل عليها رئيس مجلس النواب من وزير العدل السابق الدكتور بهيج طبارة (استشارة غير منشورة، وانما تم نشر مضمونها في عدد من الصحف- انظر السفير تاريخ 2002/12/22 عدد 10881).  بالنسبة للدكتور طبارة ان شرط الاستقالة المسبقة المنصوص عليه في المادة 49 من الدستور يسقط في حال عدم تمكن المجلس من انتخاب الرئيس وفقا للآلية المنصوص عليها في المادة 73 وضمن احترام المهل التي تنص عليها هذه المادة. في هذا السياق، اعتبر الدكتور طبارة ان شغور مركز رئاسة الجمهورية بانتهاء ولاية الرئيس السابق وعدم انتخاب رئيس جديد يؤدي ليس فقط الى إزاحة المادة 73 نتيجة لسقوط المهل التي تنص عليها، انما أيضا الى وجوب تطبيق المادة 74 التي تنص على انه " أذا خلت سدة الرئاسة بسبب وفاة الرئيس اوأستقالته او سبب آخر" يجتمع المجلس فورا بحكم القانون لانتخاب الخلف". بمعنى آخر ان وزير العدل السابق اعتبر ان الشغور في هذه الحالة مماثل لحالة الوفاة او الاستقالة. الامر الذي دفع الرئيس بري  لدعوة المجلس سنة 2008 وفق المادة 74 من الدستور.  

يستند الدكتور طبارة في مطالعته على راي الدكتور ادمون رباط وعلى قرار مجلس شورى الدولة رقم 535 تاريخ 29/5/2002 المتعلق بترشيح رئيسة بلدية بتغرين، السيدة ميرنا المر، للمقعد النيابي الشاغر بوفاة النائب البير مخيبر. بالنسبة لرأي الدستوري الكبير الدكتور ادمون رباط، يؤكد الدكتور بهيج طبارة ان الدكتور رباط واضح وصريح اذ اعتبر، في مؤلفه الصادر سنة 1982 باللغة الفرنسية السابق ذكره، ان عبارة " أي سبب آخر" (pour toute autre raison)   الواردة في المادة 74 من الدستور تشمل حالة شغور سدة الرئاسة الناتجة عن تلكؤ النواب في انتخاب الرئيس، أي كحالة الشغور بسبب الوفاة او الاستقالة، التي نصت عليها صراحة المادة 74. 

مع احترامنا الشديد لعلم وموقع الدكتور طبارة، يمكننا ان نعتبر ان الخلاصة التي توصل اليها من قراءته لتفسير الدكتور رباط للمادة 74 من الدستور لا تعبر بدقة عن راي الدكتور رباط.

 في معرض شرحه للمادة 74   ميز الدكتور رباط الحالات التي تنص عليها لخلو سدة الرئاسة وهي الوفاة او الاستقالة او " سبب آخر" Cf. E. Rabbat, ouvrage préc. p.471 à 479.)  (, ونظرا لان جذور المادة 74 تعود الى دستور الجمهورية الثالثة في فرنسا، (المادة 7 من القانون الدستوري تاريخ 25 شباط 1875) حاول الدكتور رباط تحديد الحالات التي من المحتمل ان تشملها عبارة " أي سبب كان". بعد مراجعته لمؤلفات كبار رجال الفقه الدستوري في فرنسا، (Hauriou, Duguit, Esmein) تمكن الدكتور رباط من اعداد قائمة غير حصرية تشمل الحالات التالية: اتهام الرئيس بالخيانة العظمى؛ تعذر قيام الرئيس بمسؤولياته لأسباب صحية، جسدية كانت ام نفسية؛ خسارة الرئيس لحقوقه المدنية والسياسية والحكم عليه بالخيانة العظمى وأخيرا قبوله بوظيفة عامة أخرى او بمهام تشريعية. (Cf. Rabbat, ouvrage préc., p.474)

من الملاحظ ان جميع الاحتمالات المذكورة أعلاه لا يمكن ان تتحقق الا خلال ولاية الرئيس وليس في نهايتها وذلك لسبب بسيط يكمن في أن المشرع الدستوري الفرنسي لم يكن ليتوقع ان نواب الامة سيستنكفون يوما عن تأدية واجبهم الدستوري بانتخاب رئيس الجمهورية. اما فيما يتعلق بلبنان، فمن المنطق ان لا يتطرق الدكتور رباط، في كتابه الصادر سنة 1982، الى مسالة الشغور الناتج عن عدم تمكن النواب لأسباب سياسية بحته من انتخاب الرئيس، والى انعكاس هذا الشغور على شرط الاستقالة المسبقة المنصوص عنه في المادة 49، وذلك لسبب بسيط أيضا وهو ان كتاب الدكتور رباط، بطبعته الوحيدة، صدر سنة 1982 أي ثماني سنوات قبل التعديل الدستوري سنة 1990 الذي نص على شرط الاستقالة بالنسبة لموظفي الفئة الأولى وما يعادلها. 

الا ان الأمانة الفكرية تفرض علينا الإشارة الى انه في معرض تفسيره للمادة 62 التي تنص على انه في حال خلو سدة الرئاسة " لأي علة كانت"، تناط صلاحيات الرئيس وكالة بمجلس الوزراء، حاول الدكتور رباط معرفة ما أذا كان احتمال عدم تمكن مجلس النواب، لأسباب امنية قاهرة، من انتخاب خلفا للرئيس الياس سركيس سنة 1982 يدخل ام لا ضمن أطار عبارة " أي علة كانت (ص554). بالنسبة للدكتور رباط ان هذه الحالة من الشغور تدخل بدون أدنى شك ضمن إطار هذه العبارة.

                             (La vacance, en l’espèce, procéderait indubitablement de l’expiration de la durée du mandat du président en exercice)

كذلك اعتبر الدكتور رباط ان عبارة " أي علة كانت " التي تشير اليها المادة 62، مطابقة لعبارة " أي سبب كان" التي اعتمدتها المادة 74، مما   يسمح بالاستنتاج ان الدكتور رباط اعتبر، ولو بشكل غير مباشر، ان الشغور الناتج عن تمنع النواب عن انتخاب الرئيس يدخل ضمن نطاق المادة 74 من الدستور، أي كما استنتج الدكتور بهيج طبارة.

الا انه تجدر الإشارة الى ان الدكتور رباط استدرك قائلا ان عدم تطبيق المادة 73 من الدستور المتعلقة بآلية انتخاب الرئيس وبالتالي شغور سدة الرئاسة يجب ان يشكل قوة قاهرة (force majeure) 

(…ce qui englobe aussi le cas où la force majeure   aura mis obstacle à la mise en application de l’article 73 et par voie de conséquence, à l’obligation imposée à la chambre des députés de se réunir immédiatement, de plein droit pour élire un nouveau président), ouvrage précité p.555   

فاين هي القوة القاهرة التي تمنع النواب منذ سنتين ونيف من تطبيق المادة 73 وانتخاب رئيسا للجمهورية؟

يمكننا التساؤل أيضا عن العلاقة التي كرسها الدكتور طبارة بين اسقاط مهل المادة 73 بسبب تقاعس النواب عن القيام بواجباتهم، واسقاط شرط الاستقالة المسبقة المنصوص عنه في المادة 49، بالرغم من انه ليس لهما نفس الموضوع ولا نفس الهدف. فالمادة 73 تحدد المهل المتعلقة بآلية انتخاب الرئيس، اما الاستقالة المسبقة فهي شرط من شروط أهلية الترشيح بالنسبة لموظفي الفئة الاولى وما يعادلها. ثم ان مهل المادة 73 تهدف الى تجنب الشغور اما شرط الاستقالة المسبقة فيهدف الى الحؤول دون تسخير المؤسسات لتقديم الخدمات للسياسيين. فهل ان سقوط مهل المادة 73 يؤدي الى زوال هذا الخطر؟

أخيرا بالنسبة للواقع السياسي الذي نعيشه اليوم، يجب التذكير ان ولاية الرئيس ميشال عون انتهت في 31 تشرين الأول سنة 2022. يعني ذلك انه كان يجب على أصحاب الطموح الرئاسي من موظفي الفئة الأولى وما يعادلها، الاستقالة قبل 31 تشرين الأول سنة 2020. فهل يمكن القول ان سقوط مهل المادة 73 من الدستور سنة 2022 بفعل إرادة سياسية واضحة يؤدي، وبمفعول رجعي، الى اسقاط شرط الاستقالة المسبقة التي كان على أصحاب العلاقة تقديمها قبل سنتين؟ 

يظهر مما تقدم ان شرط الاستقالة المسبقة لا يسقط بشكل مطلق الا في حال حدوث الفراغ ليس قبل نهاية ولاية الرئيس وحسب، وانما أيضا قبل تاريخ تقديم الاستقالة المحدد في الدستور. بالإضافة الى ذلك يجب ان يكون الشغور، كما أكد على ذلك الدكتور رباط وكبار رجال الفقه في فرنسا( Cf. E. Rabbat, ouvrage préc.373 et s.) ، نتيجة حدث طارئ وغير متوقع ولا يمكن الحؤول دون حدوثه كالوفاة او الاستقالة او تعذر قيام الرئيس بمسؤولياته لأسباب صحية. وهذا ما أكد عليه مجلس شورى الدولة في قراره رقم 535 تاريخ 29/5/2002 الذي يشير اليه الدكتور طبارة في مطالعته. ففي هذه القضية توفي الدكتور البير مخيبر بتاريخ 12 نيسان 2002 أي قبل 3 سنوات و5 أشهر من ولايته الانتخابية التي بدأت مع الانتخابات النيابية اتي حصلت في أيلول 2000. لذلك كان من المستحيل بالنسبة للسيدة ميرنا المر ان تتنبأ بوفاة المرحوم البير مخيبر وتستقيل من رئاسة البلدية قبل سنتين من حدوث الشغور كما تنص على ذلك المادة 22 من القانون 665 تاريخ 29-12-1997. وهذا ما يفسر قبول مجلس الشورى بسقوط مهلة السنتين.

أخيرا تجدر الإشارة الى انه ردا على مطالبة الرئيس حسين الحسيني والنائب الأستاذ بطرس حرب وغيرهم من النواب بتعديل المادة 49 من الدستور قبل انتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية، هناك من قال بان التوافق الذي حصل على العماد سليمان بعد اتفاق الدوحة سيؤدي الى التصويت له بأغلبية ساحقة تتعدى اغلبية الثلثين المفروضة لتعديل الدستور؛ وهذا ما حدث بالفعل اذ حصل على 112 صوتا من أصل 128. انطلاقا من هذه النتيجة اعتبر هؤلاء ان الدستور عدل ضمنيا وان دستورية الانتخاب لا غبار عليها طالما انه لن يتوفر عدد النواب المطلوب للطعن بدستورية الانتخاب، أي ثلث عدد النواب (43 نائبا). (انظر م. 23 من قانون انشاء المجلس الدستوري رقم 93/250).

ان الرد على هذه الحجج لن يكون مسهبا. بالنسبة للتعديل الدستوري الضمني نقول ان الدستور يخصص ثلاث مواد يحدد فيها بدقة متناهية شروط وآلية تعديله دون ان يشير، لا من قريب او من بعيد، الى ما يسمى بالتعديل الضمني. اما فيما يتعلق بدستورية الانتخاب بسبب استحالة الطعن امام المجلس الدستوري، فأننا نعتقد ان عدم تمكن الهيئات المختصة من القبض على القاتل ومحاكمته لا يعني ان الجريمة لم تقترف. 

في الواقع ان الحل الذي قدمه الدكتور طبارة هو سياسي أكثر منه دستوري. فالرئيس بري كان يرفض أي تعديل دستوري في ظل "حكومة بتراء" بسبب استقالة الوزراء الشيعة منها وفي نفس الوقت لم يكن بامكانه الوقوف في وجه تفاهم دولي –عربي، توج باتفاق الدوحة لصالح العماد سليمان. (انظر نقولا ناصيف: اقتراح طبارة-2: لا تعديل ولا تفسير ولا تعليق، بل تطبيق للمادة 74؛ الاخبار 18 كانون الأول 2007).

من نافل القول ان الدساتير توضع لمصلحة الشعب وليس العكس. انطلاقا من هذه الحقيقة لا بد من السؤال عن الحل الممكن تصوره في هذا الزمن الرديء الذي نعيش فيه، اذ من الصعوبة بمكان تعديل الدستور او تعليقه في ظل شغور سدة الرئاسة وحكومة تصريف اعمال. كذلك لا يمكن البناء على سابقة الرئيس سليمان استنادا الى مقولة  "مرة واحدة لا تشكل عرفا" fois n’est pas coutume)  (. Une   ان الحل البديهي الذي يخطر للوهلة الأولى على البال هو ان يدرك النواب مخاطر مخالفة الدستور وينتخبون مرشحا لا يخضع لشرط الاستقالة المسبقة. ولكن ما العمل إذا لم يوافق الناخبون "الأجانب"

 على هذا الحل؟ هل ننصاع لأرادتهم ونخرق دستورنا كرمى لعيون من يحاضر منذ عقود "بعفة" احترام القوانين والدساتير ويهددنا بالويل والثبور وعظائم الأمور في حال خرقها؟ بالطبع نعم !!!: " ما كانت الحسناء ترفع سترها ...". في هذه الحالة لم يبق امامنا الا " شفيعة المستحيلات"، أي نظرية الظروف الاستثنائية. في دعوته لجلسة الانتخاب، وحفاظا على ماء الوجه، يمكن لرئيس المجلس ان يستند الى هذه النظرية ويشير اليها قي محضر الجلسة. فكما يؤكد العميد جورج فيديل، في استشارة له بناء على الطلب المرحوم العميد ريمون اده، ان هذه الظروف يمكن ان تبرر بعض الاستثناءات على النصوص الدستورية. 

« Les circonstances exceptionnelles peuvent, en droit, justifier des dérogations aux textes constitutionnels, pourvu que ces dérogations soient limitées à ce qui est strictement nécessaire et qu’elles aient pour objet le retour à la légalité normale », cité par E. Rabbat, ouvrage préc., p.476 »

المنشورات ذات الصلة