عاجل:

سلام يزور عين التينة.. بري: اللقاء واعد.. ماكرون في بيروت: مؤتمر دولي لدعم لبنان (الجمهورية)

  • ٢٧

خلافاً لأجواء التشنّج التي سادت في الأيام الأخيرة، وعززت الخشية من انطلاقة متعسّرة لعهد الرئيس جوزاف عون، ومسار حكومي معقّد، ربطاً بمقاطعة ثنائي حركة «أمل» و»حزب الله» الاستشارات النيابية غير الملزمة التي أجراها الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة نوّاف سلام، فإنّ تطوّرات السّاعات الأخيرة أشّرت إلى أنّ المشاورات المباشرة بين المعنيّين بالملف الحكومي، أكّدت ارتفاع منسوب الإيجابية ووجود رغبة مشتركة في الاندفاع في الإتجاه المعاكس للتشنجات، وأن ليس ثمة ما يمنع على الإطلاق وضع حكومة العهد الاولى على سكّة التأليف السريع.

هذه الإيجابية التي تبدّت على الخط الحكومي، تواكبت مع رسالة الدعم الفرنسية المباشرة لعهد الرئيس جوزاف عون والمسار الحكومي الجديد، التي حملها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في زيارته إلى بيروت أمس، وتعهده باستمرار الوقوف إلى جانب لبنان، وإعلانه التحضير لمؤتمر دولي لدعمه واعادة الاعمار يُعقد في وقت قريب.

إيجابيات

على المسار الحكومي، كانت زيارة الرئيس المكلّف لرئيس مجلس النوّاب في مقر رئاسة المجلس في عين التينة هي الحدث. وبحسب معلومات موثوقة لـ«الجمهورية»، فإنّ أجواء المباحثات بينهما كانت أكثر من إيجابيّة، حيث جرى عرض مفصّل لمجريات الأيّام الماضية، بدءاً من مرحلة ما قبل التكليف وصولاً إلى ما تلاها في استشارات التأليف والمواقف الخطوات التي رافقتها، ولاسيما مقاطعة الثنائي لهذه الاستشارات التي جرى التأكيد انّ هذه الخطوة إلى جانب عدم تسمية «الثنائي» للرئيس المكلّف في الاستشارات النيابية الملزمة التي أجراها رئيس الجمهورية جوزاف عون، لم تنطلقا على الإطلاق من اعتبارات شخصيّة مرتبطة بشخص الرئيس المكلّف، وخصوصاً انّه كان موضع قبول لديهما في فترة سابقة، بل من اعتبارات سياسية أملتها بعض المداخلات والتحوّلات التي ظهرت فجأة خلال الساعات القليلة السابقة لاستشارات التكليف.

وتشير مصادر المعلومات إلى أنّ مقاربة الرئيس المكلّف للملف الحكومي اتسمت بالانفتاح والتأكيد على تلاقي كل المكونات في هذه المرحلة، وارتكزت هذه المقاربة على رغبة شديدة في اطلاق مسار حكومي ضمن ورشة عمل دؤوب لإنقاذ البلد ومعالجة أزماته، يشترك فيها الجميع من دون استثناء، وبأعلى قدر من التعاون والتفاهم.

وبحسب المصادر عينها، فإنّ الرئيس بري، كان إيجابياً جدّاً في مقاربته، وانطلاقاً من تأكيده في مناسبات متعددة على «أنّ لبنان لازم يمشي ويقلّع خارج الأزمة»، أعرب عن الاستعداد للتعاون في كل ما يخدم تحقيق هذه الغاية. وهذه الرغبة في التعاون كانت مشتركة بينه وبين الرئيس المكّلف».

وأشارت مصادر المعلومات إلى أنّ البحث لم يتناول تركيبة الحكومة او حجمها، ولا التطرّق إلى أسماء الوزراء والحقائب المسندة اليها، ذلك أنّ هذا الامر عائد للبحث والتقدير بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف. علماً انّ الأجواء السائدة في المجال الحكومي تؤشر إلى أنّ الجو السائد على مستوى الرئاسات لا يؤشّر إلى احتمال حصول اشتباكات او التباسات على توزيع الحقائب الوزارية، ولاسيما ما تُسمّى الوزارات السيادية، كما تؤشر إلى أنّ التوجّه قوي إلى حكومة موسّعة من 24 وزيراً. وقالت المصادر إنّ أجواء اللقاء التي اتسمت بالإيجابية البالغة، تؤكّد أنّ ما تردّد في الايام الأخيرة عن احتمال مقاطعة ثنائي «أمل» و«حزب الله» لحكومة العهد الاولى وعدم المشاركة فيها لم يكن واقعياً على الاطلاق».

في غضون أيام

إلى ذلك، أبلغ مصدر رسمي إلى «الجمهورية» قوله: «انّ الاجواء إيجابية، ولا توجد أيّ موانع او عقبات أمام تشكيل الحكومة، وخصوصاً من قبل الثنائي، وتبعاً لهذه الاجواء، فإنّ التفاؤل كبير جدّاً في إمكان اعلان التشكيلة الحكومية الجديدة في غضون ايام قليلة».

مشاركة الثنائي

وقال مصدر مطلع على أجواء «الثنائي» لـ«الجمهورية»: «انّ نواب «كتلة التنمية والتحرير» التي يرأسها الرئيس بري، ونواب «كتلة الوفاء للمقاومة»، لم يسمّوا الرئيس المكلّف، كما أنّهم قاطعوا الاستشارات النيابية غير الملزمة، إلّا أنّه لم يبدر عن الجانبين أيّ إيحاء او أي موقف او كلام علني يشي بأنّهما في وارد عدم المشاركة في الحكومة».

ولفت المصدر إلى انّ عدم مشاركة الثنائي في الحكومة امر تتمنّاه وتريده بعض الأطراف في الداخل التي تعمّدت استفزاز الثنائي، وساقها حقدها إلى الإعتقاد بوجود غالب ومغلوب، وانكساراً في المعادلة الداخلية وتوازناتها السياسيّة وغير السياسيّة لمصلحتها. في أيّ حال «الماء تكذّب الغطاس»، فلننتظر ماذا سيقول من ادّعى الانتصار المسبق، عندما تحين لحظة الجدّ وتُعلن التشكيلة الحكومية، وكيف سيتصرفون إن جاءت هذه التشكيلة مغايرة لما يشتهونه ويتمنّونه، وهل سيسلمون بالامر الواقع ويقبلون به عن مضض، ام انّهم سيعودون إلى التموضع من جديد في خانة المعارضة، وهذا ما لا نستبعده على الاطلاق؟

لقاء واعد

على أنّ الإيجابية التي طفت في أجواء التأليف، عبّر عنها الرئيس بري بجملة مقتضبة إنما تنطوي على دلالات واضحة، حيث اكتفى بالقول بعد انتهاء اللقاء الذي استمر ساعة مع الرئيس المكلف: «كان اللقاء واعداً». فيما قال الرئيس سلام بعد اللقاء: «الإستشارات انتهت اليوم بعد لقائي دولة الرئيس، وأريد أن أقول انّ هناك إجماعاً من جميع الكتل ومن النواب الذين التقيتهم على ضرورة النهوض سريعاً بالبلد والعمل على الإنقاذ، والإستعداد للتعاون الإيجابي».

وأشار إلى أنّه «لا توجد عراقيل من أحد، ولا أحد سوف يعطّل ولا أحد سوف سيسمح بالفشل بتشكيل الحكومة، نريد تشكيل الحكومة من أجل البدء بالعمل المطلوب للإنقاذ ليس غداً بل بالأمس». اضاف: «أؤكّد إنني ودولة الرئيس نقرأ في كتاب واحد هو الدستور، هذا كتابنا الوحيد الذي نعمل بموجبه سوياً، وأنا سأبقى على تواصل مع دولة الرئيس من الآن و حتى تشكيل الحكومة».

ورداً على سؤال حول توزيع الحقائب؟

أجاب: لا حقائب ولا أسماء ولا تصوّر للحكومة قبل أن أجتمع مع فخامة الرئيس والتباحث بالأمر معه.

وحول مشاركة الثنائي في الحكومة او عدمها. قال: سنعود للقاء غداً وبعد الغد. كل ذلك بعد اجتماعي مع فخامة الرئيس وبعد أن أكون قد وضعته بالأجواء وتفاهمنا على الخطوط. ولدي تصوّر أولي سأعرضه على فخامة الرئيس.

وقرابة السادسة مساء امس، زار الرئيس المكلّف القصر الجمهوري، وأطلع الرئيس عون على حصيلة المشاورات التي اجراها، ونتائج اللقاء الذي عقده مع رئيس مجلس النواب. وأكّد بعد اللقاء انّ اجواء الكتل كانت أكثر من إيجابية والحكومة لن يتأخّر تشكيلها.

زيارة ماكرون

على صعيد زيارة الرئيس الفرنسي، فقد وصل إلى بيروت صباحاً على رأس وفد موسّع، حيث استقبله في المطار رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، وعقد معه اجتماعاً استمر لثلاثة ارباع الساعة. ومن ثم زار مقر السفارة الفرنسية في المتحف، حيث وضع إكليلاً من الزهر على ضريح الجندي المجهول. وجال بعد ذلك في منطقة الجميزة في بيروت، يرافقه وزير الخارجية جان نويل بارو والمبعوث الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان والسفير الفرنسي إيرفيه ماغرو، في حضور محافظ بيروت القاضي مروان عبود، وجالوا في أرجائها، حيث احتشد المواطنون في استقباله. ثم تجوّل في شارع غورو، وزار مقر الصليب الأحمر اللبناني وتحدث إلى المتطوعين. كما زار ماكرون مدرسة الثلاثة أقمار والتقى أعضاءها وتحدث إليهم.

وظهراً وصل الرئيس الفرنسي إلى القصر الجمهوري، حيث أُجري له استقبال رسمي تلاه لقاء مع رئيس الجمهورية جوزاف عون، عقد على إثره الرئيسان مؤتمراً صحافياً مشتركاً، حيث توجّه الرئيس عون إلى الرئيس ماكرون قائلاً: «تأتون اليومَ لتهنئتنا، وأنتم تدركون أنّ التهنئة هي للبنان. ولكلِ لبناني. للذين صمدوا وناضلوا وتمسكوا بوطنِهم وأرضهم. للذين عادوا إلى بيوتهم المدمّرة أمس، وهم يبتسمون للغد. وللذين رحلوا وعيونُهم علينا. أو سافروا، وأيديهم على حقيبةِ العودة، ينتظرون ... وننتظرُهم. قد يطولُ الكلامُ عمّا يحتاجُ إليه وطنُنا الآن. في السياسةِ والاقتصادِ والأمنِ وشتى المجالات. لكنني اليوم، بإسمِ شعبي، وباسمي شخصياً، أتمنى منكم السيدَ الرئيس أمراً واحداً فقط. أنْ تشهدوا للعالم كلِه، بأنّ ثقةَ اللبنانيين ببلدِهم ودولتِهم قد عادت. وأنّ ثقةَ العالمِ بلبنانَ يجب أن تعودَ كاملة. لأنّ لبنانَ الحقيقي الأصيل قد عاد. أما الباقي كلُه، فنحن وأنتم وأصدقاؤنا في العالم، قادرون عليه».

اما ماكرون، فأكّد أنّ فرنسا تقف إلى جانب لبنان، معتبرًا أنّ إنتخاب الرئيس أعاد الامل لهذا البلد. وقال: «إنتخبتم رئيسًا للجمهورية ومن 9 كانون الثاني عاد الربيع في فصل الشتاء وفخامة الرئيس أنتم الامل ورئيس الحكومة سيجّسد هذا الامل. فانتخاب اللبنانيين لك أكّد على مطالبتهم بالتغيير وإنعاش لبنان، سوف ندعمكم وسندعم هدفكم بلبنان ذات السيادة وهذا شرط لحماية لبنان من الاعتداءات ولاستمرار وقف اطلاق النار مع اسرائيل الذي كان نجاحاً ديبلوماسياً».

وأكّد ماكرون أنّ فرنسا تجدّد التزامها تجاه اللبنانيين بإنجاح الترتيبات السياسية الجديدة، وأنّها ستدعم هدفكم بلبنان ذي سيادة، مضيفًا: «نتطلع لانسحاب كامل للجيش الاسرائيلي، وأن يكون السلاح فقط في يد الجيش اللبناني، وسنعمل على تجنيد المجتمع الدولي لمساعدة لبنان في كل المجالات ويجب تعزيز عمل «اليونيفيل» لتتمكن من إنجاز مهمتها، سنستمر في تدريب الجنود اللبنانيين وننوّه بتطبيق القرار 1701 وسنعمل معكم لترسيم الحدود على طول الخط الأزرق». وشدّد على وجوب تشكيل حكومة جديدة سريعًا، وقال: «اعرف انّ كل القوى السياسية ستتحرك لمواكبتكم ومواكبة رئيس الحكومة المكلّف. والجميع مجند إلى جانبكم لإيجاد الحلول، وسننظّم خلال زيارتكم فرنسا بعد بضعة أسابيع مؤتمرًا دوليًا لحشد التمويل لاعادة إعمار لبنان. وفرنسا ستكون إلى جانبكم، ونشدّد على ضرورة تنفيذ الاصلاحات على الصعيدين القضائي والمصرفي».

لقاء رباعي

وبعد المؤتمر، عُقد اجتماع رباعيّ ضمّ إلى الرؤساء عون وماكرون وبري وميقاتي، تلته مأدبة غداء، وبعدها وقّع ماكرون على السجل الذهبي في قصر بعبدا، ودوّن فيه كاتباً: «في هذا اليوم، أُطلق نفسٌ جديدٌ كما ولد أمل للبناني. إن فرنسا كانت وستبقى الى جانبكم كما دائماً، ولا سيما في الظروف الصعبة، وذلك من أجل سيادة ووحدة ومسؤولية الجميع لتوطيد رفاهية لبنان. انّ لبنان لطالما كان أكبر من ذاته. والشكر للرئيس عون جوزاف وكل دعم فرنسا له». وأُفيد عن خلوة عقدها الرئيس عون مع الرئيس بري، الذي اكتفى بالقول بعد مغادرتاه القصر الجمهوري: «إن شاء الله خير».

وفي قصر الصنوبر، أكّد الرئيس ماكرون مساءً انّ السلاح يجب أن يكون بيد الجيش اللبناني والدولة اللبنانية وحدها، وليس أي جهة أخرى. مشيراً إلى «اننا ناضلنا ديبلوماسياً من اجل تحقيق وقف اطلاق النار في لبنان»، ومشدّداً على انّه لا بدّ أن يحصل انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان، كما شدّد على واجب لبنان في ضبط الحدود. واعرب عن ثقته بأنّ الأيام المقبلة ستحمل تشكيل الحكومة في لبنان، ومعلناً انّ الخطوط الجوية الفرنسية ستعلن عن استئناف رحلاتها إلى لبنان قريباً.

غوتيريش

من جهة ثانية، وفيما واصلت إسرائيل خروقاتها لاتفاق وقف اطلاق النار في الجنوب، وصل الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش إلى بيروت، وأجرى لقاءات مع كبار المسؤولين، وزار مقر قيادة «اليونيفيل» في الناقورة. واكّد في كلمة له أنّ مساهمة «اليونيفيل» في دعم استعادة الاستقرار في جنوب لبنان وعلى طول الخط الأزرق كانت حاسمة. ورفض «الهجمات ضدّ قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة واعتبر انّها تشكّل جريمة حرب». ورأى أنّ «استمرار احتلال الجيش الإسرائيلي في منطقة عمليات «اليونيفيل» وتنفيذ عمليات عسكرية داخل الأراضي اللبنانية، إنما يمثلان انتهاكاً للقرار 1701، مشيراً الى أنّ «اليونيفيل» كشفت عن أكثر من 100 مخزن أسلحة تعود لـ»حزب الله» أو لمجموعات مسلحة أخرى منذ 27 تشرين الثاني.

واعتبر أنّ «دعمكم القوي وتنسيقكم الوثيق مع القوات المسلحة اللبنانية سيكونان أساسيين لدعم وقف دائم للأعمال العدائية ولتحقيق الهدف المنشود من القرار 1701. سنواصل حث المجتمع الدولي على تعزيز الدعم للقوات المسلحة اللبنانية».


المنشورات ذات الصلة