عاجل:

يوم ثالث من العدوان: الاحتلال يهجّر أهالي جنين (الأخبار)

  • ٢٤

وسّعت قوات الاحتلال الإسرائيلي من عمليات تهجير الفلسطينيين من مخيم جنين، مع دخول عمليتها العسكرية، «السور الحديدي»، يومها الثالث، في ظلّ تجديد الحديث عن استمرارها لأشهر. وعمل جيش العدو، صباح أمس، على تهجير المواطنين من المخيم، مستكملاً ما شرع به مساء الأربعاء، في وقت ترفض فيه القوات الإسرائيلية دخول الطواقم الصحافية والطبية إلى جنين، التي قال رئيس بلديتها، محمد جرار، إن «هناك عائلات غير قادرة على مغادرة المخيم ولم يسمح الاحتلال لطواقمنا بإخراجها، ونحن مقبلون على كارثة إنسانية جرّاء عملية الاحتلال المستمرّة في جنين».

ويُتوقّع أن يستمر تهجير الأهالي مع استمرار العدوان والتدمير الذي طاول مساحة كبيرة من المدينة ومخيّمها؛ إذ نقلت «هيئة البث الإسرائيلية» عن مصدر عسكري، قوله إن «العملية في جنين لن تنتهي قريباً»، علماً أن الجيش الإسرائيلي يواصل فرض حصار كامل على المدينة، وإغلاق مخيّمها، وهو ما أسفر إلى الآن عن سقوط 13 شهيداً، بينهم طفل، وأكثر من 50 إصابة بجروح متفاوتة، وفق مصادر طبية فلسطينية رسمية.

وفيما أرغمت قوات الاحتلال مئات العائلات على الخروج، بعد إخضاعها لإجراءات تفتيش مشدّدة، منها تعرية الشبان تماماً، دفع العدو بمزيد من التعزيزات العسكرية والجرافات إلى أطراف المخيم، حيث شرع في حرق منازل المواطنين، وتحويل أخرى إلى ثكنات عسكرية. وفي موازاة الحصار والقتل، اعتقلت قوات الاحتلال 11 شخصاً، من بينهم والدتا شهيدين، فيما واصلت جرافاتها تدمير البنى التحتية ومدخل المستشفى الحكومي، ومحاصرة مستشفيات المدينة، فضلاً عن تقييد حركة الطواقم الطبية. حتى إن القناصة لا يزالون يعتلون الأبنية، ويطلقون النار على كلّ جسم يتحرّك، وسط حركة كثيفة للآليات العسكرية.

وبات واضحاً، مع اليوم الثالث للعدوان، استخدام جيش الاحتلال تكتيكات عسكرية قاسية تشمل الحصار والقصف والاقتحامات والتضييق وكثافة النيران، مع أنه ادّعى، في إحاطة إلى وسائل الإعلام، بأن قواته «تعمل على تمشيط المخيم بشكل دقيق، وتفتيش المباني واحداً تلو آخر بحثاً عن مسلحين وأسلحة»، لافتاً إلى أنه يعمل على «محاصرة المسلحين ضمن مساحة محدّدة». وفي المقابل، أعلنت «كتائب القسام» أن عناصرها يخوضون اشتباكات ضارية مع قوات الاحتلال بالأسلحة الرشاشة والقنابل المحلية الصنع في بلدتَي عرابة وفحمة غرب جنين، فيما قالت «كتيبة جنين» التابعة لـ»سرايا القدس»، إن مقاتليها يخوضون معارك شرسة مع جيش العدو، ويحققون إصابات مؤكدة، مضيفةً أن فصائل المقاومة أوقعت قوات الاحتلال وآلياته العسكرية في كمائن.

وفي الوقت ذاته، شهدت أحياء متفرّقة في مدينة جنين وقراها وبلداتها نشاطاً مكثّفاً للأجهزة الأمنية الفلسطينية، وكذلك لقوات الاحتلال، وذلك من أجل ملاحقة واعتقال مَن يخرج من المخيّم إلى تلك الأحياء. وقدّرت مصادر محلية أن تكون الأجهزة الأمنية اعتقلت ما لا يقلّ عن 12 عنصراً من «الكتيبة»، من بينهم الجريح عبادة رواجبة، علماً أنه نجا من عدّة محاولات اغتيال واعتقال خلال الأشهر القليلة الماضية. كما اعتقلت شاباً من بلدة قاد شرق جنين، وآخر يدعى ريان الصفوري، من ضاحية الجنان في جنين، فيما أطلقت النار على شاب ثالث، وحاصرت مستشفى «الرازي» في المدينة، مستهدفةً مَن في داخله في إطار محاولاتها اعتقال مقاومين. ومن بين من جرى اعتقالهم، المقاوم المطارد توفيق اغبارية، والقائد في «كتيبة جنين» محمود أبو نحل، والمطارد والقيادي في «الكتيبة» أحمد أبو عميرة. ووفقاً لبيان «سرايا القدس» في الضفة المحتلة، فإنه «في ظلّ المعركة التي يخوضها مقاتلونا بكل بسالة وعنفوان، تستمر السلطة في مهمّتها المشتركة مع قوات العدو، وملاحقة المقاومين ومطاردتهم واعتقالهم لتخفيف المهمّة على العدو الذي يسعى إلى تحقيق أحلام المتطرّفين بفرض السيادة على الضفة».

كذلك، اقتحمت الأجهزة الأمنية بلدة برقين قبيل ساعات من اقتحامها بقوات كبيرة من جانب الاحتلال، مساء الأربعاء، حيث طوّقت الأخيرة أحد المنازل وفرضت حصاراً عليه استمر قرابة 7 ساعات، اغتالت على إثرها المقاومَين محمد أبو الأسعد وقتيبة الشلبي، بعد اشتباك مسلّح معهما، أطلقت خلاله عشرات الصواريخ المحمولة كتفاً، قبل أن تقدم الجرافات العسكرية على تسوية المنزل الذي يعود إلى الشهيد أحمد مساد بالأرض، وسرقة جثمان الشهيدين. واتهم جيش العدو الشهيدين بالمسؤولية عن تنفيذ عملية الفندق التي أسفرت عن مقتل 3 مستوطنين بينهم شرطي، وتبنّتها «كتائب القسام» و»سرايا القدس» و»كتائب شهداء الأقصى».

ونقلت مصادر عبرية عن مسؤول عسكري كبير، قوله إن «الهدف من عملية الأسوار الحديدية هو تحييد كتيبة جنين. سنستمر حتى نصل إلى هذا الهدف، ربما يستغرق الأمر بعض الوقت». وعلى الرغم من الأهداف السياسية التي تفوح من عملية جنين، وتحديداً لجهة سعي بنيامين نتنياهو إلى الحفاظ على ائتلافه الحكومي، والإبقاء على وزير ماليته، بتسلئيل سموتريتش، وتقديم التصعيد في الضفة كهدية للأخير في مقابل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، فإن الهدف العسكري ورغبة الجيش في الانتقام يبدوان واضحيْن أيضاً. كذلك، لا يمكن فصل هذه العملية عن المخططات الإسرائيلية في شأن الضفة، خاصة إذا ما أُخذت في الاعتبار القرارات والقوانين التي مرّرتها الحكومة الإسرائيلية، ومنها قرار فك الارتباط، وإعادة المستوطنين إلى شمال الضفة، وتحديداً جنين.

ويبدو العدوان فاتحة لحرب تريد منها إسرائيل فتح جبهة الضفة على مصراعيها، إذ يجمع المراقبون على أن الدبابات العسكرية لن تتوقّف عند جنين فقط، بل ستصل إلى كل مدن الضفة ومخيماتها، بما يسهم في خلق واقع أمني جديد، تريد منه حكومة نتنياهو كسب المستوطنين وإرضاءهم، ومن ثم تحقيق حلم الضمّ، بعد أن يتمّ تقسيم الضفة إلى كانتونات منعزلة ليس جغرافياً فحسب، وإنّما وطنياً وسياسياً كذلك، بمعنى أن تتعامل كل مدينة بمفردها مع العدوان، وهو ما يمكن أن يفسّر حالة الصمت المروّعة في مدن الضفة وبلداتها على ما يجري في مدينة جنين، والتي يمكن أن تتكرّر في الأيام المقبلة في مناطق متفرقة.


المنشورات ذات الصلة