عاجل:

نكساتٌ لم تتوقف بعد

  • ١٠

بقلم الدكتور نزار دندش

يعاني "حزب الله" من أزمة لم يشهد لها مثيلاً من قبل ، فقد أوصلته النكسات المتتالية الى وضع لم يعد فيه قادراً على الوفاء بوعوده ولم يعد الأفق يتسع للإجتهادات والوعود غير المضمونة. لقد ترافقت الظروف الموضوعية الضاغطة مع ظروفٍ ذاتية مُخيّبة فصار الحمل ثقيلاً الى درجة لم يعد فيها طُهرُ افراد قاعدته واستعدادهم لبذل الحياة كافيين لتعديل الموازين.

ولعل السبب الأهمّ في ذلك هو الانكشاف الداخلي حيث تمكنت الأجهزة المعادية من الاختراق الشامل وصولاً الى التفاصيل، و"جبهة الممانعة" التي يشكل الحزب عنصر قوةٍ فيها كانت تعوّل على فعالية الاعلام الذي يُخيف الاعداء بقوة المستور من قدراتها وفعالية السرية في عملها واستعداداتها الدائمة لتفجير المفاجآت .لكن عنصر القوة هذا قد ضعف مفعوله عندما تبين ان الأعداء قد كشفوا معظم الاسرار، المدنية منها والعسكرية، وصولاً الى ما في داخل الانفاق.

كانت حاضنتُهُ تساعده الى ابعد الحدود لأسباب عقائدية اولاً ولأنه استطاع ان يقنعها ثانياً بإمكانياته الجهادية اللامتناهية. لكن النكسات التي مُني بها والتي انعكست موتاً تحت الأنقاض وخسائر لا تحتمل في الأرزاق، إضافة الى النزوح والتهجير وخسارة فرص العمل وفرص الحياة قد جعلت البيئة الحاضنة على درجة من الاستياء، لا سيما وان وعود قادته بإعادة الإعمار لم تعد قابلة للتنفيذ بسبب ضخامة الخسائر وعدم قدرة ايران التي تعاني من الحصار على تلبية كل الاحتياجات المادية ودفع التعويضات الكافية .

لماذا حدث ذلك ؟

حدث ذلك لأسباب كثيرة ومتنوعة ، بعضُها لا يجوز الحديث عنه قبل ان تنتهي المعارك والمواجهات المرشحة لأن تُستأنف وتتسع ، وبعضها الآخر بات واضحاً لكل متابع يُحلّل بتجرّد ويقارن بين ما قيل وما يقال وما سوف يقال. أما السبب الأهم فأراه يكمن في الفساد. فالفساد هو الذي خرّب المؤسسات اللبنانية وإداراتها وتسبّبَ بإفقار الناس وإفلاس البنوك والمصانع والمؤسسات التجارية وتسبّب بشللٍ كبير في أجهزة الدولة التي باتت عاجزة عن تمويل مؤسساتها. والفساد هو الذي خرّب قطاع التعليم قبل ان يتسبب الإفقار بتوجيه الضربة الأقسى لمؤسسات التعليم الرسمية .

هذا الفساد لم يحاربه الحزب بل صبَّتْ تحركات عناصره في خانة الدفاع عنه عندما اصطدمت هذه العناصر بثوّار الانتفاضة ضد الفساد .

الفساد تُرجِمَ اختراقات امنية نَفَذَ منها العدو فصفّى الكوادر والقيادات ودمّر مخازن السلاح. والفساد تُرجِمَ اسناداً للوظائف الحساسة لمن لا يستحقها في الوزارات والإدارات والمدارس والبلديات فتسبّب هذا الفساد بالتالي بإبعاد الكوادر الصالحة عن الأماكن المناسبة وذلك اعتماداً على معايير واهية .وخسرت الطائفة الكثير من ثرواتها البشرية القادرة على العطاء .

والفساد يُترجم اليوم بلاعدالة في توزيع المساعدات والتعويضات، فغداً سيظهر الكثير من اغنياء الحرب .

والأخطر مما جاء اعلاه ان الأنقياء لم يضعوا ايديهم على مكامن الخلل بعد، فالخطاب لم يتغيّر والمواقف لم تُعدّل والتصرفات لم تُضبط بعد.

المنشورات ذات الصلة