شهدت الولايات المتحدة حدثًا تاريخيًا باختيار الشيخ هشام الحسيني، رجل الدين المسلم المقيم في مدينة ديربورن بولاية ميشيغان، لإلقاء كلمة في حفل تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد تامب. هذه الخطوة تجعل الحسيني أول رجل دين مسلم في التاريخ الأميركي يتحدث في حفل تنصيب رئيس، وهو ما يبرز تعقيدات السياسة والدين في الولايات المتحدة.
وبرز رجل الدين المسلم هشام الحسيني من مدينة ديربورن بولاية ميشيغان الأميركية كصوت قوي يدعم الإطاحة بنظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين، وذلك في الأشهر التي سبقت غزو الولايات المتحدة للعراق سنة 2003.
خلال تلك الفترة، أصبح الحسيني شخصية بارزة في المجتمع العراقي الأميركي، وهو ما دفع البنتاغون ووكالات حكومية أخرى للتواصل معه، في محاولة لكسب تأييد الجالية العراقية لغزو العراق، الذي روجت له الإدارة الأميركية كخطوة لتعزيز الديمقراطية.
مع اندلاع الحرب، ظهر الحسيني في وسائل الإعلام الوطنية مثل “فوكس نيوز” و”سي إن إن”، حيث برز كأحد الأصوات المؤثرة. وفي أيلول 2009، التقى الحسيني وعدد من القادة العرب الأميركيين بمدير وكالة المخابرات المركزية جورج تينيت في ديربورن، ضمن جهود الوكالة لتعزيز التواصل مع الجالية.
ولكن بعد سنوات من الغياب عن الساحة الإعلامية، عاد الحسيني إلى الأضواء مجددًا، وهذه المرة بسبب اختياره من قبل الرئيس المنتخب دونالد ترامب لإلقاء كلمة مع رجال دين آخرين في حفل تنصيبه.
ويرأس الحسيني مركز كربلاء التعليمي الإسلامي في ديربورن، الذي أصبح ملاذًا روحيًا للعديد من اللاجئين العراقيين الفارين من نظام صدام حسين منذ التسعينيات. وقال الحسيني، البالغ من العمر 70 عامًا، في تصريحات محلية، أنه غادر العراق قبل 46 عامًا وافتتح مركز كربلاء في 1995.
لطالما حظي الحسيني بشعبية بين الشباب المسلمين الأميركيين بفضل محاضراته باللغة الإنجليزية ومواقفه الصريحة تجاه قضايا اجتماعية عدة. فهو يعارض المثلية وتعاطي الماريغوانا، مما جعله قريبًا من بعض التيارات المحافظة. كما يحرص في خطبه الأسبوعية على مقارنة الإسلام بالمسيحية واليهودية، رابطًا بين الأديان الثلاثة.
بالرغم من هذا، أثار اختياره لحفل تنصيب ترامب انتقادات من جماعات مؤيدة "لإسرائيل"، التي تتهمه بالتعاطف مع إيران وحزب الله، المصنّف منظمة مسلحة في الولايات المتحدة. وقالت المنظمة الصهيونية الأميركية في بيان: “هذا الاختيار يبعث برسالة خطيرة ويشكل نقطة سوداء في ولاية ترمب الجديدة”.
يُنظر إلى هذا الاختيار كجزء من محاولة الجمهوريين لتعزيز دعمهم بين العرب الأميركيين والمسلمين في ولاية ميشيغان المتأرجحة سياسيًا، حيث شهدت مدينة ديربورن تحولات كبيرة. فمعظم سكان المدينة العرب والمسلمين دعموا ترمب بدلاً من نائبة الرئيس كامالا هاريس، احتجاجًا على مواقف الحزب الديمقراطي تجاه القضايا المرتبطة بالصراع بين "إسرائيل" وحماس.
وفي تصريحاته، قال الحسيني انه يدعم ترمب لأنه يراه “أكثر التزامًا بالسلام وأقرب إلى الكتب السماوية”، معتبرًا أن الفضل يعود له في تحقيق وقف إطلاق النار في لبنان وغزة.
هذه هي المرة الأولى التي يلقي فيها رجل دين مسلم كلمة في حفل تنصيب رئيس أميركي. وعلى الرغم من وجود رجال دين مسلمين تحدثوا في مناسبات لاحقة للتنصيب، إلا أن حضور الحسيني في هذا الحدث الرئيسي يبرز التحولات الكبيرة في السياسة الأميركية ودورها في إشراك الأقليات الدينية.