عاجل:

ما يعيق مهمة سلام ولم يحتسبه!

  • ٦٩

بقلم الباحثة القانونية "غيا رحال"  

"أنا الذي أُشكِّل الحكومة ولست صندوق بريد للكتل النيابية"، هكذا رسم الرئيس المكلف بتشكيل حكومة العهد الاولى القاضي نواف سلام حدود مهمته في ظل الانقسامات الداخلية، وفي مواجهة مفهوم الحكومة التوافقية التي لطالما سعى إليها الأطراف حفاظًا على السلم الأهلي، الذي لم يتحقق أو يصمد يومًا.

كُلِّف سلام على الرغم من معارضة "الثنائي الشيعي" لتسميته، وذلك بعد حصوله على تأييد 85 نائبًا من أصل 128 خلال الاستشارات النيابية الملزمة.

أما بشأن تشكيل الحكومة، فعلى الرغم من أن الدستور لم يُوجب الزامية النتائج المترتبة على الاستشارات النيابية التي يجريها الرئيس المكلف، إلا أن الحكومة تبقى ملزمة بأن تتقدم من مجلس النواب ببيانها الوزاري لنيل الثقة في مهلة 30 يومًا من تاريخ صدور مرسوم تشكيلها، وذلك حتى تُمارس صلاحياتها. مما يجعل للاستشارات قوة شرعية معنوية لا يمكن تجاهلها.

على مر السنوات، كانت الحكومات اللبنانية بمثابة برلمان مصغر، تفاديًا لخطر الإطاحة بالثقة بها، مما جعل أهم الركائز الدستورية المُكرِّسة لمبدأ الفصل بين السلطات في ذمة الله.
رفض الرئيس المكلف المضي على خطى الرؤساء السابقين، باعتبار أن تشكيل الحكومة يدخل ضمن اختصاصه واختصاص رئيس الجمهورية، حيث إن مرسوم التشكيل يوقعه الاثنان معًا.
ولكن، كيف سيتمكن سلام من المضي قدمًا في ظل تمسك الكتل النيابية بالمقارنة العبثية بين ما يُعرف بالحقيبة السيادية وغير السيادية؟ ففي حين ترفض حركة أمل التخلي عن وزارة المالية، حيث يكون لها التوقيع الرابع إلى جانب رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والوزير المختص، ينادي حزب القوات اللبنانية ومعها آخرون، بضرورة المداورة وعدم احتكار الوزارات لطائفة أو حزب سياسي معين.

هذا فضلًا عن العقبات التي قد تُولد عن محورة الطابع التكنوقراطي الذي يسعى سلام لإعطائه لحكومته، ما يجعل كل طرف سياسي يضع تعريفًا أو تفسيرًا خاصًا به لمفهوم "التكنوقراط" ينظر إليه من زاوية تخدم مصالحه. فمعيار الوزير "التكنوقراط" يختلف بين حركة أمل والقوات اللبنانية على سبيل المثال لا الحصر. فبينما يرى الفريق الأول أن تحديد أسماء الوزراء "التكنوقراط" يفي بالغرض أي أن الوزراء يمكن أن يكونوا مختصين ولكن يُختارون وفق معايير يحددها الحزب، يرى الثاني أن مجرد "التحديد" يُغلب الطابع السياسي الأبوي على الاستشارات غير الملزمة مما يفرغ مفهوم التكنوقراط من معناه الأساسي.

ختامًا، تبقى الأيام، لا بل الساعات المقبلة، كفيلة بتبيان صحة أو نفي ما اشتملت عليه قراءة الواقع من ملاحظات قانونية وسياسية ذُكرت آنفًا.
لعلها أيام قليلة تفصلنا عن معرفة فيما إذا كان على سلام خفض مستوى التوقعات الخارجية أم إذا كان على الثنائي الشيعي السير بما تشتهيه الرياح، وإلا فيكون رئيس المجلس النيابي، بصفته رئيسًا لحركة أمل، قد منح بركته لحكومة سلام!.
المنشورات ذات الصلة