عاجل:

الاستشارات النيابية تفتح باب الاصطفافات السياسية الجديدة (الأخبار)

  • ٣٣

في أول يوم عمل له بعد انتخابه رئيساً للجمهورية، دعا الرئيس جوزيف عون النواب الى الاستشارات الملزمة لتسمية الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة، وذلك يوم الاثنين المقبل. وهي خطوة جاءت بعدما طلب عون من الرئيس نجيب ميقاتي الاستمرار في إدارة حكومته لحين تشكيل أخرى.

وقبل أن تكتمل مراسم «التتويج» الرئاسي في القصر، الذي شهِد أمس لقاءات تهنئة، ظهرت ملامِح انقسام حول الشخصية التي ستتولى الحكومة في المرحلة المقبلة، علماً أن الاتفاق على رئيس لها سيكون أول اختبار للعهد الجديد، وكيفية تعامل القوى السياسية معه ومع المرحلة الجديدة التي قال رئيس الجمهورية إنها «بدأت الآن».

في الساعات الماضية، لم يكُن ثمة ما يوحي بوجود اتصالات مكثفة بين الكتل النيابية للتشاور على الاسم. وبدا أن المحركات بطيئة إلى حدّ ما وكأن البعض لا يزال في مرحلة «الاحتفال». وفيما تشي معطيات عدّة بأن «قطوع» تسمية رئيس الحكومة العتيد سيمرّ بسلاسة توفرها الضغوط الخارجية، كما حصل في موضوع الرئاسة، تقاطعت أوساط سياسية عند سيناريو يقود الى تثبيت الرئيس ميقاتي لتولّي المهمة حتى موعد الانتخابات النيابية المقبلة في أيار عام 2026. وأفادت المعطيات بأن «الفكرة هي جزء من الصفقة التي وصلت بالعماد عون الى بعبدا، وكانت واحدة من الأفكار التي نوقِشت مع ثنائي حزب الله وحركة أمل الذي يميل الى بقاء ميقاتي في الحكومة في المرحلة الحالية».

وعلمت «الأخبار» أن تيار «المردة» والحزب الاشتراكي وتكتّل الاعتدال يؤيدون بقاء ميقاتي، بينما يرفض كل من التيار الوطني الحر و»القوات اللبنانية» وحزب الكتائب والنواب التغييريين تسميته. وقد انطلقت المشاورات داخل الكتل بشأن اسم مرشحها لرئاسة الحكومة.

وأشيعت معلومات أمس تفيد بأن قائد «القوات» سمير جعجع «دفع النائب أشرف ريفي إلى إعلان نفسه مرشحاً لرئاسة الحكومة»، علماً أن النائب فؤاد مخزومي هو من الخيارات التي يضعها جعجع على الطاولة، لكنه يميل الى ريفي الذي «وقف إلى جانبه في كل المحطات». وفيما يتقدّم مخزومي على ريفي عند باقي قوى المعارضة، باستثناء البعض الذي لم يحسم أمره، مثل النواب: أسامة سعد وحليمة قعقور وسينتيا زرازير، يُمكن القول إنه يضمن حوالي 33 صوتاً، وقد يحصل على عدد أكبر في حال تدخّل السعودية لدعمه.

وكشفت مصادر مطلعة أن «مخزومي يحاول إقناع رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل بصفقة حكومية مقابل تسميته، لكن الأخير لم يقرر بعد، علماً أن باسيل لا يدعم مطلقاً بقاء ميقاتي، وهو سبق له أن فكر بمخزومي خلال ولاية الرئيس السابق ميشال عون. وسيكون موقف باسيل مرتبطاً بموقف التيار من التعامل مع العهد الجديد، حيث يسود مناخ داخل التيار بالعمل من موقع المعارضة.

وكانَ بارزاً غياب أسماء طرحت سابقاً كخيارات مواجهة؛ من بينها القاضي نواف سلام، أو الرئيس فؤاد السنيورة الذي تداولت به بعض الجهات الخارجية باسمهما قبل الاتفاق الرئاسي، وخصوصاً عندما كانت هذه الدول تتعامل مع لبنان كبلد من دون حزب الله. ثم ما لبثَ هذا الموقف أن تراجع، وسطَ معلومات تحدثت عن توجه لدى «لجنة الدول الخماسية»، ولا سيما الأميركيين بعدم الذهاب بعيداً في المعركة، وما هو انعكس كلاماً على لسان دبلوماسيين ومسؤولين غربيين وعرب بالتنبه لهذه الفكرة وضرورة الاقتناع بعدم قدرة أحد على حكم البلد بمعزل عن الثنائي الشيعي.

وفي تصريح أدلى به اليوم بعد لقائه عون في بعبدا، قال ميقاتي «بحثت مع رئيس الجمهورية في المرحلة السابقة وتناقشنا في ما قامت به الحكومة». ولفت إلى أن هناك خطوات دستوريّة لتشكيل الحكومة التي يجب أن تكون قادرة على تنفيذ التوجه الذي شرحه الرئيس أمس، ونحنُ أمام ورشة عمل جديدة لإنقاذ لبنان. وعقد عون خلوة استمرت ساعة مع البطريرك بشارة الراعي، أشاد فيها الأخير بمضمون خطاب القسم، واصفاً إياه بخريطة الطريق الإنقاذية للبنان، كما نوّه بـ«الدعم المحلي والعربي والدولي الواسع الذي لقيه انتخاب الرئيس عون، ما يساعد على تحقيق الإنقاذ المنشود».

وكانت فعاليات بيروتية، وأخرى مقربة من تيار «المستقبل» قد عبّرت عن استيائها من ترشيح رئيس حزب «القوات اللبنانيّة»، سمير جعجع للنائب فؤاد مخزومي لرئاسة الحكومة. ويتردّد أنّ بعض المقرّبين من رئيس «حزب الحوار الوطني» عاتبوه على هذا الأمر، معتبرين أنّ «من غير المنطقي أن يقوم رئيس حزب مسيحي بفرض ترشيح شخصيّة سنيّة بيروتيّة، ونصحوه بالانتباه من مخطّط «معراب» في إحراقه.

كذلك تؤكّد شخصيّات مقرّبة من السفارة السعوديّة أنّ السفير وليد بخاري لم يُفصح لهم عن الشخصيّة التي تُفضلها بلاده لرئاسة الحكومة، وإن كانوا يؤكّدون أنّ مخزومي ليس على «لائحة المملكة»، رغم علاقته مع أحد النّافذين في السفارة

وتقول شخصيات التقت رئيس اللجنة المختصة بلبنان في وزارة الخارجية السعودية يزيد بن فرحان (أبو فهد) خلال زيارته بيروت، إنّ الأخير ردّد أمامهم بعض المواصفات التي تفضّلها الدول العربيّة لرئاسة الحكومة، وهي تتطابق مع المواصفات التي طرحتها «اللجنة الخماسيّة» سابقاً بما يخص مرشح رئاسة الجمهوريّة كأن يكون من خارج الطبقة السياسيّة. ومع ذلك، يؤكّدون أنّهم لم يسمعوا من السعوديين كلاماً يفيد برفع «الفيتو» بوجه الرئيس نجيب ميقاتي لتولي حكومة تبقى لمدّة سنة واحدة، وتكون مهمّتها إجراء الانتخابات النيابيّة، حتّى يكون الاتفاق على اسم رئيس الحكومة المقبل قد نضج.


المنشورات ذات الصلة