"الحكومة لن تتأخر حتى تبصر النور"، بهذا الكلام عبّر الرئيس المكلّف نواف سلام عن نتائج لقاءاته والاستشارات التي وقف خلالها عند رأي الكتل النيابية كافة، مشدداً مرة جديدة على التنسيق مع الجميع لا سيما رئيس مجلس النواب نبيه بري، فالخط مفتوح دائماً مع عين التينة.
كل المؤشرات تفيد بأن المهمة مسهّلة أمام سلام، كما تفيد معلومات جريدة الأنباء الالكترونية، وأن مقاطعة ثنائي حركة أمل وحزب الله للاستشارات غير الملزمة لن ينعكس مقاطعة للحكومة.
ولفتت المعلومات إلى أن اتجاه الرئيس بري هو للمشاركة في الحكومة العتيدة، وأن الامر بُحث بينه وبين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال الغداء الذي أقيم على شرف الأخير في قصر بعبدا، يوم أمس الجمعة. ولدى مغادرة بري للقصر الجمهوري ردّ على أسئلة الصحافيين بالقول: "انشالله خير".
وكان التقى بري الرئيس سلام، ظهراً في عين التينة، حيث تمت جوجلة خلاصة الاستشارات النيابية، وكان الرئيس المكلّف حريصاً بعد انتهاء الاجتماع التأكيد أنه كان أكثر من إيجابي. وأشار إلى أن "لديه تصوّراً أولياً سيعرضه على رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون"، مؤكداً أن لا توزيع حقائب وزارية ولا أسماء قبل التشاور مع رئيس الجمهورية، الذي عاد والتقاه مساء، بعد وقت قصير من زيارته ماكرون في قصر الصنوبر، ليعلن من بعدها أن لا أحد يريد تعطيل تشكيل الحكومة، وأنه أبلغ ماكرون ضرورة الضغط على إسرائيل لسحب جيشها من لبنان في الموعد المحدد في السادس والعشرين من الجاري، لأن بقاءه في لبنان سيعقّد الأمور، واعداً بالعمل 24 ساعة على 24 لإنجاز مهمة التأليف.
العمل الجدّي انطلق
وفي هذا السياق، أشارت مصادر مطلعة إلى أن العمل الجدّي انطلقت لتوزيع الحقائب واختيار أسماء الوزراء بالتنسيق مع الجميع، وأن الكفاءة هي المعيار الأساس إلى جانب البعد التمثيلي.
وتحدثت المصادر عن احتمال إن تبصر الحكومة النور قبل موعد انتهاء مهلة الستين يوماً لاتفاق وقف إطلاق النار، أي قبل 27 الجاري، في ظل رغبة محلية وخارجية بوجود حكومة أصيلة لمواكبة هذه المرحلة وتثبيت وقف إطلاق النار ونشر الجيش في الجنوب.
بدوره، أشار النائب السابق شامل روكز في حديث لجريدة الأنباء الإلكترونية إلى أن مؤشرات قيام الدولة واضحة، إن لجهة انتخاب رئيس الجمهورية، أو لجهة التكليف لتشكيل الحكومة.
ووصف روكز الحركة العربية والدولية باتجاه لبنان بالمؤشر الايجابي، وأن لبنان وُضع على السكة الصحيحة، معتبراً أن التواصل مع الثنائي أمل وحزب الله كاف لطمأنتهم ومشاركتهم في الحكومة.
ولفت إلى أن الجو ليس للمواجهة، لكن ما يحصل كان ردة فعل على مواقف البعض من الفريق الآخر، واصفاً الأجواء بالإيجابية التي تحمل الكثير من أسس بناء الدولة.
وأشار روكز إلى مسألة تطبيق القرار 1701 والإعمار والى ما هنالك من المسائل التي يجب تنفيذها، معتبراً أن الثنائي لا يمكن أن يغيب عن هذه الأمور، متوقعاً مشاركته في الحكومة. إلا ان مشاركة حزب الله ترتبط بشكل الحكومة وما إذا كانت ستُشكل من وزراء سياسيين أم من أهل الإختصاص. وقال: "لقد آن الأوان للسير بمبدأ فصل النيابة عن الوزارة".
استعادة الموقعين العربي والدولي
في هذه الأثناء، تشي كل المؤشرات بأن لبنان بدأ يسترجع موقعه السياسي على الخارطة العربية والدولية. وهذا ما يلفت إليه توافد الزوار والموفدين العرب والدوليين من رؤساء جمهورية ووزراء وسفراء ومبعوثين قدموا الى لبنان لتقديم التهاني بانتخاب رئيس الجمهورية جوزيف عون وتكليف القاضي نواف سلام بتشكيل الحكومة.
وكان يوم أمس الجمعة حافلاً، حيث استقبل لبنان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، الذي زار الناقورة مشدداً على ضرورة تطبيق القرار 1701، مؤكداً دعم القوى المسلّحة اللبنانية وتزويدها بالمعدّات اللازمة.
يوم ماراتوني لماكرون
ماكرون الذي وصل إلى مطار رفيق الحريري الدولي عند الساعة السابعة من صباح أمس الجمعة يرافقه الموفد الفرنسي الى لبنان جان إيف لودريان، كان في استقباله على أرض المطار رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي. توجه بعدها الى قصر الصنوبر للقاء رئيس قوات الطوارىء الدولية العاملة في لبنان، واطلع منه على آلية العمل والمعوّقات التي تؤخر انتشار الجيش اللبناني في المراكز الذي ينسحب منها الجيش الاسرائيلي، ومدى استعداد اسرائيل للانسحاب من لبنان في السادس والعشرين من الجاري.
بعد ذلك توجّه ماكرون الى المتحف ووضع إكليلاً من الزهر على ضريح الجندي المجهول، ثم توجه الى منطقة الجميزة القريبة من المرفأ فتجوّل فيها سيراً على الأقدام ملقياً التحية على سكان المنطقة، مستطلعاً منهم أعمال الترميم لمنازلهم بعد انفجار المرفأ. وكان ماكرون قد زار الجميزة عقب انفجار المرفأ ورأى بأمّ العين الأضرار الكارثية التي لحقت بها.
وظهراً، وصل ماكرون الى القصر الجمهوري، في بعبدا، حيث كان في استقباله رئيس الجمهورية جوزيف عون. وقد جدّد ماكرون جهوزية فرنسا لمساعدة لبنان واللبنانيين والعمل على عقد مؤتمر في غضون أسابيع قليلة لإعادة إعمار لبنان، من خلال الصندوق الائتماني لدعم لبنان.
من جهته، أكد عون على عمق العلاقات التاريخية والثقافية التي تجمع لبنان بفرنسا، مشيراً إلى أن لبنان رغم الأزمات التي واجهها، لا يزال ينبض بالحياة والرجاء. وأضاف: "أنتم هنا هذا اليوم لتشهدوا على ولادة لبنان الجديد. وما نحتاج اليه الآن أكثر من أي شيء آخر، هو أن تشهدوا أمام العالم أن ثقة اللبنانيين في بلدهم ودولتهم قد عادت. وأن العالم يجب أن يستعيد ثقته بلبنان الأصيل".
وتابع عون "اليوم نحن طلاب حياة، ولبنان الحي لن يموت. اهلاً بكم يا سيادة الرئيس في بيروت التي تبقى حية إلى الأبد".