عاجل:

"الثنائي الشيعي" ما بين "الميثاقية" و"المزاج الشعبي".. أسئلة تنتظر اجوبة؟! ( خاص )

  • ٥٠

خاص - "إيست نيوز" 

على هامش المناقشات التي شهدتها الاستشارات النيابية الملزمة في قصر بعبدا، والتي انتهت الى تسمية السفير نواف سلام لتشكيل حكومة العهد الاولى ترددت مجموعة من العبارات المهمة التي تثير إشكاليات سياسية وطائفية تعكس جوا من القلق على سلامة ومستقبل تشكيل الحكومة الجديدة،  وعلى انطلاقة العهد في خطواته الاولى، ولا سيما منها التي تحدثت عن فقدان "الميثاقية" في مسلسل التسمية النيابية لسلام بأكثرية نيابية بلغت 84 صوتا مقابل 9 اصوات لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.

بالإضافة الى الحديث عن خرق لاتفاق تحدثت عنه أوساط عين التينة يقضي ببقاء ميقاتي في السرايا من دون الكشف عن هوية وشخصية وموقع الطرف الثاني الذي يتكون منه هذا الاتفاق، ومدى تأثيره على ما جرى وقدرته على تغيير المزاج الذي عكسته اكثرية نيابية لا نقاش في نسبتها وحجم تحولاتها.

وإن كانت "الميثاقية" عنوان الإشكالية الاولى فقد بات واضحا أنها ما زالت مصدر تفسيرات متناقضة تقاس على حجم الخلاف وموضعه وعنوانه ان كان حكوميا او سياسيا وسط استحالة مقاربتها من الناحية الدستورية، ذلك أنها عبارة لم يتناولها الدستور في أي من مواده، وإن أمعن البعض في تفسيرها قد يختلفون على حجمها ما بين ان تقاس بضرورة حماية مبدأ "المناصفة" بين المسلمين والمسيحيين في لبنان او على اساس حماية "المذاهب الكبرى" لتتساوى طريقة التعاطي معها على الجميع بما فيها "المذاهب الصغيرة".

وعليه فان اشارة رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد الى هذه "الميثاقية" بعد مشاركتها في الاستشارات النيابية الملزمة وربطها بمقدمة الدستور عند حديثه بأن "لا شرعية لأية سلطة تناقض العيش المشترك" لم تكن مقبولة.

فقد قيل سابقا في أوساط محور الممانعة عندما لم ينل الرئيس ميقاتي في آخر استشارات نيابية  ملزمة في نهاية عهد الرئيس العماد ميشال عون اصواتا مسيحية، ان الميثاقية تحتسب عن "تشكيل الحكومة" وليس عند الاستشارات لتسمية الرئيس المكلف.

وإن كان هذا النقاش لم يكن واردا من قبل، فقد فرض الموقف الموحد لـ "الثنائي الشيعي" من كل الملفات التي طرحت قبيل انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية وما بعده وصولا الى الاستشارات النيابية شكلت مناسبة للنقاش غير الشافي حول هذه المواضيع، بعدما تبين ان مواقف النواب الشيعة الـ 27 ما زالت جامدة  ولا تراعي الاكثرية النيابية بالوانها المختلفة ما جعلها في عزلة عن هذه الاكثرية الى درجة قد تضطر الى البقاء في موقع معزول عنها شاءت ذلك ام أبت. وهي معادلة وضعتها في مواجهة اكثرية درزية شاملة كانت الى جانب العماد جوزاف عون في الانتخابات الرئاسية وعند تسمية الرئيس المكلف نواف سلام في موازة نسبة من الأكثرية الكبيرة المسيحية والسنية التي سمت سلام. ولما اضطرت الى التصويت الى جانب العماد عون في الدورة الانتخابية الرئاسية الثانية لم تجاري الاكثرية عينها عند تسمية الرئيس المكلف وبقيت عند منطق عدم التسمية.

اما بالنسبة الى الاشكالية الثانية عند الحديث عن "الانقلاب" المحكي عنه ووجود من خلافه فقد احتارت المراجع النيابية وغير النيابية المعنية في تفسير هذا المعطى. ذلك ان ايا من هؤلاء سواء من من رؤساء الكتل النيابية او غيرهم  لم يكن على علم بمثل هذا الاتفاق الذي يقول ببقاء الرئيس ميقاتي في السراي ايا كانت الظروف المحيطة بالاستشارات. وإلى ان يكشف محيط الرئيس نبيه بري عن هذا الإتفاق والجهات المعنية به سيبقى النقاش مفتوحا دون أي نتيجة حاسمة.

وبمعزل عن هذه المعطيات كافة فقد كشفت مراجع محايدة لـ "ايست نيوز" ان الثنائي الشيعي لا يمكنه الاستمرار بهذه الطريقة في التعاطي مع الملفات المطروحة وأن النهج المعتمد سيزيد من العزلة. فليس مضمونا ان بيئته الحاضنة ما زالت على "ثوابت الماضي" ولا "المزاج اللبناني" العام يتقبل المواقف "الجامدة". وعليه طرح السؤال الى متى ستبقى هذه المواقف من دون ان تراعي التحولات التي قادت الى "اكثرية جديدة" التي عبر عنها استحقاق انتخاب الرئيس وما رافق تسمية الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة.

والى تلك المرحلة التي سيعيد فيها الثنائي قراءته للتطورات بقيت بعض الاسئلة مطروحة من دون توفر الإجابة عليها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:

الى متى سيبقى الخلاف قائما في وجهات النظر بين اللبنانيين، ويبقى "الثنائي الشيعي" خارج اي تفاهمات اوسع من بيئته المقفلة بعدما انهى او تخلى او افتقد الحلفاء من كل الجهات؟ 

هل صحيح ان هذا الثنائي يخشى اي خطة او مسعى لبناء الدولة والجيش كما يتوق اليه جميع اللبنانيين دون استثناء ولتكون الشرعية وحدها  ضامنة للاستقرار والامن على الحدود وفي الداخل؟

وهل صحيح ان هناك حاجة الى منطق "المقاومة" في ظل التفسير الدولي لتفاهم 27 تشرين الثاني 2024 الذي لا يفرق في نظرته الى ضرورة تفكيك مصانع الاسلحة غير الشرعية ومصادرة مخازنها بين جنوبي الليطاني وشماله وشرقه وغربه؟

والى متى سيبقى منطق حماية الشخص ايا كان موقعه متقدما على دور ومهمة المؤسسة؟.

وقبل التنبؤ باي جواب على مجموعة الاسئلة هذه، ينبغي ان يستمع اللبنانيون الى ما ينتظرونه من مواقف واضحة من هذه العناوين او على الاقل رؤية عروض وممارسات جديدة تشكل اجوبة على هذه الأسئلة.

المنشورات ذات الصلة