عاجل:

«يوم التحرير الثالث» للجنوب اللبناني.. خطوة أسقطت معايير تأليف الحكومة (الأنباء الكويتية)

  • ٣٨

كتب ناجي شربل وأحمد عز الدين:

كان الأحد 26 يناير عن جدارة «يوم التحرير الثالث للجنوب»، بعد 25 مايو 2000 و15 أغسطس 2006، فقد كرر الأهالي اندفاعهم لاستعادة الأرض وتحريرها من الاحتلال والتأكيد على الحق اللبناني فيها والسيادة عليها.

بالأجساد وبجموع عائلية من شباب ونسوة ورجال وأولاد، تخطى أهالي الجنوب السواتر الترابية والعوائق التي رفعها الجيش الإسرائيلي، واعتبروا أنفسهم غير معنيين بما أعلنته حكومة بنيامين نتنياهو عن حاجتها إلى شهر إضافي على الأقل للانسحاب من الأراضي اللبنانية التي توغلت فيها بعد الحرب الموسعة مع ««حزب الله» في القسم الأخير من سبتمبر الماضي.

وقد نفذ الأهالي مدفوعين بالجهتين السياسيتين اللتين تقف خلفهما حركة «أمل» و«حزب الله» الجزء الأساسي من اتفاق وقف إطلاق النار المعلن والمنفذ منذ 27 نوفمبر الماضي والمعني به لبنان، على طريقتهم.

اقتربوا من دبابات الميركافا فخر الصناعة العسكرية الإسرائيلية، حتى لامست فوهات مدافعها صدورهم، وسقط ضحايا مدنيون وعسكريون بين قتلى وجرحى ولم يتراجعوا. لا بل أجبروا حملة البنادق من الجيش الإسرائيلي على التراجع، ودخلوا قسما كبيرا من الأراضي التي كان الجيش الإسرائيلي يرفض مغادرتها.

فرض أهالي الجنوب واقعا جديدا أمس، قوامه المقاومة الشعبية للاحتلال، وتخطوا بمسافات كبرى ما يحدث في العاصمة بيروت من تعثر في تأليف أولى حكومات العهد الجديد، ونفذوا بنودا من خطاب القسم لرئيس الجمهورية العماد جوزف عون في تحرير الأرض من الاحتلال الإسرائيلي. وحققوا بأجسادهم الخالية من أي سلاح، ما عجزت عنه ترسانة «حزب الله» التي جهزها على مدى 18 سنة بعد حرب يوليو 2006، وأدت إلى نتائج كارثية على لبنان والحزب نفسه.

واستبق الأهالي مواقف المسؤولين الرسميين اللبنانيين بشجاعتهم في مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية، على انهم لقوا الدعم والتحية من رئيس الجمهورية عون والرئيس السابق إميل لحود الذي حصل التحرير في عهده عام 2000، ورئيس المجلس النيابي نبيه بري (الذي بدت بصماته واضحة في التحضير ليوم أمس، أسوة بما فعل من دعوة الأهالي للتوجه إلى الجنوب في الساعات الأولى لوقف العمليات العسكرية في 2006 بموجب القرار 1701)، رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، والرئيس المكلف تشكيل الحكومة نواف سلام، والرئيس سعد الحريري.

في المقابل، منسقة الأمم المتحدة في لبنان جينين بلاسخارت وقائد القوات الدولية العاملة في الجنوب «اليونيفيل» والجنرال الاسباني أرولدو لاثارو قالا في بيان مشترك «إن المهل الزمنية التي نص عليها اتفاق وقف إطلاق النار لم يتم الالتزام بها، والظروف غير مهيأة لعودة آمنة للمواطنين إلى قراهم على طول الخط الأزرق».

بالعودة إلى الشق الداخلي الحكومي، أدت مراوحة الاتصالات حول تشكيل الحكومة إلى الحد من موجة التفاؤل بانطلاقة العهد الجديد. وعلمت «الأنباء» أن زعيما سياسيا كبيرا أبلغ نهاية الأسبوع الماضي المرجعية الروحية لطائفته خشيته من «السير إلى المجهول»، قبل أن يعود ويطلب دعم جهود الرئيس المكلف تشكيل الحكومة نواف سلام.

وجاء التعثر في التأليف، تزامنا مع تأخير الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب، ليضع مزيدا من الضغط على الرئيس المكلف لعرض تشكيلة حكومية على رئيس الجمهورية تراعي التوازنات الداخلية ولا تستفز القوى السياسية والكتل اللبنانية.

وتبادل التهم حول مسؤولية وضع العراقيل أمام وصول التشكيلة الحكومية إلى القصر الجمهوري يوسع دائرة السجالات ويعيد الأمور إلى نقطة الصفر. وفي هذا الإطار قالت مصادر مطلعة لـ«الأنباء» إن: «تأخير تشكيل الحكومة لأكثر من أسبوع أو أسبوعين سيرفع الجدران بين الأطراف المتنازعة أكثر، فيصبح القفز فوقها متعذرا، وتغرق الحكومة التي علق عليها اللبنانيون آمالا كبيرة، في دائرة الانتظار التي درجت عليها الحكومات الأخيرة».

وتساءلت المصادر: «أمام هذا الواقع هل ستكون«اللجنة الخماسية»أمام تدخل مباشر للمرة الثالثة بعد المساعي التي بذلتها لإنجاز الملف الرئاسي، ومن ثم الاستشارات لتسمية الرئيس المكلف؟».

وأضافت: «قد يكون الأمر أصعب هذه المرة، لأنه في المرتين السابقتين كان العدد، أو الأكثرية، يكفي لحسم الأمر، أما في موضوع الحكومة فإن إبعاد فئة أو طائفة أو أكثر من كتلة يعرقل عمل الحكومة فيما لو صدرت مراسيمها، كما أنها تحتاج إلى ثقة كبيرة من المجلس النيابي لتتمكن من إحداث تغيير جذري في الاصلاح وتحريك عمل المؤسسات الغارقة في الفساد».

ورأت المصادر «أن الخلاف حول التشكيل هو سياسي أكثر مما هو حول الحقائب وتوزيعها. وثمة صراع تحت الطاولة يهدف إلى رسم توازنات سياسية جديدة للمرحلة المقبلة، بعد التطورات التي حصلت في لبنان والمنطقة، وهذا ما يعرقل تشكيل الحكومة، وبالتالي فإن القوى الحريصة على إخراج لبنان من أزمته مطالبة بإنجاح حكومة الرئيس المكلف، وتسهيل المساعي لجعل التشكيلة تخرج إلى النور، خصوصا ان لبنان يواجه تحديات غير عادية على الحدود مع الاحتلال، الذي يريد الاستفادة من حال الانقسام اللبناني لتوسيع الشرخ وخلق المزيد من الأزمات».

وقـالــت المصـــادر لـ«الأنباء»: «إسرائيل، ومن خلال محاولتها تأخير الانسحاب، أرادت التصويب على أكثر من هدف في الداخل اللبناني، من خلال وضع الجيش اللبناني أمام الاختبار الصعب بمواجهة جموع المدنيين من القرى الحدودية الذين تجمعوا بشكل عفوي أو بدفعهم من جهات معينة للعودة إلى بلداتهم لتفقدها، على الأقل لأنها غير صالحة ومقومات العيش فيها معدومة».

وفي معلومات خاصة بالمداولات المتعلقة بالتشكيلة الحكومية، ان الحزب «التقدمي الاشتراكي» أعطى اسم رجل الأعمال فايز رسامني لوزارة الأشغال العامة والنقل، وينتظر هوية الاسم الثاني الذي ذكر الرئيس المكلف انه سيطرحه لإبداء وجهة النظر فيه.

فيما اعترض تيار سياسي كبير، معتكف عن العمل السياسي حاليا، على منح حقيبة الداخلية لجهة مناوئة له، ورفض بشدة الاسم الذي طرح لإسناد حقيبة الداخلية إليه.

وفي المعلومات، أن الكتل السياسية تنتظر ان تعامل كلها بمعيار واحد، كما حصل مع «الثنائي». وجاءت تطورات الجنوب يوم الأحد لتدفع في تسريع ولادة الحكومة والحد من الشروط التي وضعت من قبل سائر الأطراف، خصوصا الرئيس المكلف الذي وضع سقوفا مرتفعة لتمثيل الكتل السياسية والأحزاب.

المنشورات ذات الصلة