عاجل:

في الظروف الحالية... هذه أفضل "صفقة تبادل" يمكن التوصل إليها

  • ٢٣

يديعوت أحرونوت/ عن عبري لايف

إن صفقة التبادل التي سيتم إعلانها خلال الأيام القريبة هي الصفقة الأفضل التي كان يمكن التوصل إليها في الظروف الحالية. مشكلتها الأساسية أنها لم تُعقد سابقاً خلال صيف 2024، لكن هذا السؤال سنُبقيه لاختصاص المؤرخين. الآن، ومن وجهة النظر الإسرائيلية، يبدو أن حسنات هذه الصفقة أكثر كثيراً من سيئاتها. أولاً، لأنها تسمح بإعادة أغلبية المخطوفين والمخطوفات الأحياء في المرحلة الأولى - ما يسمى "الحالات الإنسانية"، والمخطوفين الأضعف، وكل يوم يمرّ على هؤلاء داخل أسر "حماس" مصيري، بالنسبة إليهم.

يشجع مخطط الصفقة، حسبما يبدو، "حماس" أيضاً على تحرير بقية المخطوفين لأن المقترح الحالي يتضمن بضعة بنود تتطرق إلى "اليوم التالي". والأمر الإيجابي الآخر، بالنسبة إليهم، هو وقف إطلاق النار والمساعدات الإنسانية التي سيجري إدخالها خلاله بوتيرة أعلى، وهو ما سيضع "حماس" أمام ضغوط من المجتمع الغزي الذي يعيش، في أغلبيته، في ظل ظروف غير إنسانية في مراكز الإيواء في المواصي، جنوب القطاع، من أجل إنهاء الصفقة بتحرير بقية المخطوفين.

الصفقة جيدة، من وجهة النظر الإسرائيلية أيضاً، لأنها تسمح لإسرائيل والجيش في كل لحظة بزيادة الضغط على "حماس" كي تفي بالتزاماتها. البند الأهم في هذا السياق هو أن إسرائيل لم تلتزم إنهاء الحرب بعد المرحلة الأولى، وبذلك، هي تُبقي سيف استمرار القتال مسلطاً فوق رؤوس مسؤولي "حماس" لكي يعيدوا بقية المخطوفين، الأحياء منهم والأموات.

بعكس الادعاءات التي تُطرح في أوساط جزء من الجمهور الإسرائيلي، فإن الضغوط العسكرية التي مارسها الجيش في القطاع خلال الأشهر الأخيرة كانت أداة الضغط المركزية التي دفعت "حماس" إلى تليين موقفها، والإدراك أنه من الأفضل لها المضيّ في صفقة الآن، بدلاً من خسارة الآلاف من أعضائها، وخصوصاً أن الجيش يمكن أن يتقدم في المناورة إلى غزة، ويدمرها كلياً.

بعد المرحلة الأولى من الصفقة، سيكون لدى الجيش قدرة أكبر على الضغط على "حماس"، لكي تحرّر بقية المخطوفين، حتى لو قرر المسؤولون الكبار فيها الإبقاء على بعض "الجنود" كدروع بشرية قريبة منهم. سيبقى الجيش في المنطقة العازلة التي تبلغ مساحتها نحو كيلومتر في محيط القطاع، ومن هناك، يمكن أن يتحرك بسرعة خلال ساعات في حال خرقت "حماس" الصفقة، أو حاولت المماطلة في تنفيذها.

البقاء داخل هذه المنطقة العازلة يؤمّن غربي النقب وجنوب إسرائيل من أيّ هجوم يمكن أن تنفّذه التنظيمات الغزية. هذا ما يسمى "الدفاع المتقدم"، والصفقة تمنح إسرائيل الشرعية الدولية والرسمية في استعمال هذه الأداة، وهو ما احتاجت إليه كثيراً يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر.

ستكون المساعدات الإنسانية أداة ضغط أُخرى في يد إسرائيل على "حماس"، وعندما يخلف الرئيس دونالد ترامب الرئيس بايدن في البيت الأبيض، فإن المساعدات الإنسانية لن تكون أمراً مسلّماً به، لا على صعيد النوعية، ولا الحجم، مثلما كانت عليه الحال حتى الآن. بالنسبة إلى "حماس"، ستكون هذه الضربة صعبة، وخصوصاً أن السيطرة على المساعدات الإنسانية هي أداتها المركزية للسيطرة على السكان وتجنيد مزيد من الناشطين.

التنازلات التي قدمتها إسرائيل خلال الصفقة، نتيجة ضغوط المبعوث الخاص لإدارة ترامب، ستيف ويتكوف، تمنح إسرائيل أفضليات سياسية ودبلوماسية لم تكن لديها خلال ولاية الرئيس بايدن ووجوده في البيت الأبيض. يمكن التقدير أنه سيكون هناك آذان صاغية أكثر لاقتراحات ومطالب إسرائيل والأسلحة التي يحتاج إليها الجيش، والأهم - أنه من المتوقع أن يكون هناك مساعدة أميركية لتطبيع العلاقات مع السعودية وترتيبات أمنية أُخرى في سورية تطالب بها إسرائيل. الوضع هناك لم يستقر بعد، وترامب الذي يريد إنهاء الحرب قبل دخوله إلى البيت الأبيض، يمكن أن يساعد إسرائيل على الضغط على تركيا، وبالتالي الضغط على النظام الإسلامي الجديد في دمشق.

وبالإضافة إلى هذا كله، فإن إدارة ترامب ستكون أكثر إصغاءً لمطالب إسرائيل واقتراحاتها بشأن استمرار النضال من أجل إحباط المشروع النووي الإيراني. ترامب لمّح إلى أنه سيكون "هناك مصائب" إن لم يتم التوصل إلى صفقة، ويبدو أن أقواله لم تكن موجهة فقط إلى "حماس" - إنما إلى إسرائيل أيضاً. الآن، يبدو أن الموافقة الإسرائيلية على صفقة تنهي الحرب في غزة، مثلما يريد ترامب، يمكن أن تمنحنا أفضليات دبلوماسية وعملية في العلاقات مع الولايات المتحدة والدول الغربية عموماً.

وإلى جانب هذا كله، يجب الإشارة إلى أن هناك سلبيات في الصفقة لا يمكن تجاهُلها. كما أن تحرير آلاف "الإرهابيين" الفلسطينيين يمكن أن يعزز قوات ناشطي "الإرهاب" الإسلامي الذين تقلصت قواتهم، مؤخراً، خلال الحرب في غزة والضفة الغربية.

المنشورات ذات الصلة