يُنتظر أن يكون اليوم بما سيشهده من لقاءات ومشاورات واتصالات، حاسماً لمصير جلسة الانتخاب الرئاسي ومؤدّياتها، بحيث ستتظهر حقيقة مواقف الكتل السياسية والنيابية، في ظل إصرار المعنيين بالاستحقاق الرئاسي على أن تكون الجلسة ناجزة بانتخاب رئيس جمهورية جديد، يفترض أن يبرز اسمه قبيل دخول النواب إلى ساحة النجمة، وربما يكون من بين اربعة مرشحين: قائد الجيش العماد جوزف عون والوزير السابق جهاد ازعور والمدير العام بالإنابة اللواء الياس البيسري والمصرفي سمير عساف، حسب قول أحد النواب المواكبين للحراك الجاري لبنانياً واميركياً وعربياً لـ»الجمهورية».
وأكّدت مصادر نيابية شاركت في اجتماع عدد من النواب مع الموفد الأميركي آموس هوكشتاين لـ«الجمهورية»، أنّ الاخير أكّد «انّ قائد الجيش العماد جوزف عون هو محط ثقتنا، وتجربة العمل معه ناجحة، ولكن اللبنانيين أحرار في اختيار الرئيس، ونحن أحرار في ما إذا كنا سندعمه ونعاود الاستثمار لديكم أم لا».
وأوضحت المصادر، انّ هوكشتاين لفت إلى «أنّ هناك أماكن عدة في منطقة الشرق الأوسط يمكننا أن نستثمر فيها غير لبنان»، في إشارة إلى الأهمية التي توليها واشنطن لمواصفات الرئيس المقبل، في اعتبارها معياراً لأي مساعدة أميركية للبنان في المرحلة المقبلة. وأشارت إلى أنّ الوقائع المتوافرة حتى الآن تشير إلى أنّ مسار جلسة الخميس لا يزال غامضاً ومفتوحاً على كل الاحتمالات.
واعتبرت المصادر انّ المؤشرات الراهنة توحي بأنّه سيكون من الصعب انتخاب الرئيس في الدورة الأولى، الّا اذا اختلطت الأوراق خلال الساعات الـ48 المقبلة في اتجاه تأييد اسم محدّد، منبّهة إلى انّ الذهاب نحو إنجاز الانتخاب في الدورات اللاحقة بأكثرية 65 صوتاً ينطوي على محاذير سياسية، لأنّ «اليوم التالي» سيكون عندها مجهولاً.
المواصفات الدولية
وفي غضون ذلك، واصل هوكشتاين لقاءاته أمس، فلبّى دعوة رئيس حزب «الحوار الوطني» النائب فؤاد مخزومي إلى مأدبة فطور في دارته، حضرتها السفيرة الأميركية ليزا جونسون وطاقم من السفارة، وممثلون عن معظم الكتل النيابية.
وقال أحد النواب الذين شاركوا في اللقاء لـ«الجمهورية»، إنّ هوكشتاين جزم أمام محدثيه انّ الانسحاب الإسرائيلي من المنطقة الجنوبية سيكون شاملاً، ولن يعطله، وفي مقابله سيتمّ تنفيذ القرار الدولي 1701 بكل مندرجاته.
وحسب هذا النائب فإنّ هوكشتاين عندما سأله بعض الحاضرين عن الاستحقاق الرئاسي، شدّد على «انّ الرئيس الجديد يجب ان يتمتع بالمواصفات الدولية المطلوبة». وإذ لاحظ الحاضرون أنّ هذه المواصفات جاءت متطابقة مع تلك التي حدذدها الموفد السعودي الامير يزيد بن فرحان خلال زيارته الأخيرة للبنان قبل أيام، سأله أحد النواب الحاضرين: هل تنطبق هذه المواصفات على قائد الجيش العماد جوزف عون؟ أجاب بديبلوماسية تعكس التأييد الاميركي الضمني لعون، إذ قال: «إنّه يتمتع بهذه المواصفات ولدينا ثقة بالتعاون معه، ولكن ليس بالضرورة ان يكون المرشح الوحيد الذي نريد. فهناك خيارات أخرى». واكّد أنّ «الولايات المتحدة الأميركية دولة صديقة للبنان وستبقى من الداعمين له ولجيشه». وشدّد على ضرورة التزام لبنان وضمناً أي رئيس قادم باتفاق الطائف والاتفاقيات والاصلاحات الضرورية، وقال إننا «أمام فرصة ذهبية».
جعجع
وفي المواقف من الاستحقاق الرئاسي، قال رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، الذي كان له لقاء مع هوكشتاين في بيان امس: «يعرف القاصي والداني ومنذ أشهر طويلة لا بل منذ سنوات، أنّ جماعة الممانعة لا يقبلون بأي شكل من الأشكال بالعماد جوزف عون رئيساً للجمهورية، وقد كان ذلك واضحاً وجلياً إن في التسريبات الصحافية، او من خلال ما كان يدور في الاجتماعات السياسية المغلقة مع القوى والكتل، أو عبر ما دار ويدور مع الموفدين الدوليين. كما كان جلياً منذ أشهر لا بل منذ سنوات، انّ «القوات اللبنانية» على علاقة طيبة بالعماد جوزف عون، وعندما طُرح اسمه كمرشح رئاسي كانت «القوات» أول من اعتبره من بين المرشحين الجدّيين، ولم تضع أي فيتو على اسمه في أي لحظة من اللحظات في انتظار المزيد من المداولات».
وأضاف: «مع تعاقب الأيام والأحداث، وفي الأسابيع الأخيرة، أصبح واضحاً وجلياً انّ جماعة الممانعة مع «التيار الوطني الحر» يرفضون العماد جوزف عون في رئاسة الجمهورية، وبالتالي أسقطوا ترشيحه تلقائياً، لأنّهم مع بعضهم البعض يستطيعون جمع ثلث معطل يقطع الطريق على ترشيحه». واعتبر «أنّ فريق الممانعة هو فريق كاذب، وفي الحالات كافة، إذا بدّل فريق الممانعة في رأيه وبشكل علني وواضح، بإعلانه رسمياً ترشيح العماد جوزف عون، فنحن مستعدون للنظر بإمعان في هذا الأمر».
التوافق الداخلي
ومن جهته أكّد رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، أنّ «موقفنا من العام 2022 يؤكّد على ضرورة التوافق الداخلي ليزيد الدعم الخارجي، وهو السبب الأساسي لعدم موافقتنا على ترشيح سليمان فرنجية. ولذلك انا ايضاً لم اترشح، ومرشحنا هو التوافق الذي يقتضي عدم وجود غالب ومغلوب».
وقال في مقابلة مع قناة «إل بي سي»: «طبعاً نحن ندخل بالأسماء، والوزير السابق جهاد ازعور من الطبيعي ان يكون مطروحاً من قبلنا. فنحن كتيار لم نطرحه ونتقاطع عليه في الأساس كمرشح تحدٍ للثنائي الشيعي، ونتمنى ان يسير الثنائي في هذا الخيار، لكن اذا لم يحصل ذلك سنبقى مستعدين للبحث معهم في مرشح آخر». وأضاف: «متوافقون مع المعارضة على أكثر من اسم، لكن المهم ان نصل إلى اسم يتقاطع مع الثنائيّ. إذ إنّه وقت للتلاقي لا للانقسام». وشدّد باسيل على أنّ انتخاب قائد الجيش «مخالف للدستور الذي لا يتعدّل ضمناً بأصوات الـ86 نائبًا. اما المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء البيسري فيتطلّب تعديل القانون. الّا أنّ أداءه جيّد». وكشف «إنني متخوف من أي عمل لمنع جلسة الخميس إما أمني أو سياسي تخريبي، لذلك ادعو إلى تأمين النصاب والتوافق قبل الجلسة الانتخابية»