عاجل:

سلام يلتقي بري ويراسل حزب الله: طريق التأليف سالكة (الأخبار)

  • ٢٢

المناخ السلبي الذي نجم عن مسار تسمية القاضي نواف سلام لتشكيل حكومة العهد الأولى بدأ بالانحسار، على وقع مؤشرات تُفيد بأن أصحاب القرار استوعبوا الانتكاسة وسارعوا إلى معالجتها، حتى لا تتمدّد على بقية الملفات. وفيما كانَ الجميع ينتظِر لقاء الرئيس سلام برئيس مجلس النواب نبيه بري، أوحى الأخير بأجواء إيجابية، مشيراً إلى أن «اللقاء كانَ واعداً». وهو ما أراح المتوجّسين من استحالة صياغة تفاهم بين سلام والثنائي أمل وحزب الله اللذين تفاهما على البقاء معاً في الحكومة أو الخروج منها معاً. وعزّز سلام هذا الجو حين أكّد «أنني ودولة الرئيس نقرأ في كتاب واحد هو الدستور المعدّل بموجب اتفاق الطائف. هذا كتابنا الوحيد الذي نعمل بموجبه معاً».

واستُبق اللقاء باتصالات كسرت الحلقة المُقفلة ووضعت قطار تشكيل الحكومة على السكة. وإذا لم يحدث أي تطوّر سلبي، يُمكن القول إن «موضوع المشاركة من عدمها أصبحَ إلى حدّ ما وراء الثنائي وهو يسعى اليوم إلى تحسين شروط مشاركته فيها»، خصوصاً أن حزب الله وحركة أمل لمسا إصراراً لدى سلام على ألّا يعزل الثنائي نفسه عن الحكومة. وعُلم أن الرئيس المكلف بعث برسالة إلى حزب الله أكد فيها على هذا المناخ. وقالت مصادر مطّلعة إن «أمرين تحقّقا في اليومين الماضيين، الأول كسر الجليد الذي كانَ قائماً، ثم بداية فكفكة العقد في ظل تجاوب الرئيسين جوزيف عون وسلام من دون أن يعني ذلك أن الرجلين يتصرفان من منطلق ضعف، لكنهما يتعاملان بموضوعية وبخلفية من يدرك دقة التركيبة». ولفتت إلى أن «عون قال إنه لن يوقّع حكومة لا يشارك فيها حزب الله وحركة أمل، وإن سلام حريص على موافقة الثنائي عليها»، لكنّ مقاربة الأمور هذه المرة «ستكون مختلفة». وهذا ما يفسّر كلام المعاون السياسي للرئيس نبيه بري، النائب علي حسن خليل، الذي حاول في مقابلة تلفزيونية أولَ أمس، تخفيف التشنج بالقول: «إننا منفتحون على حوار إيجابي مع رئيس الحكومة المكلف، وكل الكلام التشكيكي غير صحيح. ببساطة كان لدينا مرشح وخسر».

وكشفت مصادر مطّلعة على اجتماع بري وسلام أن «الأخير خرج من عين التينة مرتاحاً، وأسرّ إلى مَن سأله بأنه قال للرئيس برّي إنه كانَ يتمنى تشكيل حكومة مصغّرة. لكنه لمسَ من النقاشات مع الكتل النيابية أن هذا الأمر غير ممكن، وهو سيعود إلى تشكيل حكومة من 24 وزيراً، إلا أنه «يصرّ على حكومة تضمّ اختصاصيين»، مشيراً إلى أن «برّي لم يُبد اعتراضاً على ذلك»، وعليه أظهر سلام ارتياحاً لمناخ التفاهم، مشيراً إلى أن اللقاء كانَ محطة ساعدت في قلب الأمور من مناخ سوداوي إلى مناخ واعد.

ومساءً أكّد بري في تصريحات لـ«الجديد» أن المسار السياسي في لبنان يتجه نحو الحل، مشيراً إلى أن «رئيس الحكومة متعاون»، لكنه لم يدخل في تفاصيل الحقائب أو الأسماء مع سلام. وحول ما إذا كانت الحكومة المقبلة ستكون حزبية سياسية أو تكنوقراط، أكّد برّي أن «تحديد شكل الحكومة من اختصاص الرئيس المكلّف». وفي ما يتعلق بمشاركة الثنائي الشيعي في الحكومة، أشار برّي إلى أن «الثنائي يوافق على الأسماء التي يعرضها الرئيس المكلف بشرط أن يكون الشخص المقترح كفُؤاً، أما إذا لم يكن كذلك فيتم رفضه حتى لو كان خيي». وشدّد على موقفه بعدم قبول عزل أي مكوّن سياسي في لبنان، قائلاً: «لم نقبل بعزل أي مكوّن سابقاً ولن نقبل به اليوم»، مشيراً إلى أنه «لا أحد يقبل بعزل حزب الله (…) طالما أنه في الله في السما، حزب الله عالأرض».

وفيما يحاول سلام العمل بشكل مضبوط من دون إعطاء تفاصيل كثيرة، علمت «الأخبار» أن اتفاقاً جرى حول خطوط عريضة للانطلاق منها نحو تفاهمات أوسَع، مع تمسّك سلام بـ«استقلاليته» ودفاعه عن هامش واسع في تحديد معالم الحكومة التي يريد تشكيلها. ومن بين هذه الخطوط، أن الحكومة لن تضم شخصيات حزبية بالمعنى التقليدي، لكنه سيتشاور مع القوى السياسية في الأسماء، ويُمكن لهذه القوى أن تعرض أسماء لشخصيات تكون مقبولة، أو أن ترفض أسماء تعتبرها غير مناسبة. ويجري الحديث عن رغبة القوى البارزة في إبقاء توزيع الحقائب وفقَ الصيغة الحالية مع إجراء بعض التعديلات، إذ يصر الثنائي على عدم ترك وزارة المالية، علماً أن لسلام تصوّره المختلف وهو ما سيظهر بعد تشاوره مع الرئيس عون الذي لم يخرج من أوساطه أي كلام حول تصوّره لشكل الحكومة.

كما دار نقاش بين القوى البارزة حول آلية اتخاذ القرار في مجلس الوزراء الذي ستكون التحالفات فيه مختلفة بعض الشيء عن السابق، إذ لن يكون فيه «ثلث ضامن» لأحد. لذلك ستراعي الآلية ألّا يشعر أي طرف بأنه يسيطر على القرار أو أن لا تأثير له. ومن بين الصيغ المطروحة أن «يُصار إلى اتخاذ القرار بحسب الملفات، فإذا كانت ملفات لتسيير أعمال المواطنين والدولة يُتخذ القرار بالتصويت، أما إذا كان القرار متعلقاً بملفات حساسة فإن على الحكومة أن تتخذ قراراً بالتوافق». وفيما قالت مصادر معنية بالمفاوضات إن البيان الوزاري لن يكون مشكلة، أكّدت أن تفسير القرار 1701 متفق عليه وتطبيقه محصور جنوبيّ الليطاني، أما مسألة التعيينات فلا حديث عنها الآن.


المنشورات ذات الصلة