رأت صحيفة "The Telegraph" البريطانية أن "استعداد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتقديم الدعم العسكري لإيران في مواجهتها المتصاعدة مع إسرائيل قد يشكل كارثة استراتيجية أعظم من غزوه المشؤوم لأوكرانيا. وفي حين أن روسيا لديها تاريخ طويل من العلاقات مع طهران، إلا أنها غالباً ما شابتها الشكوك المتبادلة، خاصة من قبل الإيرانيين الذين لديهم ذكريات مريرة عن رغبة موسكو المستمرة منذ قرون في إخضاع البلاد لإرادتها.
وأضافت الصحيفة: على الرغم من ذلك، تعاون البلدان بشكل وثيق في عدد من القضايا منذ الثورة الإيرانية عام 1979، ليس أقلها على الجبهة النووية، حيث قدمت موسكو مساهمة كبيرة في بناء مفاعل بوشهر النووي الإيراني في الخليج. وقد تم الحفاظ على هذا الدعم على الرغم من تحفظات الكرملين العميقة بشأن محاولات إيران للحصول على أسلحة نووية".
وبحسب الصحيفة، "قدمت موسكو المساعدة الفنية لطهران في مجالات حساسة أخرى، مثل تطوير الصواريخ الباليستية، ومع ذلك، انتقلت العلاقة إلى مستوى جديد تمامًا منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022، عندما أجبرتها العزلة الدولية التي عانت منها موسكو نتيجة عدوانها غير المبرر على إقامة علاقات أوثق مع طهران.
وتابعت: "ساعدت طهران، التي تتمتع بخبرة كبيرة في تجنب العقوبات، روسيا على إنشاء "أسطول مظلم" من الناقلات التي لا يمكن تعقبها، مما مكّنها من الحفاظ على صادراتها الحيوية من النفط والغاز. وفي المقابل، تفاوضت موسكو على سلسلة من عقود الأسلحة المربحة مع طهران، حيث قدمت إيران دعماً عسكرياً حيوياً للمجهود الحربي الروسي في أوكرانيا، بما في ذلك الطائرات من دون طيار الإيرانية الصنع التي تستخدم بانتظام لاستهداف البنية التحتية الأوكرانية".
وأشارت الى انه، "مع تصاعد طبول الحرب بين إيران وإسرائيل، تتجه طهران إلى موسكو لرد الجميل من خلال تزويدها بالمعدات العسكرية الحيوية. ويعتقد العديد من القادة الغربيين أن التصعيد الدراماتيكي في التوترات بين إيران وإسرائيل في أعقاب اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية الأسبوع الماضي سيؤدي إلى تجدد الصراع، مع توقع أن يقوم حزب الله بتكثيف قصفه لشمال إسرائيل".
وأضافت الصحيفة: "نظراً للإذلال الذي تعرضت له إيران في نيسان، فمن المفهوم أن النظام الإيراني حريص على تعزيز دفاعاته.وبالإضافة إلى السعي للحصول على إمدادات إضافية من معدات الدفاع الجوي الروسية، تحرص إيران على الحصول على طائرات مقاتلة من طراز SU-35. وفي حين أن بوتين، بعد كل الدعم العسكري الذي قدمته إيران للمجهود الحربي في أوكرانيا، سيجد صعوبة في مقاومة نداءات طهران للمساعدة، فمن الواضح أن الزعيم الروسي لديه تحفظات بشأن دعم موقف إيران العدواني المتزايد تجاه إسرائيل. ويتجلى انزعاج الكرملين في رسالة بوتين الشخصية إلى المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، والتي يطلب فيها من إيران ضبط النفس وعدم مهاجمة المدنيين الإسرائيليين، وهو طلب مثير للسخرية إلى حد ما نظراً لعدم اهتمام موسكو بتجنب سقوط ضحايا من المدنيين في أوكرانيا".
ورأت الصحيفة أنه "بالنسبة لبوتين، فإن تقديم الدعم العسكري لإيران لا يخلو من التعقيدات، وخاصة التأثير الذي يمكن أن يخلفه على صداقته الطويلة الأمد مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وفي الواقع، فإن أي دعم عسكري يقدمه بوتين لإيران يخاطر بالإضرار بعلاقاته الثنائية المهمة مع الإسرائيليين. وهناك عامل آخر من شأنه أن يؤثر على حسابات بوتين، وهو إدراكه أنه في أي مواجهة بين إسرائيل وإيران، من المؤكد أن ينتهي الأمر بآيات الله بالخسارة".
وختمت الصحيفة: "بعد الخطأ الاستراتيجي الفادح الذي ارتكبه بوتين بشنه غزوه لأوكرانيا في عام 2022، لا يستطيع الزعيم الروسي تحمل ارتكاب خطأ كارثي آخر في الحكم من خلال دعم إيران في حرب مع إسرائيل، وهي حرب لا يملك الإيرانيون فرصة للفوز بها".