عاجل:

80 مليار دولار.. غزّة بين الدمار والإعمار

  • ٢٤

نقل تقرير لصحيفة "صنداي تايمز" البريطانية بعض الأرقام حول الحرب على غزة، التي خلّفت أكثر من 50,8 مليون طن من الأنقاض التي يتعين إزالتها، وهو رقم يفوق حجم الأنقاض الذي خلفته الحرب في أوكرانيا، "وإذا عملت أكثر من 100 شاحنة بدوام كامل، فستستغرق عمليات رفع الأنقاض أكثر من 15 عاماً"، وفق تقرير سابق لوكالة "الأونروا".

وتكشف تقديرات خبراء أن حوالي 70 في المئة من مباني قطاع غزة متضررة أو مدمرة من جرّاء الحرب التي دامت أكثر من 15 شهرا.

وبحسب تقديرات الأمم المتحدة فإن إعادة إعمار القطاع من ناحية البنية التحتية والمباني ستستغرق ما يصل إلى 15 عاما، وستكلف أكثر من 51 مليار دولار.

وقال الخبير الاقتصادي في مؤسسة "راند" ومقرها كاليفورنيا، دانييل إيغل إنّه "يقدر تكاليف إعادة إعمار غزة بأكثر من 80 مليار دولار، إذا ما تم احتساب جميع النفقات المباشرة وغير المباشرة"، على ما أكد لوكالة بلومبرغ.

وقال "يمكن إعادة بناء مبنى، ولكن كيف يمكن إعادة بناء حياة مليون طفل؟".

وفي ديسمبر، أكدت الأمم المتحدة أن "سرعة وحجم القتل والدمار في قطاع غزة غير مسبوقين في التاريخ الحديث".

وتضررت 70 في المئة من شبكة الطرق بنحو 1190 كلم من الشوارع، من بينها 415 كلم تضررت بشدة و1440 كلم تضررت بشكل متوسط، وفقا لـ "تحليل أولي" أجراه مركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية "يونوسات" في أغسطس من 2024.

ولإزالة مخلفات الحرب في غزة من أنقاض المباني والطرق المدمرة، نحتاج إلى 15 عاما، بسيناريو وجود 100 شاحنة تعمل على مدار اليوم، وقد تمتد إلى 30 عاما، إذ أنتجت الحرب "الإسرائيلي" على غزة في 2014 حوالي 2.5 طن من المخلفات احتاجت عامين لإزالتها بحسب الأمم المتحدة.

وتقدر الأمم المتحدة أن الحرب خلفت أكثر من 50 مليون طن من الأنقاض، أي ما يعادل 12 ضعف حجم أكبر هرم في مصر.

وتشير إلى أن أعمال إزالة الأنقاض قد تكون معقدة لاحتوائها على "كميات هائلة من الذخائر غير المنفجرة والمواد الضارة"، ناهيك عن البقايا البشرية، حيث يعتقد وجود الآلاف من القتلى المدفونين تحت الأنقاض.

بحسب آخر تقييم للأضرار أجراه مركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية "يونوسات"، حتى مطلع ديسمبر الماضي تضرر أو دمر ما يقرب من 69 في المئة من مباني القطاع، أي ما مجموعه 171 ألف مبنى.

وأحصى الباحثان الأميركيان كوري شير وجامون فان دين هوك، استنادا أيضا إلى تحليلات الأقمار الصناعية باستخدام منهجية مختلفة، 172 ألف مبنى متضررا جزئيا أو كليا في القطاع حتى 11 يناير الجاري أي ما يعادل، وفق حساباتهما، 60 في المئة من مباني القطاع الفلسطيني.

مدينة غزة الواقعة شمالي القطاع، والتي كان عدد سكانها 600 ألف نسمة قبل الحرب، تعرض ما يقرب من ثلاثة أرباع المباني 74 في المئة للقصف.

أما في مدينة رفح الواقعة في أقصى جنوب غزة والتي تعتبر أقل مدينة كبيرة في القطاع تعرضت مبانيها لأضرار، فقد أظهرت تحليلات الباحثين أن 48.7 في المئة من مبانيها تضررت بالقصف.

من جهتها، تقول منظمة العفو الدولية إن أكثر من 90 في المئة من المنشآت المبنية على مساحة تزيد عن 58 كيلومترا مربعا والواقعة على طول الحدود بين القطاع الفلسطيني وإسرائيل، "دمرت أو تضررت بشدة" على ما يبدو بين أكتوبر 2023 ومايو 2024.

وخلال الحرب كثيرا ما استهدفت القوات "الإسرائيلية" مستشفيات القطاع بزعم أنها تأوي مقاتلي حماس.

وبحسب منظمة الصحة العالمية فإن مستشفى كمال عدوان، أحد المرافق الطبية القليلة في شمال قطاع غزة التي لا يزال ممكنا تشغيلها، أصبح "فارغا" و"خارج الخدمة" منذ استهدفته عملية عسكرية "إسرائيلية" كبيرة في أواخر ديسمبر.

وتقول المنظمة الصحية الأممية أيضا إن 18 مستشفى فقط من أصل 36 مستشفى 50 في المئة تعمل "جزئيا"، بقدرة إجمالية تبلغ 1800 سرير.

أما بالنسبة لأماكن العبادة، فمن خلال الجمع بين بيانات مركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية وقاعدة بيانات أوبن ستريت ماب الدولية يتبين أن 83 في المئة من مساجد القطاع تضررت جزئيا أو كليا.

كذلك دفعت مدارس القطاع التي تستخدم منذ بدء الحرب مراكز إيواء للنازحين، بما في ذلك تلك التي ترفع علم الأمم المتحدة الأزرق، ثمنا باهظا أيضا في الحرب.

وحتى الأول من ديسمبر، أحصت اليونيسف تضرر ما لا يقل عن 496 مدرسة، أي ما يقرب من 88 في المئة من أصل 564 منشأة مسجلة. ومن بين هذه المدارس هناك 396 مدرسة أصيبت بقصف مباشر.

بحسب صور التقطها مركز الأقمار الصناعية التابع للأمم المتحدة في 26 سبتمبر 2024، فإن حوالي 70 في المئة من الأراضي الزراعية في القطاع، أي ما يعادل 103 كلم مربعة، تضررت من جراء الحرب.

وفي محافظة شمال غزة بلغت نسبة الأراضي الزراعية المتضررة 79 في المئة، وفي محافظة رفح 57 في المئة.

أما بالنسبة إلى الدمار الذي لحق بالأصول الزراعية بما في ذلك أنظمة ري ومزارع مواش وبساتين وآلات ومرافق تخزين فالنسبة أكبر من ذلك بكثير، إذ راوحت حتى مطلع 2024 بين 80 في المئة و96 في المئة، وفقا لتقرير نشره في سبتمبر مؤتمر الأمم المتحدة حول التجارة والتنمية.

وتشير تقديرات الأمم المتحدة، أنه حتى في السيناريو الأكثر تفاؤلا، بافتراض أن يبلغ النمو معدل النمو الاقتصادي السنوي 10 في المئة، تحتاج غزة لعشرات السنوات للتعافي.

وعلى افتراض عدم تجدد العمليات العسكرية، والوصول لحالة من حرية الحركة والسلع والأفراد، ترجح منظمة مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "الأونكتاد" أن يعود نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلى مستويات 2022، بحلول عام 2050.

والتقديرات تُظهر أن إعادة الإعمار ستكون باهظة جدا وتحتاج لعقود، ما يعني أن المعاناة ستبقى مستمرة لأجيال في غزة.

كذلك، تقدّر تكلفة إزالة الأنقاض بنحو 970 مليون دولار، حسب الصحيفة البريطانية، فيما كلفة إعادة الإعمار إلى 80 مليار دولار، والعملية قد تستغرق فترات طويلة، وفيما يقول تقرير صحيفة "صنداي تايمز" إن إعادة بناء المنازل قد تستمر حتى عام 2040، فإن تقريراً للأمم المتحدة يشير إلى أن إعادة غزّة إلى ما كانت عليه قبل الحرب قد تستغرق أكثر من 350 عاماً إذا استمر الحصار.

والتأخير مردّه أسباب مترابطة، فالكلفة مرتفعة والدول المانحة لا تفي كافة التزاماتها، وهي أساساً غير متشجعة لإعادة إعمار منطقة تتعرّض كل بضع سنوات لحرب مدمّرة وغير خاضعة للسلطة الفلسطينية، وبالتالي فإن المخيمات المترامية الأطراف على طول الساحل قد تصبح سمة دائمة للحياة في غزة، مع احتمال فشل عملية إعادة الإعمار.

من أجل ذلك، دعا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لإعادة تشكيل السلطة الفلسطينية وتولّي إدارة غزّة، لكن أحد المسؤولين العرب الذي أرسلت بلاده مساعدات إلى غزة في السابق قال لصحيفة "صنداي تايمز": "لقد رأينا كل مساعدات إعادة الإعمار السابقة تُدمّر"، علماً بأن دول الخليج والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة واليابان أبرز الجهات المانحة.

في عام عام 2014، تعهّدت الدول بتقديم 5,4 مليارات دولار مساعدات لغزة، نصفها لعمليات إعادة الإعمار على مدى ثلاث سنوات. وبحلول عام 2017، لم يصل سوى جزء ضئيل، بسبب الحصار "الإسرائيلي" على القطاع وفرض شروط صارمة على المواد التي يمكن لـ"حماس" استخدامها، علماً بأن الدول كانت بطيئة في متابعة تعهداتها بسبب الحروب المستمرة.

في الختام، تُعتبر عملية إعمار طويلة الأمد منتظرة في غزّة، ومن المرتقب أن تغيّر هذه العملية وجه القطاع الذي دُمّر تدميراً كاملاً.

المنشورات ذات الصلة