حملت زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون تأكيداً على أن فرنسا التي خسرت حضورها في أفريقيا وطردها العديد من دول القارة السوداء، وحاولت تأكيد حضورها في سورية الجديدة فواجهت رفضاً تركياً شديداً، فجاءت إلى لبنان طلباً لنفوذ ودور ومصالح، وربما لتأسيس منصات تجارية نحو سورية ومشاريع إعادة الإعمار التي تنتظرها، بينما يتطلع اللبنانيون إلى دور فرنسي فاعل في ملفين رئيسيين، الأول ملف متابعة تطبيق القرار 1701 خصوصاً لجهة ضمان تسريع الانسحاب الإسرائيلي ووقف الانتهاكات الجوية للسيادة اللبنانية، بما يشكل ضماناً لعدم العودة الى خروق القرار 1701 بعد حرب تموز 2006، ويطمئن أبناء الجنوب إلى أن منطقة جنوب الليطاني لن تكون منطقة أمن هش لا تصلح للاستثمار والسكن الآمن، بعدما وفرت تجربة المقاومة ما بين عامي 2006 و2024 نموذجاً للأمن القائم على الردع، والملف الثاني هو ملف التنقيب عن النفط والغاز في البلوكات اللبنانية من المنطقة الاقتصادية التي تعهدتها شركة توتال وينتظر لبنان عودتها للعمل. أما في الشأن الحكومي فقد كان ماكرون عنصر تشجيع على التوافق لتسريع ولادة حكومة جامعة تتيح انطلاقة هادئة للعهد الرئاسي الجديد؛ بينما كان اللقاء الأول بين الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة نواف سلام ورئيس مجلس النواب نبيه بري يشيع تفاؤلاً حذراً مع قطع نصف الطريق نحو الاتفاق بانتظار التفاصيل التي سوف تقول الكلمة الفصل لجهة مشاركة الثنائي في الحكومة أو مقاطعته لها.
وبينما حمل لقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس المكلف نواف سلام الأجواء الإيجابية إيذاناً بولادة قريبة وطبيعية للحكومة بحال وصلت المشاورات المستمرة إلى خواتيمها السعيدة بين الرئيس المكلف وكتلتي الوفاء للمقاومة والتنمية والتحرير، خطفت زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأضواء وما حملته من مؤشرات على مرحلة جديدة مقبلة على لبنان على كافة الصعد عنوانها الاستقرار الأمني في الجنوب والسياسي والانفراج المالي في لبنان، وفق ما تشير مصادر دبلوماسية غربية لـ»البناء»، مشيرة الى أن هناك اهتماماً دولياً غير مسبوق بلبنان بعد اكتمال عقد المؤسسات الدستورية وإعادة تقوية الدولة ومؤسساتها وأجهزتها الأمنية والقضائية للانطلاق نحو تثبت ركائز الحكم واستعادة النهوض الاقتصادي وحل الأزمات العالقة، إضافة الى استعادة الدولة حضورها على الحدود الجنوبية والشرقية الى جانب الأمم المتحدة والقوات الدولية جنوب الليطاني مع ضرورة استكمال الإجراءات والخطوات الميدانية على الأرض وفق اتفاق وقف إطلاق النار والقرار 1701، وعلى الطرفين اللبناني والإسرائيلي الالتزام وتطبيق بنود الاتفاق بشكل كامل. وتوقعت المصادر الدبلوماسية أن «تنسحب القوات الإسرائيلية من الأراضي المحتلة من دون أي شروط وهذه إرادة دولية لا يمكن مخالفتها»، مشدّدة على «أهمية وجود وعمل لجنة الإشراف الدولية برئاسة أميركية على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار»، وأوضحت أن «الإدارة الأميركية الحالية والمقبلة ستضغط بشكل حازم على الطرفين اللبناني والإسرائيلي للحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار وتنفيذ كامل بنوده».
وفي سياق ذلك، ذكرت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية أمس، أنّ مصادر مقربة من الرئيس الأميركي المُنتخب دونالد ترامب، نقلت تحذيراً إلى إسرائيل من انهيار اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان.
الى ذلك، ذكر مصدر فلسطيني خاص لقناة «الميادين»، أنه «سيتم في المرحلة الأولى إطلاق سراح أسرى محكومين قبل 7 تشرين الأول وكذلك النساء والأطفال والمدنيين الذين تم اعتقالهم أثناء معركة طوفان الأقصى». وكشف المصدر، أن «جميع الأسرى والمعتقلين بعد 7 تشرين الأول بمن فيهم مقاومو حزب الله سيتم تأجيل الإفراج عنهم إلى المرحلة الثانية».
وحطّ الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بزيارة رسمية للبنان لتهنئة رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون بانتخابه وعقد محادثات تتناول سبل دعم لبنان. واستقبله في مقر كبار الزوار في المطار رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، والسفير الفرنسي في لبنان هيرفيه ماغرو. ورافق ماكرون وفد يضم في عداده الموفد الرئاسي الفرنسي إلى لبنان جان ايف لودريان.
وأكد ماكرون من قصر بعبدا بعد لقائه الرئيس عون أن «فرنسا تقف إلى جانب لبنان وتلتزم العمل معه»، معتبرًا أن انتخاب الرئيس أعاد الامل لهذا البلد. وتوجه لعون قائلاً: «انتخبتم رئيسًا للجمهورية ومن 9 كانون الثاني عاد الربيع في فصل الشتاء وفخامة الرئيس أنتم الأمل ورئيس الحكومة سيجسد هذا الامل فانتخاب اللبنانيين لك أكد على مطالبتهم بالتغيير وإنعاش لبنان، سوف ندعمكم وسندعم هدفكم بلبنان ذي السيادة وهذا شرط لحماية لبنان من الاعتداءات ولاستمرار وقف إطلاق النار مع «إسرائيل» الذي كان نجاحاً دبلوماسياً».
وأكد أن فرنسا تجدد التزامها تجاه اللبنانيين بإنجاح الترتيبات السياسية الجديدة وأنها ستدعم هدفكم بلبنان ذي السيادة، مضيفًا: «نتطلع لانسحاب كامل للجيش الإسرائيلي وأن يكون السلاح فقط في يد الجيش اللبناني، وسنعمل على تجنيد المجتمع الدولي لمساعدة لبنان في كل المجالات ويجب تعزيز عمل اليونيفيل للتمكن من إنجاز مهمتها، وسنستمر في تدريب الجنود اللبنانيين وننوه بتطبيق القرار 1701 وسنعمل معكم لترسيم الحدود على طول الخط الأزرق». وشدّد على وجوب تشكيل حكومة جديدة سريعًا، وقال: «أعرف ان كل القوى السياسية ستتحرك لمواكبتكم ومواكبة رئيس الحكومة المكلف والجميع مجند الى جانبكم لإيجاد الحلول، وسننظم خلال زيارتكم فرنسا بعد بضعة أسابيع مؤتمرًا دوليًا لحشد التمويل لإعادة إعمار لبنان وفرنسا ستكون إلى جانبكم، ونشدد على ضرورة تنفيذ الإصلاحات على الصعيدين القضائي والمصرفي».
من جهته قال الرئيس عون: «أتمنى منكم السيدَ الرئيس أمراً واحداً فقط. أنْ تشهدوا للعالم كلِه، بأنّ ثقةَ اللبنانيين ببلدِهم ودولتِهم قد عادت. وأنّ ثقةَ العالمِ بلبنانَ يجب أن تعودَ كاملة. لأن لبنانَ الحقيقي الأصيل قد عاد. أما الباقي كلُه، فنحن وأنتم وأصدقاؤنا في العالم، قادرون عليه».
وبعد المؤتمر، عُقد اجتماع رباعيّ ضم إلى الرئيسين عون وماكرون الرئيسين بري وميقاتي. بعدها وقّع ماكرون على السجل الذهبيّ في قصر بعبدا، وانضم الجميع إلى مأدبة الغداء.
ومساء أمس، أعلن ماكرون، في كلمة من قصر الصنوبر، أن «الخطوط الجوية الفرنسية ستعيد تنظيم رحلاتها من لبنان وإليه قريباً». ولفت ماكرون، الى «أنني واثق من أن الأيام المقبلة ستحمل تشكيل حكومة لبنانية فعالة، ونحن ناضلنا دبلوماسياً من أجل تحقيق وقف إطلاق النار في لبنان»، لافتًا إلى أنّ «لبنان سيكون سيادياً وموحداً ومزدهراً ولن نتراجع عن دعمه».
وذكر أن «السلاح يجب أن يكون بيد الدولة اللبنانية وحدها»، مشددًا على أنّ «انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان لا بدّ أن يحدث، وعلى لبنان ضبط الحدود عبر الجيش اللبناني».
وكان ماكرون جال في منطقة الجميزة في بيروت يرافقه محافظ بيروت مروان عبود والتقى فاعليات المنطقة واستمع إلى آرائهم، ثم جمعه لقاء مع الشباب المتطوّعين في الصليب الأحمر وزار مدرسة «الأقمار الثلاثة». كما تفقد بعض الصور للمباني البيروتيّة التاريخية، قبل ان ينتقل الى قصر بعبدا.
وبموازاة الزيارة الرئاسية الفرنسية، وجّه الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش الذي وصل أمس ووفد مرافق إلى المقر العام للقوات الدولية العاملة في الجنوب – «اليونيفيل» في الناقورة كلمة الى قائدها العام الجنرال ارلدو لاثارو وقيادة البعثة، أكد فيها أن «الهجمات ضد قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة غير مقبولة على الإطلاق. إنها تنتهك القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي وقد تشكل جريمة حرب. والآن، وبفضل جهودكم إلى حد كبير، نحن في فترة من الهدوء النسبي الذي يحتاج إلى رعاية، وهذا يمثل فرصة طال انتظارها لدعم الأطراف لإحراز تقدم حقيقي نحو التنفيذ الكامل للقرار 1701 وتوفير الأمن والاستقرار الدائمين لشعبي لبنان و»إسرائيل». لديكم دعمنا الكامل لإجراء أي تعديلات قد تكون ضرورية خلال هذه المرحلة الجديدة».
ولفت الى أن «استمرار احتلال الجيش الإسرائيلي في منطقة عمليات اليونيفيل وتنفيذ عمليات عسكرية داخل الأراضي اللبنانية، إنما يمثلان انتهاكاً للقرار 1701 ويشكلان خطراً مستمراً على سلامتكم وأمنكم. يجب أن يتوقف هذا. ولا بدّ من أن أشير إلى أن اليونيفيل قد كشفت عن أكثر من 100 مخزن أسلحة تعود لحزب الله أو لمجموعات مسلحة أخرى منذ 27 تشرين الثاني. إن وجود أفراد مسلحين وأصول وأسلحة غير تابعة للحكومة اللبنانية أو لليونيفيل بين الخط الأزرق ونهر الليطاني إنما يمثل انتهاكاً صارخاً للقرار 1701 ويقوّض استقرار لبنان. وسأعيد تأكيد هذه النقاط أيضاً في اجتماعاتي في بيروت. إن القوات المسلحة اللبنانية، باعتبارها الضامن الوحيد لأمن لبنان، تنتشر بأعداد أكبر في جنوب لبنان، بما في ذلك بدعم من اليونيفيل وأعضاء الآلية التي تمّ استحداثها في إطار وقف الأعمال العدائية».
على صعيد آخر، استقبل الرئيس بري في عين التينة الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة القاضي نواف سلام، حيث جرى عرض للأوضاع العامة والمستجدات السياسية ونتائج الاستشارات النيابية غير الملزمة التي أجراها الرئيس سلام على مدى يومين في مجلس النواب، اللقاء الذي استمر لساعة اكتفى بعده الرئيس بري بالقول: اللقاء كان واعداً. بدوره قال سلام: «كان هناك إجماع من جميع الكتل ومن النواب الذين التقيتهم على ضرورة النهوض سريعاً بالبلد والعمل على الإنقاذ الذي أنا سأتعهد بالعمل 24 ساعة على 24 و7 أيام على 7 أيام، وشعوري من جميع الكتل والنواب المستقلين استعدادهم للتعاون الإيجابي».
وأكد أنه «لا توجد عراقيل ولا أحد سيعطل ولا أحد سيسمح بالفشل بتشكيل الحكومة، نريد تشكيل الحكومة من أجل البدء بالعمل المطلوب للإنقاذ ليس غداً بل بالأمس». وأضاف: أؤكد لكم أنا ودولة الرئيس أننا نقرأ في كتاب واحد هو الدستور المعدلّ بموجب اتفاق الطائف، هذا كتابنا الوحيد الذي نعمل بموجبه سوياً، وأنا سأبقى على تواصل مع دولة الرئيس من الآن وحتى تشكيل الحكومة، واليوم بعد الظهر سألتقي فخامة الرئيس لأضعه بهذه الأجواء. وأضاف: لا حقائب ولا أسماء ولا تصوّر للحكومة قبل أن أجتمع مع فخامة الرئيس والتباحث بالأمر معه.
وحول مشاركة الثنائي في الحكومة أجاب سلام: سنعود للقاء غداً وبعد الغد كل ذلك بعد اجتماعي مع فخامة الرئيس وبعد أن أكون قد وضعته بالأجواء وتفاهمنا على الخطوط ولديّ تصوّر أولي سأعرضه على فخامة الرئيس.
وعلمت «البناء» أن اللقاءات والاتصالات ستستمر بين ممثلين عن كتلة الوفاء للمقاومة وكتلة التنمية والتحرير مع الرئيس المكلف للتشاور للتوصل إلى تفاهم حول مواضيع عدة من ضمنها مشاركة الثنائي في الحكومة في إطار الخطوط العريضة التي اتفق عليها الرئيسان بري وسلام، على أن تظهر نتائج هذه المشاورات مطلع الأسبوع المقبل، وبحال كانت إيجابية وهذا المرجح، فإن الحكومة ستبصر النور خلال أسبوعين بالحد الأقصى.
وأطلق الرئيس برّي مساء أمس، سلسلة مواقف في تصريح تلفزيوني، مشيراً الى أن «المسار متجه نحو الحل ونواف سلام متعاون ولم أدخل معه في الحقائب والأسماء».
ورداً على سؤال عن حكومة حزبية سياسية أم تكنوقراط، أوضح أن «شكل الحكومة هي مهمة الرئيس المكلّف».
وعن إشراك الثنائي الشيعي في الحكومة، قال: «عندما يعرضُ علينا الرئيس المكلف الأسماء نوافق إذا كان الشخص كفوءًا ونرفضه إذا لم يكن كفوءاً (حتى لو كان خيي)»، مضيفاً «لم نقبل بعزل أي مكون سابقًا ولن نقبل به اليوم ولا أحد يقبل بعزل حزب الله». وقال: «طالما أنه «في الله بالسما.. حزب الله عالأرض».
وفي زيارته هي الأولى منذ تكليفه إلى بعبدا، أكّد رئيس الحكومة المكلف، في تصريح بعد لقائه رئيس الجمهورية، «أنني أطلعت الرئيس جوزاف عون على نتائج الاستشارات مع الكتل النيابية، والأجواء أكثر من إيجابيّة وعملية تشكيل الحكومة تسير على الطريق الصحيح، وسأعلن قريبًا عن أسماء وزراء الحكومة اللبنانية الجديدة».
وقال: «سوف نعرف موقف رئيس المجلس النواب نبيه بري من الحكومة بعد إعداد التشكيلة الحكومية».
بدورها، أعلنت رئاسة الجمهورية، أنّ «رئيس الحكومة المكلف نواف سلام، أطلع رئيس الجمهورية العماد جوزف عون في قصر بعبدا، على آخر نتائج الاتصالات والمشاورات التي أجراها خلال الاستشارات النيابية غير الملزمة، ومع رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي التقاه في عين التينة».
واتفق الرئيس عون وسلام على «وجوب الإسراع في تشكيل الحكومة»، خصوصاً في ظل الأجواء الإيجابية التي تبلّغها رئيس الحكومة المكلف من النواب الذين التقاهم ومن بري ايضًا».
أعلنت السفارة الأميركية في اليمن، أن «مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية فرض اليوم عقوبات على بنك اليمن والكويت للتجارة والاستثمار (Y.S.C) ومقره اليمن بسبب دعمه المالي لجماعة أنصار الله وحزب الله».