عاجل:

وزير الخارجية السعودية في بيروت.. والملف الحكومي ينتظر دفعة إنعاش بعد تعثر (البناء)

  • ٣٠

بينما وجّه قائد المنطقة الشمالية لجيش الاحتلال رسالة إلى قواته يدعوها فيها الى الاستعداد للانسحاب من الأراضي اللبنانية خلال أيام قليلة، نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت خبراً عن رسالة وجّهتها حكومة بنيامين نتنياهو إلى الإدارة الأميركية الجديدة تطلب مساعدتها لتمديد بقائها في مناطق من جنوب لبنان لشهر إضافيّ والاحتفاظ لأجل مفتوح بمواقع ذات أهمية أمنية استراتيجية هي عبارة عن مجموعة تلال حدودية مع لبنان. وفي ظل هذا التضارب في المعلومات ومحاولة تصنيفها لمعرفة حقيقة القرار الإسرائيلي وتمييز هذا القرار عن محاولات جس النبض والتهويل الإعلامي والنفسي، نشطت التحركات اللبنانية لتأكيد الرفض المطلق لأي تأخير في الانسحاب ليوم واحد بعد الستين يوماً المنصوص عليها في اتفاق وقف إطلاق النار، وضرورة قيام الراعي الأميركي والفرنسي بالوفاء بتعهداتهما للبنان بضمان تنفيذ الاتفاق، وأبلغ رئيس الجمهورية العماد جوزف عون زواره من سفراء ومسؤولين اجانب، أن لبنان يعتبر أي إخلال بالاتفاق محاولة لزعزعة الاستقرار وتعطيل الاندفاعة الإيجابية التي يأمل بها اللبنانيون عبر المضي في العملية السياسية الداخلية ، بينما بدت مواقف المقاومة عبر ما يصدر عن قيادات حزب الله تحذيراً عالي النبرة من التلاعب بمواعيد الانسحاب والتلويح برد من المقاومة في اليوم 61 ما لم يحترم الاحتلال مهلة الستين يوماً، فيما تؤكد المعلومات أن أهالي القرى الحدودية وخصوصاً في المدن والبلدات الكبرى مثل الخيام وبنت جبيل والناقورة يتشاورون لترتيب عودة جماعية يوم الأحد إلى قراهم وبلداتهم، ويطلبون من الجيش إذا لم يكن قادراً على حمايتهم أن لا يتدخل لمنعهم من خوض المواجهة الشعبية مع جيش الاحتلال مؤكدين تحملهم كل التبعات المترتبة على ذلك.

لبنانياً، استعدادات لاستقبال وزير الخارجية السعودية فيصل بن فرحان آل سعود في أول زيارة لوزير خارجية سعودي لبيروت منذ خمسة عشر عاماً، وتأتي الزيارة وسط تعثر حكوميّ عبرت عنه الاعتراضات التي بدأت تظهر عند القوى التي قامت بتسمية الرئيس المكلف نواف سلام باعتباره المرشح المقبول من السعودية، على انفتاحه على ثنائي حركة أمل وحزب الله، والتساؤل عن حقيقة الموقف السعودي من مفهوم الشراكة الذي يتحدث به رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، وأغلب هذه القوى التي تعتبر أنها حليفة للسعودية تبني خطابها على العداء لشريكي الثنائي، وسوف تكون كلمة الوزير السعودي حسماً لهذا الجدل الذي تقف عنده الحكومة، بين كلام قيادات في الثنائي عن تفاهمات كانت السعودية شريكة فيها سبقت انتخاب الرئيس جوزف عون وكلام معاكس عن قوى وقيادات تصنف حلفاء للسعودية.

في غضون ذلك، تتجه الأنظار الى الجنوب مع اقتراب نهاية مهلة الستين يوماً لتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان والاحتلال الإسرائيلي، وسط غموض يعتري انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي المحتلة، في ظل توجّه إسرائيلي للبقاء في مواقع وتلال حاكمة على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، حيث أفادت القناة 13 الإسرائيلية، بأن «المجلس الوزاري المصغر يجتمع اليوم لبحث إبقاء جزء من قوات الجيش في جنوب لبنان». فيما أشارت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الى أن «الجيش الإسرائيلي يطالب بتمديد احتلاله لمناطق في الجنوب اللبناني، لمدة 30 يومًا على الأقل لإنهاء ما وصفه بـ «المهام الأمنية الضرورية».

ووفق تقدير جهات دبلوماسية غربية فإن القرار الأميركي مع الأمم المتحدة متخذ بانسحاب القوات الإسرائيلية الى حدود الخط الأزرق والتزام الجانبين الإسرائيلي واللبناني بمندرجات اتفاق الهدنة والقرار 1701، وهذا يسري أيضاً على الإدارة الأميركية الجديدة حيث إن الرئيس دونالد ترامب كان واضحاً في خطابه بتوجّهه لإنهاء الحروب في المنطقة والعالم، ولذلك ستضغط الإدارة الأميركية الجديدة على إسرائيل للانسحاب من الجنوب لتفادي اندلاع مواجهات جديدة تهدّد من جديد الاستقرار على الحدود وفي الشرق الأوسط. وأوضحت الجهات لـ«البناء» الى أن الحكومة الإسرائيلية ستقدم طلباً للإدارة الأميركية بتمديد الهدنة والبقاء في نقاط محدّدة على الحدود لدواعٍ أمنية، لكن القرار بيد الأميركيين والأمم المتحدة واللجنة الخماسية المكلفة الإشراف على تطبيق اتفاق الهدنة ووقف إطلاق النار».

ومن المحتمل وفق الجهات الدبلوماسية أن يتم الاتفاق بين الأميركيين والإسرائيليين على مهلة جديدة وجدول عملي للانسحاب يحتاج الى أيام أو أسبوعين ويجري الطلب من الحكومة اللبنانية عبر لجنة الإشراف للموافقة عليه على أن تكون مهلة متبادلة للجيش الإسرائيلي لاستكمال انسحابه وللجيش اللبناني لاستكمال انتشاره في جنوب الليطاني وإزالة كافة الأسلحة والمسلحين من جنوب الليطاني وفق ما ينصّ القرار 1701».

غير أن مصادر سياسية استبعدت عبر «البناء» موافقة الحكومة اللبنانية على طلب كهذا بعد نهاية مهلة الستين يوماً وفق ما ينص اتفاق وقف إطلاق النار، وبالتالي أي بقاء لقوات إسرائيلية على الأراضي اللبنانية يعتبر احتلالاً وتصبح كافة وسائل المواجهة مفتوحة بما فيها الجيش اللبناني وأهالي القرى والمقاومة المسلحة. وشددت المصادر على أن الجيش اللبناني يقوم بواجباته وينتشر بسرعة قياسية في كافة القرى والمناطق والنقاط التي ينسحب منها الجيش الإسرائيلي وهذا ما تعلم به لجنة الإشراف الدولية والقوات الدولية العاملة في الجنوب، وبالتالي تذرع العدو ببطء انتشار الجيش اللبناني غير صحيح وبمثابة ذريعة لإبقاء قواته في الجنوب.

وفي سياق ذلك، أنجز الجيش اللبناني أمس، انتشاره في منطقة العرقوب بالتنسيق مع قوات «اليونيفيل» بحيث تمركزت عدة آليات مدرعة ودبابات في مرتفعات بلدة كفرشوبا وصولاً حتى بركة بعثائيل، كما شمل الانتشار بلدات كفرحمام وراشيا الفخار وسبق ذلك انتشار للجيش في الطرف الشرقيّ لبلدة شبعا واستقبل أهالي كفرشوبا الجيش بالزغاريد والأرزّ. كما سمح الجيش اللبناني لعدد من أهالي البياضة وشمع وعلما الشعب والناقورة بزيارة بلداتهم.

وكانت قوات الاحتلال واصلت اعتداءاتها على القرى الجنوبية، حيث أفيد أن قوة إسرائيلية توغّلت أمس في بلدة الطيبة باتجاه دير سريان، وشنت مسيرة إسرائيلية غارة بين وادي خنسة والمجيدية – قضاء حاصبيا. وعثر على المواطن محمد ترمس من بلدة طلوسة، جثة في داخل سيارته من نوع «رابيد» بالقرب من المسجد في وادي السلوقي لجهة أطراف بلدة مجدل سلم.

وكان ترمس يحاول التوجّه أمس، الى بلدته طلوسة، فأطلق في اتجاهه جيش العدو رصاصات عدة أدت الى مقتله، وسحب الصليب الاحمر اللبناني جثته. وعمد جيش العدو إلى نسف وتفجير عدد من المنازل في بلدة عيتا الشعب وأطراف بلدة حانين في قضاء بنت جبيل. وأنهى بناء الجدار الإسمنتي بين لبنان وفلسطين المحتلة على طول الخط الأزرق من يارين إلى الضهيرة. كما نفذ عمليات تفجير بين مركبا ورب ثلاثين في محيط جبل وردة. ونفّذ ثلاثة تفجيرات في القطاع الشرقي، الاول عند أطراف حولا لجهة وادي السلوقي والثاني في بلدة مركبا والثالث في بلدة الطيبة، حيث أقدم على تفجير وحرق ثمانية منازل في بلدة الطيبة وألقى القنابل وأطلق الرصاص بصورة مستمرة.

إلى ذلك، وعلى وقع التفاوض بين الرئيس المكلف القاضي نواف سلام والكتل النيابية لتشكيل الحكومة، يزور وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود لبنان اليوم في أول زيارة يقوم بها أكبر دبلوماسي سعودي إلى بيروت منذ 15 عاماً.

ومن المتوقع أن يلتقي الأمير فيصل بالرئيس اللبناني الجديد جوزاف عون ورئيس الوزراء المكلف نواف سلام. وقال الأمير فيصل في حديثه في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس الثلاثاء الماضي إن السعودية تعتبر انتخاب رئيس لبناني بعد فراغ دام أكثر من عامين شيئاً إيجابياً للغاية. وأعرب عن أمله في تشكيل حكومة لبنانية جديدة «في المستقبل غير البعيد».

وعلمت «البناء» أن الوزير السعودي سيدخل على خط تأليف الحكومة من خلال حلحلة العقد المتبقية أمام تأليف الحكومة لا سيما عقدة التمثيل السني والمساعدة في تذليل العقدة الشيعية، وذلك بعد ظهور صعوبات أمام الرئيس المكلف وجملة مطالب من الكتل النيابية والتي عبر عنها سلام في تصريحاته من بعبدا بعد لقائه رئيس الجمهورية. وتوقعت أوساط نيابية لـ«البناء» أن تبصر الحكومة النور نهاية الأسبوع الحالي أو مطلع الأسبوع المقبل لوجود قرار دولي – إقليمي وإرادة لدى الرئيسين عون وسلام بتأليف الحكومة قبل نهاية الشهر الحالي.

غير أن وقائع اليومين الماضيين وفق معلومات «البناء» وكثافة مطالب الكتل النيابية وشهية الاستيزار غيّرت في أداء وتعاطي الرئيس المكلف في عملية التأليف، إضافة الى ضغوط تعرّض لها سلام من كتلة التغييريين تدعوه إلى الصمود أمام مطالب الكتل وعدم الرضوخ لمنطق المحاصصة والذي سيفقد الحكومة الثقة الداخلية والخارجية، ولذلك فإن الرئيس المكلف سيستمع إلى مطالب الكتل ويأخذ بعين الاعتبار الحقائب والأسماء التي يطرحونها عليه، لكنه سيختار وفق ما يراه مناسباً بالتنسيق والاتفاق مع رئيس الجمهورية، وذلك للحفاظ على حكومة بعيدة قدر الإمكان عن المحاصصة والمناكفات السياسية مع عدم إقصاء تمثيل الأحزاب والكتل، لكنها يجب أن تعبّر عن إرادة الشعب والمواصفات الخارجية وتبعد قدرة أي طرف على تعطيل الحكومة والتحكم بقراراتها، وأن لا تكون «مجلساً للطوائف» أو مجلساً نيابياً مصغراً. كما أفادت المعلومات عن رسائل خارجية وصلت الى المعنيين بالتأليف تعكس تشدداً دولياً بعدم خضوع الرئيسين عون وسلام للشروط السياسية في عملية التأليف تحت طائلة لجم الاندفاعة الدولية باتجاه لبنان.

ونقل زوار عين التينة لـ«البناء» انفتاح رئيس مجلس النواب نبيه بري على الأسماء المطروحة لتمثيل الحصة الشيعية لا سيما في وزارة المال، والتعاون الجدي مع الرئيس المكلف بالاتفاق على شخصية مستقلة وصاحبة اختصاص وكفاءة وتجربة ناجحة لتولي وزارة المالية، مؤكدة أن كل ما ينقل عن شروط من قبل الثنائي على الرئيس المكلف غير صحيح.

وكشف عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب محمد خواجة في حديث إذاعي عن أن «حقيبة المالية حُسمت لصالح الثنائي الشيعي»، لافتاً إلى أن «رئيس الحكومة نواف سلام يشكّل الحكومة في ظروف معقدة وبسرعة قياسية». وأكد عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب قاسم هاشم، أن «التفاهم بين الرئيس المكلف و«الثنائي الشيعي» حول وزارة المالية كان واضحاً منذ البداية»، مؤكداً «أن هذا الموضوع أصبح شبه نهائي». وتوقع «أن تبصر الحكومة النور خلال أيام قليلة إذا ما تمّ تذليل العقبات التي يعرفها الرئيس المكلف والتي ليست موجودة عند «الثنائي» وانما عند الآخرين».

وأفيد أن العقدة انتقلت من الثنائي الى الثنائي المسيحي التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، إضافة الى عقدة في تمثيل السنة سياسياً وجغرافياً، لا سيما منطقة طرابلس مع امتعاض كتلة الاعتدال من عدم منحها الحق بتسمية وزير الداخلية من الشمال، فيما أفيد أن القوات اللبنانية لم تطالب بوزارة الطاقة كما لم يتمسك بها التيار لأسباب عدة وفق معلومات «البناء».

وأكد التيار الوطني الحر بعد الاجتماع الدوري لمكتبه السياسي برئاسة النائب جبران باسيل «استعداده لتقديم كل التسهيلات الممكنة من أجل قيام حكومة إصلاحيين ببرنامج إصلاحي وسيادي واضح». وأكدت الهيئة السياسية أن ألف باء الإصلاح وباب نجاح التشكيلة الحكومية هو الالتزام بوحدة المبادئ والأسس لتأليفها، فلا يكون أي تمييز او تفضيل بين المكوّنات، بل عدالة بالمعايير بين القوى السياسية والنيابية بحجم تمثيلها الشعبي وقدراتها التنفيذية والاصلاحية.

وأشار السفير المصري لدى لبنان علاء موسى، في حديث تلفزيوني إلى أن «مرحلة تشكيل الحكومة مهمة واللجنة الخماسية متفائلة بأن التشكيلة الحكومية ستبصر النور وتأخّرها طبيعي». وذكر موسى، أن «الحوار قائم بيننا وبين القوى السياسية والتشكيلة يجب أن تكون قادرة على تنفيذ الإصلاحات والضامن لنجاح الرئيس المكلف هو أن تكون القوى السياسية لديها الإرادة في ذلك».

وأكد رئيس الجمهورية العماد جوزف عون خلال اللقاءات التي عقدها في بعبدا على ضرورة «الترفع عن كافة الصغائر كي يتم تأليف الحكومة لتنطلق عجلة العمل»، معتبراً أن من أهم أهداف الاستعجال بتشكيلها هو الإسراع في إعادة إعمار المناطق التي تضرّرت في الحرب الإسرائيلية الأخيرة. وإذ شدّد على أهمية دور المجلس الدستوري في صيانة الدستور، اعتبر الرئيس عون أنه «لولا دور القضاء لأصبحنا في شريعة الغاب»، مبدياً تصميمه على المضي قدماً في إقرار قانون استقلالية القضاء، ومشيراً في الوقت عينه الى ضرورة أن يقتنع كل قاض بأهمية هذه الاستقلالية، وأن يعمل القضاة وفق قناعاتهم تجاه المصلحة العامة لا وفق المصلحة الشخصية.

المنشورات ذات الصلة