عاجل:

"واشنطن بوست": "إسرائيل تصدت للهجوم الإيراني الأول هل هي مستعدة للهجوم الثاني؟"

  • ٢٣

ايست نيوز ـ باسم اسماعيل

في الوقت الذي تتخذ فيه إسرائيل إجراءات لهجوم من إيران كتزويد الطائرات المقاتلة بالوقود وتمركز بطاريات الدفاع الجوي والتنسيق مع واشنطن هناك قلق متزايد بشأن أحد أهم خطوط دفاعها ألا وهو التحالف العربي بقيادة الولايات المتحدة الذي ساعد في إحباط الهجوم الإيراني الأخير.

ظهر التحالف الذي كان سرياً في يوم من الأيام والذي يضم الأردن والسعودية والإمارات إلى العلن ليلة 13 نيسان عندما ساعد إسرائيل في اعتراض 99% من أكثر من 300 طائرة مسيرة وصاروخ تم إطلاقها من إيران وهي أول ضربة مباشرة من نوعها من قبل طهران بعد عقود من الحرب الخفية مع الدولة اليهودية.

وأشاد قائد الجيش الإسرائيلي بهذا التعاون في ذلك الوقت باعتباره يمهد الطريق أمام "فرص جديدة للتعاون في الشرق الأوسط". وقال مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي إن ذلك يبعث "رسالة قوية حول موقع إسرائيل في المنطقة مقابل موقع إيران".

وبعد مرور أربعة أشهر ومع تعهد إيران بالرد بقوة على اغتيال زعيم حماس إسماعيل هنية في فنائها الخلفي أصبحت إسرائيل أكثر عزلة إقليمياً وهو ما يراه محللون عسكريون أنه قد يجعلها أكثر عرضة للخطر كما أن هناك مخاوف من أن أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية قد لا تكون قادرة حتى مع الدعم الأمريكي على التصدي بشكل كامل لهجوم ضخم ومنسق.

رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الموافقة على اتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن في غزة على الرغم من ضغوط واشنطن ومناشدات قادته العسكريين. وأثار مقتل هنية كبير مفاوضي حماس غضب المسؤولين الأمريكيين والقادة العرب الذين كانوا يعتقدون أن المحادثات وصلت إلى مرحلة حرجة ورغم أن إسرائيل لم تؤكد أو تنفي دورها في عملية الاغتيال إلا أنها أبلغت المسؤولين الأمريكيين بعد ذلك مباشرة أنها مسؤولة عن الاغتيال.

وحتى في نيسان قللت الدول العربية من أهمية دورها في صد الهجوم الإيراني خوفاً من انتقام طهران وعدم رغبتها في أن يُنظر إليها على أنها داعمة لإسرائيل في وقت يسود فيه غضب شعبي واسع النطاق بسبب الخسائر البشرية الناجمة عن حرب غزة وتبدو هذه المخاوف أكثر وضوحاً الآن وقد سعت الدول العربية إلى النأي بنفسها علناً عن أي تورط في جولة العنف المقبلة حيث أعلنت الأردن والسعودية أنهما لا تريدان تحويل مجالهما الجوي إلى منطقة قتال وقالت مصر إنها "لن تشارك في محور عسكري يشارك في صد" هجوم إيراني.

مثل هذه التصريحات العلنية "مقلقة للغاية" وفقًا لسياسي إسرائيلي رفيع المستوى ساعد في بناء التحالف الإقليمي متحدثاً شريطة عدم الكشف عن هويته لمناقشة المسائل الأمنية الحساسة وقال إنه في حين أن الدول العربية الواقعة في نطاق الصواريخ تريد احتواء إيران إلا أن الروابط التي تربطها بإسرائيل حساسة ولم يتم اختبارها سابقاً إلا مرة واحدة على نطاق واسع. وفي مواجهة احتمال نشوب حرب شاملة اعترف بأن "إسرائيل تعمل بمفردها تمامًا".

وقال كيربي للصحفيين يوم الأربعاء: "نحن نعمل بجد وبكل جد وبدبلوماسية مكثفة لمحاولة تجنب التصعيد" مضيفًا أن الرئيس جو بايدن أمر بإرسال موارد عسكرية إضافية إلى المنطقة للتأكد من أنه في حال تعرضت إسرائيل لهجوم فإن الولايات المتحدة يمكنها أن تهب باقتدار للدفاع عنها.

كان الهجوم الذي شنته إيران في شهر نيسان مدروساً بشكل جيد مما أعطى إسرائيل وحلفاءها وقتاً ثميناً للاستعداد. يعتقد المسؤولون أن الهجوم هذه المرة قد يكون مفاجئاً أكثر وأكبر حجماً وأطول وربما يستمر لعدة أيام بدلاً من عدة ساعات كما يمكن أن يكون هجومًا منسقًا من اتجاهات متعددة يشارك فيه وكلاء إيران في العراق واليمن وسوريا ولبنان.

على مدى الأشهر العشرة الماضية استخدم مقاتلو حزب الله في لبنان طائرات بدون طيار تحلق على ارتفاع منخفض وسريعة متفجرة لضرب مواقع عسكرية ومنازل متجنبين أنظمة الدفاع الجوي التي تتباهى بها إسرائيل والمصممة لتحديد واعتراض الصواريخ التقليدية التي تحلق على ارتفاعات أعلى وعلى طول مسارات طيران خطية. ويقول خبراء الأسلحة إن مثل هذه الطائرات بدون طيار يمكن أن تشكل خطراً كبيراً إذا ما تم إطلاقها بأعداد كبيرة.

وقال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في خطاب ألقاه يوم الأربعاء: "ردنا قادم وسيكون قويًا ومؤثرًا وفعالًا".

كما يمكن للحزب أن يستخدم ذخائر بعيدة المدى يدّعي امتلاكها ولكنه لم يعرضها علناً. ومن المحتمل أن يكون لصد مثل هذا الوابل ثمن باهظ بالنسبة لإسرائيل حيث تبلغ تكلفة اعتراض القبة الحديدية حوالي 30,000 دولار لكل اعتراض أما صاروخ "آرو 3" المصمم لإسقاط الصواريخ الباليستية فتقدر تكلفة اعتراضه بحوالي 3 ملايين دولار لكل اعتراض.

ووفقاً ليوئيل غوزانسكي وهو مسؤول سابق في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي ويعمل الآن باحثاً بارزاً في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب فإن إسرائيل تتوقع أن حزب الله سيبدأ الهجوم وربما يطلق النار باتجاه تل أبيب ويستخدم صواريخ موجهة. وقال إن السيناريو الأسوأ سيكون هجوماً متعدد الجبهات من وكلاء إيرانيين آخرين "لتحدي حدود الأنظمة الإسرائيلية التي يمكن أن تُهزم والتي تعتمد كما رأينا في نيسان على التحالف الإقليمي للعمق الاستراتيجي". وأضاف غوزانسكي أن إسرائيل أبلغت حزب الله وإيران أن ضرب المراكز السكانية المدنية سيكون خطاً أحمر وسيستدعي ردًا قويًا.

وحذر وزير الدفاع الإسرائيلي غالانت في رسالة باللغة العربية على موقع "إكس" يوم الخميس: "إذا واصل حزب الله عدوانه فإن إسرائيل ستحاربه بكل ما أوتيت من قوة. من يلعب بالنار فليتوقع الدمار."

وذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية يوم الاثنين بعد اجتماع نتنياهو مع قادة دفاعه أن إسرائيل قد تفكر أيضا في شن هجوم وقائي ضد إيران إذا خلصت إلى أن الهجوم أصبح وشيكاً.

وكان الجنرال مايكل كوريلا رئيس القيادة المركزية الأمريكية في إسرائيل للمرة الثانية هذا الأسبوع لمناقشة التنسيق العسكري حيث تم حديثاً نشر سرب من طائرات "إف 22 رابتور" وطرادات ومدمرات بحرية وحاملة الطائرات "يو إس إس أبراهام لينكولن" والسفن المرافقة لها والتي تتجه نحو الشرق الأوسط لتحل محل مجموعة حاملة طائرات أخرى ستغادر المنطقة.

وقال إسرائيل زيف وهو لواء متقاعد شغل منصب رئيس شعبة العمليات في الجيش الإسرائيلي: "الولايات المتحدة أكثر انشغالاً مما كانت عليه في نيسان لكنها تدرك أيضاً أن الحرب الإقليمية ستؤثر على الاقتصاد ومن مصلحتها وقف التصعيد". لكنه حث القادة الإسرائيليين على عدم اعتبار الدعم الأمريكي أمرًا مفروغاً منه. وتوقع أيضًا أن تواجه إسرائيل صعوبات في الحفاظ على ائتلافها الإقليمي متماسكاً "لأنهم ليسوا جميعًا مستعدين للعمل مع نتنياهو".

وقال عبد الله الجنيد وهو محلل سياسي في البحرين إن دول الخليج العربي لا تزال تستثمر في الشراكة مع إسرائيل لاحتواء إيران لكن أي تحالف طويل الأمد يتطلب إحراز تقدم نحو حل بين إسرائيل والفلسطينيين وهو ما يرفض نتنياهو وحلفاؤه اليمينيون المتطرفون النظر فيه. وقد أعاق تعنتهم الجهود المدعومة من الولايات المتحدة لتوسيع اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل وجيرانها العرب بما في ذلك المملكة العربية السعودية. وقال جنيد إن الصراع الإقليمي الحالي يعمل على تمكين النماذج المتطرفة التي تمثلها إيران وهو ليس في مصلحة أحد.

المنشورات ذات الصلة