عاجل:

اتفاق تاريخي لوقف حرب غزة (الأخبار)

  • ٢٥

بعد مرور عام ومئة ويومين على الحرب الإسرائيلية المدمّرة على قطاع غزة، وبعد اعتماد كل أساليب الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين، وسط خذلان عربي وعالمي، إلا من قوى المقاومة التي انخرطت في الحرب مساندة ودفاعاً، وخصوصاً المقاومة في لبنان، والتي قدّمت آلاف الشهداء والجرحى، ودُمرت قرى حاضنتها الشعبية ومناطقها، وبعد صمود أسطوري للمقاومة الفلسطينية، وتمسّك أهل غزة بمقاومتهم، وتضحيات لا تتوقّف من جانبهم، أعلن رئيس الوزراء القطري، محمد بن عبد الرحمن، أمس، التوصّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في القطاع، على أن يبدأ تنفيذه الأحد المقبل، في تمام الساعة 12:15 ظهراً. وقال المتحدّث باسم الخارجية القطرية، بدوره، إن «اتفاق وقف إطلاق النار يهدف إلى تحقيق سلام مستدام من خلال المفاوضات»، وإن «المرحلة المقبلة تحتاج إلى ضغط حقيقي لضمان تنفيذ الاتفاق (...) وسيعمل الضامنون الثلاثة من خلال غرفة متابعة مشتركة».

ورأت حركة «حماس»، من جهتها، أن «اتفاق وقف إطلاق النار هو ثمرة الصمود الأسطوري لشعبنا الفلسطيني العظيم ومقاومتنا الباسلة في قطاع غزة، على مدار أكثر من 15 شهراً»، فيما قال خليل الحيّة، رئيس وفد المفاوضات في الحركة، إن «ما قامت به كتائب القسام أصاب كيان العدو في مقتل وسيبقى في سجلّ التاريخ». وأكّد «أننا لن ننسى ولن نغفر وليس منا من يفرّط في حق تضحيات شعبنا في قطاع غزة (...) ونثبت اليوم أن الاحتلال لن يهزم شعبنا ومقاومته أبداً». وتوجّه إلى المقاومين في مخيم جنين والقدس والداخل المحتل، حيث «كان لهم دور كبير في إسناد المقاومة». كما توجّه الى جبهات الإسناد قائلاً: «نستذكر بكل كلمات الشكر والامتنان كل من وقف مع شعبنا ومقاومتنا في اللحظات القاسية ونخصّ بالذكر إخوتنا في لبنان الشقيق، حيث الإخوة في حزب الله الذين قدّموا مئات الشهداء من القادة والمجاهدين على طريق القدس وعلى رأسهم سماحة الأمين العام السيد حسن نصرالله وإخوانه في القيادة، وكذلك الإخوة في الجماعة الإسلامية والشعب اللبناني وقد أبلوا بلاءً حسناً وحوّلوا حياة الاحتلال إلى جحيم وتشريد».

وعلى المقلب الأميركي، اعتبر الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، أن «اتفاق وقف إطلاق النار الملحمي لم يكن ليتحقّق لولا فوزنا التاريخي الذي أشار للعالم بأن إدارتي ستسعى للسلام». وعبّر عن شعوره بـ»الحماسة» لأن «الرهائن الأميركيين والإسرائيليين سيعودون إلى بيوتهم وعائلاتهم». كما دعا إلى البناء على الاتفاق لتوسيع «اتفاقيات السلام» في الشرق الأوسط. أما الرئيس الحالي، جو بايدن، فأكّد أن «اتفاق وقف إطلاق النار في غزة سيصبح وقفاً دائماً، وهو المقترح نفسه الذي طرحته في مايو الماضي»، مشيراً إلى عمل فريقه مع إدارة ترامب «كفريق واحد للتوصّل إلى اتفاق». وأضاف أن «عملية كبيرة لإعادة إعمار غزة ستبدأ»، فيما «إسرائيل ستتفاوض على المرحلة الثانية من الاتفاق خلال الأسابيع الستة المقبلة». وأشار إلى أن «حماس وإيران وحزب الله كلهم أصبحوا ضعفاء بفضل جهود الولايات المتحدة»، كما أن «لبنان تمكّن من انتخاب رئيس وزراء لا يخضع لنفوذ حزب الله لأول مرة منذ سنوات بفضل ضغوط واشنطن».

وعلى الصعيد الإسرائيلي، واصل الوزراء المقرّبون من رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ومستشاروه وإعلاميون يدورون في فلكه، طوال يوم أمس، الترويج لاتفاق تبادل الأسرى، والذي كان حتى وقت قريب من «المحرّمات»؛ وهو ترويج في جوهره، تبريريّ، وخاصة أن معظم ما عدَّه نتنياهو «خطوطاً حمراً» في السابق، جرى الآن تجاوزه من دون تحفّظات، بدءاً من عدد الأسرى الفلسطينيين المنوي الإفراج عنهم، أو «هوياتهم»، مروراً بالانسحاب من محور «نتساريم» الذي يمنع الفلسطينيين من العودة إلى شمال القطاع، وصولاً إلى محور «فيلادلفيا» الذي كان نتنياهو اعتبر الانسحاب منه بمنزلة «تهديد للأمن القومي الإسرائيلي». ورغم أن كثراً يشكّكون في إمكانية الوصول إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، إلا أنه قد يصعب، إذا نجح الطرفان في الإيفاء بالتزاماتهما الحالية ضمن المرحلة الأولى، عرقلة ما سيلي، وإن لم يحجب ذلك وجود صعوبات تنتظر المفاوضات، فضلاً عن غموض نيّات الأطراف، وخاصة الجانب الإسرائيلي الذي يترك قراراته لتتحدّد وفقاً لمعطيات المرحلة الأولى ومسار تنفيذها كليّاً، الأمر الذي يبقي على اليوم التالي ضبابيّاً.

وفي خضمّ ذلك، صدرت عن وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، مواقف رافضة للصفقة، التي وصفها بأنها «كارثية» لأمن إسرائيل ومستقبلها، وإنْ لم يقرن رفضه بها بالتهديد بالانسحاب من الحكومة وبإسقاطها. وهو ما ذهب إليه أيضاً زميله في المعسكر الفاشي، وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، على اعتبار أن البقاء في الحكومة، على رغم وقف إطلاق النار، أفضل من الانسحاب منها وإسقاطها، خشية تعرُّض «الإنجازات» المحقّقة من الحرب، لـ«التخريب» من جانب مركّبات الائتلاف المقبل، وانحسار تأثير اليمين المتطرف على القرارات الحكومية. ومع ذلك، يبدو الصراع بين الوزيرين على أشدّه، خاصّة في ما يتعلّق بتقاذف مسؤولية وقف الحرب والامتناع عن فعل ما وعدا به في السابق: «الانسحاب من الحكومة في حال التوصّل إلى اتفاق». وأعاد بن غفير تحميل مسؤولية الفشل لسموتريتش، الذي دعاه الأول من جديد إلى التعاون معاً لإسقاط الحكومة بقرار مشترك، مشيراً إلى أنه وحده غير قادر على تغيير موازين القوى ومنع ما جرى الاتفاق عليه إزاء غزة، مؤكداً أنه ينتظر قرار شريكه لاتّخاذ الموقف الحاسم.

ويؤكد تبادل الاتهامات بين الجانبين، إضافة إلى المزايدة التي يُراد منها التأسيس لخطاب اليوم الذي يواجهان فيه ناخبيهما أمام صناديق الاقتراع، «قصور اليد» أولاً، وأرجحيّة إتمام الصفقة بمرحلتَيها ثانياً، علماً أن سموترتش، عاد وعبّر عن قناعته بأن «الصفقة سيئة وخطيرة على أمن إسرائيل»، وقال: «نشترط تجدد الحرب للبقاء في الحكومة».

في المقابل، خرج نتنياهو عن صمته مضطراً، مدافعاً، عبر «مصدر سياسي رفيع»، بأن ما دفعه إلى منع اتفاقات في السابق، لم يكن الضغط السياسي من قِبَل ثنائي الصهيونية الدينية، والذي هدّد بإسقاط الحكومة في حال الاتفاق مع «حماس»، و«ليس ضرورات البقاء السياسي لرئيس الحكومة»، بل الاعتبارات الأمنية. وكان هذا الردّ اضطراريّاً، وخاصة أن وسائل الإعلام العبرية هاجمت نتنياهو بشدّة بعد «كشف» بن غفير عن أسباب فشل بلورة اتفاقات سابقة، قال إنه وسموتريتش عملا على إفشالها عبر الضغط على رئيس الحكومة، علماً أن أيّ جديد لم تجر إضافته إلى ما كان متبلوراً من اقتراحات في السابق، وتحديداً الاتفاق الذي عمل نتنياهو على إفشاله في أيار الماضي، والذي جاء شبه متطابق مع الاتفاق الحالي.


المنشورات ذات الصلة