في الملف الرئاسي عشية جلسة انتخاب الرئيس العتيد غداً، زحمة تدخلات مع زحمة موفدين، أميركي وفرنسي وسعودي وقطري، والمرشح البارز واحد، وهو قائد الجيش العماد جوزف عون، الذي فشلت المساعي الأميركية والسعودية بإقناع رئيس حزب القوات اللبنانية بتبني ترشيح العماد عون، متذرعاُ بأن المطلوب أن يرشحه ثنائي حزب الله وحركة أمل أولاً ثم يقوم هو بدراسة الموقف، وأنه يفضل الذهاب الى استكشاف فرصة التوافق على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، ورغم ذلك بقي اسم العماد عون في التداول بانتظار جلسة الخميس، بينما يجري التشاور حول أسماء بديلة للجلسات التي تلي الجلسة الأولى حيث يحسم مصير طرح اسم العماد عون، الذي يحتاج إلى 86 صوتاً للفوز.
وقبل ساعات من جلسة الخميس الرئاسية الحاسمة، ازدحمت الساحة السياسيّة بالاتصالات. وأمس، وصل المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان إلى بيروت، حيث سيحضر جلسة انتخاب الرئيس، بناءً على دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري. وتندرج الزيارة في «إطار الجهود المبذولة منذ أكثر من عامين بالتشاور الوثيق مع شركاء لبنان وأصدقائه في المجموعة الخماسية، لتمكين اللبنانيين من انتخاب رئيس للجمهورية وفقاً للمبادئ المتفق عليها في الدوحة في تموز (يوليو) 2023. ويأتي ذلك بعد الزيارات التي قام بها المبعوثان السعودي والأميركي في الأيام الأخيرة».
واعتبرت الخارجية الفرنسية أن «انتخاب رئيس للجمهورية هو الخطوة الأولى في إعادة تفعيل المؤسسات اللبنانية بشكل عاجل واستعادة سيادة البلاد». ويلتقي لودريان اليوم رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ورئيس حزب القوات سمير جعجع.
وأمس، واصل المبعوث الاميركي اموس هوكشتاين لقاءاته، في وقت بدا أن حظوظ قائد الجيش العماد جوزيف عون بالرئاسة هي الأعلى ووصوله إلى قصر بعبدا ينتظر موقف الثنائي الشيعي وأحد أطراف الثنائي المسيحي، الرافض حتى الساعة انتخابه. وأكد عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسين الحاج حسن، أن «موقف الحزب سيتمّ الإعلان عنه في الوقت المناسب». وأشار إلى أنه «في حال عدم حصول أي مرشح على 65 أو 86 صوتاً، فإن الجميع معني بالحوار للتوصل إلى توافق حول مرشح معين، مع احترامنا لجميع المرشحين». ولفت الى أن «كتلة «حزب الله» ليست الوحيدة المعنية بالحوار أو بتأمين النصاب»، وقال: «إن النقاش حول أسماء أخرى ما زال جارياً مع حلفاء الحزب. نحن لسنا الوحيدين الذين نستطيع أن نقرّر وحدنا، والقرار هو قرار الجميع».
وبينما دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري، رسمياً، إلى عقد جلسة عامة في الحادية عشرة من قبل ظهر يوم غد لانتخاب رئيس للجمهورية، استقبل رئيس حزب الحوار الوطني النائب فؤاد مخزومي إلى مأدبة فطور في دارته، مبعوث الرئيس الأميركي أموس هوكشتاين الذي أكد أن «الولايات المتحدة الأميركية دولة صديقة للبنان وستبقى من الداعمين له ولجيشه». وشدّد هوكشتاين، خلال اللقاء على ضرورة التزام لبنان وضمناً أي رئيس قادم باتفاق الطائف والاتفاقيات والإصلاحات الضرورية. وقال إننا «أمام فرصة ذهبية»، مسمّياً قائد الجيش العماد جوزف عون كأحد المرشحين المدعومين لرئاسة الجمهورية، مؤكداً في الوقت عينه أنه ليس المرشح الوحيد.
وفيما زار هوكشتاين رئيس حزب القوات سمير جعحع، أعلن عضو تكتل الجمهورية القوية النائب جورج عقيص بعد اجتماع لنواب المعارضة والتغييريين أن «لدينا خطة واحدة كمعارضة سندخل فيها إلى جلسة 9 كانون الثاني». وقال «نحن كمعارضة اجتماعاتنا مستمرّة مع الكتل كافة فهدف هذه الاجتماعات هو تنسيقي مع هذه الكتل ونتمنى أن تتنج جلسة 9 كانون الثاني رئيساً للجمهورية».
وأشار النائب وضاح الصادق، الى أنه «عند التاسعة من مساء اليوم سنعلن المرشح الذي سنخوض به الانتخابات، وما ينقل عن سحب ترشيح اللواء الياس البيسري غير دقيق»، لافتاً الى أن «البيسري قال لن يقبل أن يكون مرشح مواجهة وإذا لم يتوافق عليه لن يدخل المعركة».
إلى ذلك، اتخد المكتب السياسي لحزب الكتائب أمس، قراراً بدعم ترشيح قائد الجيش لرئاسة الجمهورية وسوف تستكمل كتلة الكتائب مداولاتها مع المعارضة اليوم، في حين أن الدكتور جعجع طرح أمس خلال استقباله هوكشتاين اسمي الوزير جهاد ازعور وزياد الحايك وأكد أن لا فيتو على قائد الجيش وإن سار به الثنائي الشيعي فهو مستعدّ لدعمه.
أما رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الذي بحث في الملف الرئاسي مع الأمين العام لحزب الطاشناق هاغوب بقرادونيان فكان قد أبلغ الرئيس بري خلال زيارة قام بها إلى عين التينة بعيداً عن الإعلام بضرورة الذهاب الى انتخاب رئيس أقرب إلى المجتمع الدولي، مقترحاً السير إما بالوزير السابق زياد بارود أو بالوزير السابق جهاد ازعور. وكان باسيل تواصل مع مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله الحاج وفيق صفا وقدّم له قراءة سياسية حيال مآل الأمور في ما خص جلسة انتخاب رئيس وأهمية انتخاب رئيس يحظى بثقة المجتمع الدولي.
واستقبل البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، الوزير السابق زياد بارود الذي اعتبر «أن البطريرك لا يفضل مرشحاً على آخر في ما يتعلق بالملف الرئاسي وهو أب راعٍ للجميع. وأكد أنه في ما يتعلق بالجلسة الانتخابية المنتظرة وفي حال كان هناك توافق على اسم معين، فهو سيكون خارج المنافسة وسيبارك للرئيس الذي يجب أن يكون رئيساً جامعاً وأن يؤدي مهمة إنقاذية، ولكن في حال لم يحصل هذا التوافق في جلسة الانتخاب، فكل الاحتمالات واردة بما فيها الاستمرار في المعركة الرئاسية». وأكد بارود في دردشة مع الإعلاميين أن «الوقت حان لضرروة انتخاب رئيس يساهم في نهضة البلد مع حكومة نظيفة تستطيع أن تواجه التحديات الكبيرة التي تنتظر البلد»، لافتاً الى «أن الاستحقاق الرئاسي يجب أن يكون لبنانياً ولو حاول بعض أصدقاء لبنان المساعدة في إنجازه، ولكن على النواب أن ينتخبوا الرئيس». واعتبر بارود «أن جلسة الخميس هي محاولة أخيرة للتوصل الى توافق يبقى رهن الساعات المقبلة»، متمنياً «أن تستطيع الكتل النيابية التقاطع على رئيس يجمع اللبنانيين، وإلا سنكون أمام دورات مفتوحة ومتتالية كما قال الرئيس برّي»، وعن سؤاله عن الاسم الذي يدعمه للرئاسة، قال بارود إنه «ليس نائبا ولا قرار له في هذا السياق، ولكنه يدعم أي اسم يتم التوافق عليه»، مشدّداً أنه «حان الوقت لرئيس سيادي وليس رمادياً».
ودعا مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، في تصريح، النواب إلى «القيام بواجبهم الدستوري بانتخاب رئيس للجمهورية في التاسع من الشهر الحالي»، وحثهم على «التوافق في ما بينهم لانتخاب رئيس ينقذ لبنان من التخبط الذي يعيشه كي لا يغرق الوطن في مزيد من الفوضى». ونبّه من «أي عرقلة تحول دون التوصل إلى انتخاب الرئيس مما يتسبب في استمرار الشغور الرئاسي الذي يعطي العدو الصهيوني فرصة لاستغلال الخلافات السياسية لضرب وحدة اللبنانيين وتضامنهم ويعرض البلاد إلى الانهيار». وأكد «أن تحصين الوحدة اللبنانية هو بانتخاب رئيس للجمهورية لتجنيب لبنان الفتن التي يستفيد منها المتربّصون بلبنان شراً». ووصف المفتي دريان الجهود والمساعي «التي تقوم بها الدول العربية والصديقة بـ»البناءة»، التي تعطي الأمل بانتخاب رئيس وتشكيل حكومة وتفعيل عمل مؤسسات الدولة وإعادة بناء لبنان من جديد».